العنف المنزلي.. أشكال وأساليب متعددة بحق أطفال صغار أبرياء

وصال ضهير

“يقوم بتقييدي بالسلك ويضعه في الكهرباء” هذه العبارة تذكر على ألسنة العديد من الأطفال الذين تعرضوا للعنف من قبل الأب ويتلقون حالياً الدعم النفسي في أحد المؤسسات المهتمة بذلك.

فالكثير من الأطفال يتعرضون لأحد أشكال العنف لمرة واحدة على الأقل من قبل الأب أو الأم، فحسب آخر إحصائية رسمية من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2019 أن الأطفال من الفئة العمرية 11 سنة فأقل هم الأكثر عرضة لعنف الشخص المسؤول عن الرعاية.

وأن نسبة الأطفال ما بين عمر ( (12_17 سنة) الذين تعرضوا لمرة واحدة على الأقل لأحد أنواع العنف من قبل أحد الوالدين في قطاع غزة 55.9% سواء من الأب أو الأم.

مكب النفايات

الطفل “ح.ع” يبلغ من العمر 15 عاماً من سكان مدينة رفح، أجبره والده المدمن على المخدرات على ترك المدرسة وقام بسحب ملفه نهائياً منها وتمزيقه ليجبره على العمل في مكب النفايات لتوفير النقود والطعام لهم.

“ح.ع” طفل في الصف التاسع أو الذي كان من المفترض أن يكون في الصف التاسع الأساسي أصبح مسؤول بين ليلة وضحاها عن عائلة تتكون من 12 فرداً، ووالده الذي يبلغ من العمر 38 عاماً عاطلاً عن العمل ويجلس في بيته وهو بصحة جيدة لا يشكو من أي مرض إذ يجلس  فقط ويتعاطى المخدرات.

يقول “ح.ع” أستيقظ يومياً في الساعة السادسة صباحاً وأعود بعد العشاء حتى لو كان الجو بارد والأمطار تتساقط ليس مسموحاً لي أن أجلس في المنزل تحت أي ظرف فأنا أوفر الطعام واللباس لإخوتي الصغار ووالداي من مكب النفايات.

ويضيف : “ذات يوم مرضت مرضاً شديداً وأصبحت حرارتي فوق 40 درجة ومع ذلك لم يسمح لي والدي بالبقاء في الفراش، وذهبت للعمل يومها واستيقظت وأنا في مستشفى الأوروبي” ومع ذلك لم يرحمه والده، فإذا جاء يوم ولم يأت الطفل بمبلغ معين يقوم والده بضربه وتعذيبه قضيب حديدي “سيخ”  والكثير من الأدوات الحادة ويقوم بإخراجه خارج المنزل وتقييده في السقف بسلك موصول بالكهرباء ليلة كاملة، ومن يأتي للدفاع عنه سواء من أقاربهم أو جيرانهم يقوم بضربهم بآلات حادة تستدعي تحويلهم إلى المستشفى.

ويتمنى “ح.ع” العودة للمدرسة يوماً ما كباقي الأطفال.

ضرب بالساطور

أما عن الطفل “س.أ”  والذي يبلغ من العمر 8 سنوات في الصف الثالث الابتدائي، يقول إنه تم فصله من المدرسة لأن المعلمة تقوم بضربه باستمرار وطرده من الفصل نظراً لعدم توفيره القرطاسية والزي المدرسي اللازم وذلك بسبب ظروفه المادية الصعبة.

ويقول “س.أ” أن والده يقوم بضربه وتعذيبه يومياً حتى إن قام باستئذانه لفعل شيء ما ينكر أبوه موافقته عليه ويضربه ضرباً مبرحاً.

ويضيف ” بابا يضربني بالساطور، والبربيج البلاستكي، ويعلقني عند السلك بالكهرباء”، في مرة ما جاءت عمتي للدفاع عني فقام بضربها ضرباً شديداً وطردها من المنزل.

وأكمل أن أبوه أحياناً يقوم بصفهم في طابور وضربهم وتعذيبهم جميعاً بكافة الأساليب والأشكال بدون سبب ووالدتهم معهم ولا ينفك عنهم إلا إذا قاموا بإعطائه النقود لشراء الدخان.

ومنذ أن تم طرده من المدرسة ذهب للعمل في مكب النفايات يقوم بجمع العلب الحديدية حيث يبيع كل 80 علبة بـ 1 شيكل فقط ثم يذهب لوالده بالنقود.

ومع كل الذي يتعرض له “س.أ” أكد أنه يحب والده جداً ويتمنى أن يتغير ويتوقف عن ضربهم.

الحرب هي السبب

الطفلة “س.ز” في الصف الثالث الابتدائي، تعرض منزل والدها للقصف في العدوان عام 2014 على قطاع غزة، في البداية سكنوا في بيت بالإيجار لكن الناس قاموا بطردهم لذلك لجئوا لبيت عمهم ومنذ ذلك الحين وهم يقطنون فيه.

تقول الطفلة أن أولاد عمها يقومون بضربهم ورمي الحجارة عليهم ويقولون لهم “هذا بيتنا يمكننا طركم منه في أي وقت نشاء”.

وتضيف أن زوجة عمها هي من تقوم بتحريض أولادها عليهم وتقوم بضربهم دائماً، وتتعرض “س.ز” للعنف النفسي والجسدي من قبلهم باستمرار.

وتكمل ” في حال تأخرنا عن المنزل لـ 5 دقائق تقوم زوجة عمي بإقفال الباب وحبسنا خارج المنزل طيلة الليل”.

يذكر أنه مؤخراً أصبح عمها ووالدها يقومون بضربهم وتعنيفهم هي وأخوتها بالحزام وخرطوم المياه وتعذيبهم.

للعنف أسباب

تقول الأخصائية النفسية ،مها شقفة في جمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل أنهم يستقبلون جميع حالات الأطفال المعرضين للعنف من الدرجة 1 إلى الدرجة 3 ويقومون بتقسيم المهام بينها وبين زميلاتها حسب الحالة القادمة لهن، حيث يقومون باستقبال من 15 لـ 20 حالة شهرياً.

وتؤكد شقفة أن الوضع الاقتصادي السيء هو أحد أسباب تعرض الأطفال لكافة أشكال العنف من إهمال وعنف لفظي وجسدي وعاطفي.. الخ، وأن الزوج اللامبالي ولا يتحمل مسؤولية الزواج والأبناء يعد من الأسباب القوية للعنف.

وتضيف شقفة أنهم في حال وصول طفل يتعرض للعنف لديهم فإنهم يقومون بعمل خطة تدخل سريعة حسب الحالة لديهم وتقديم الدعم والارشاد النفسي لها وثم محاولة التواصل مع الأهل ومعرفة أسباب العنف للقضاء عليه، ويحاولون قدر المستطاع كسب ثقة الأهل وتقديم الدعم النفسي لهم.

وإذا جاءهم طفل ودرجة خطورة العنف لديه 3 من المفترض سحب الطفل من الأسرة وإيداعهم في مكان مخصص لهم، ولكن نظراً لظروف مجتمعنا وأنه من الممكن أن يقتل الأب أطفاله أو زوجته يمتنعون عن هذا الاجراء ويحاولون تقديم العلاج والدعم النفسي للأب.

وتذكر مها في حال رفض الوالد الاستجابة والقدوم للعلاج يلجؤون وقتها للأم، ويقومون بتوجيهها وإعطائها كافة التعليمات اللازمة حتى تتمكن من التعامل مع زوجها ومساعدته دون أن يشعر.

تم إنجاز هذه المادة الصحفية من قبل مركز الإعلام المجتمعي، وبدعم مباشر من برنامج “سواسية” البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”: تعزيز سيادة قانون في فلسطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى