ذوات الإعاقة… ظلم وتهميش مجتمعي مستمر وفي المقابل عزيمة لا تلين
كفاح سالم
ليست ظروف الحياة وتذبذباتها التي يتعين على ذوي الإعاقة والهمم العالية مواجهتها، بل يتعين عليهم قصراً زيادة حملهم عبر مواجهة نظرة المجتمع الجائرة ومعاملته القاسية التي تفتقد في كثير من الأحيان كل معاني الأخلاق والإنسانية .
سعاد.. “اسم مستعار” لبطلة قصتنا، فهي فتاة عشرينية في مقتبل العمر لا ذنب لها على هذه البسيطة سوى أنها ولدت من ذوات الإعاقة البصيرية، نجحت بدعم والديها من طي سنوات الدراسة بكل ما فيها من ظروف وتحديات حتى وصلت إلى مرحلة الثانوية العامة الأمر الذي تطلب دخولها مدارس تدمج بين الطلاب بدون إعاقة والطلاب ذوي الإعاقة لتتلقي على عتباتها صفعة قاسية من مديرة المدرسة التي رفضت استقبالها حتى وصل بها الحال إلى وصفها “بالعمياء” التي لن تنال فرصة الالتحاق بصفوف مدرستها.
“كسرة خاطر” لم تطل آثارها حيث بالعزيمة والدعم نجحت سعاد في تجاوز هذا الموقف رغم صعوبة وقعه عليها ودعم وزارة التربية والتعليم وإصدارها قراراً بتسجيل سعاد في المدرسة التي رفضت استقبالها لتتمكن من إنهاء عامها الدراسي بنجاح.
الحياة بمصاعبها وتحدياتها ما انفكت من ملاحقة سعاد إلا أنها قد منحتها خلال سنين دراستها الجامعية هدنة محارب حيث وصفت سعاد هذه السنوات بأحلى سنوات عمرها لا سيما أنها تخرجت بدرجة امتياز من أحد التخصصات التربوية.
وعلى أبواب وظيفة الأحلام انتهت هدنة المحارب ودُقت أجراس المعركة من جديد حيث توضح سعاد أنها سمعت عن إعلان لوظيفة تناسب تخصصها الجامعي فتقدمت لامتحانها وتأهلت بجدارة للمقابلة الوظيفية وهناك تلقت من المقابلين سهاماً سامة عبر التقليل من قدراتها دون الالتفات إلى شهادتها وتقديرها العالي؛ حيث تم تقيمها بأنها شخص “غير لائق” لتسود الحياة في وجهها وقلبها من جديد.
ولأنها لم تعرف الاستسلام يوماً قررت أن تطور من مهاراتها المختلفة عبر البدء بالانخراط في دورات تدريبية مختلفة، خاصة دورات التنمية البشرية, ودورات تكنولوجيا المعلومات رغبةً منها بالاستقلال والحصول على عمل عبر العمل عن بعد وعبر شبكة الإنترنت.
وهذا ما حدث بالفعل حيث تقدمت لإحدى الوظائف المعلنة عبر الإنترنت وتم اختيارها وتوظيفها منتصرة على كل المعوقات والتحديات التي كانت تواجهها في سوق العمل بسبب إعاقتها.
سعاد تجلس الآن خلف مكتبها تمارس عملها بكل حب وشغف رغم الصعاب التي واجهتها والتي قررت أن تضعها خلفها؛ حيث اتخذت على نفسها عهداً بالمضي قدماً في طريق النجاح والتقدم.
يصف القانون الفلسطيني رقم (4) لسنة 1999 بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة أن المعوق هو الشخص المصاب بعجز كلي أو جزئي؛ خلقي أو غير خلقي وبشكل مستقر في أي من حواسه أو قدراته الجسدية أو النفسية أو العقلية إلى المدى الذي يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من الأشخاص بدون إعاقة.
يقول الحقوقي في الوحدة القانونية لحقوق الإنسان، فضل المزيني إن الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين ما زالوا يعانون من تردي مستوي الخدمات الصحية الشخصية والوقائية والعلاجية والتأهيلية بسبب غياب قانون الأشخاص ذوي الإعاقة وهو قانون رقم 4 لعام 1999م رغم مرور عشرون عاماً على صدروه؛ والسبب الأساسي لربما لاستمرار الانقسام السياسي الفلسطيني وهو عامل مهم من أجل البدئ في تطبيق هذا القانون وحصول الأشخاص ذوي الإعاقة على حقوقهم من الخدمات الرئيسية في مجال الصحة والتدريب والتأهيل والتعليم والعمل.
وأشار المزيني إلى أنه وحتى عام 2014 مازال الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين يواجهون صعوبات وتحديات لدمجهم في المجتمع، إلى جانب أن الحصار ترك أثيراً كبيراً على الأشخاص ذوي الإعاقة بسبب انتشار الفقر؛ مما أثر على مجمل العائلات في قطاع غزة لا سيما الأشخاص ذوي الإعاقة وعائلاتهم كونهم بأمس الحاجة لخدمات التأهيل والرعاية الصحية.
من جانبه أوضح مدير الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة، محمد أبو كميل أنه يتم التعامل مع هذه الفئة بشكل طبيعي على أساس أنه شخص له حقوق وواجبات، مؤكداً أن الأشخاص ذوي الإعاقة يتعرضون لعنف كبير في المجتمع سواء عنف لفظي أو حرمان مشاركة في التعليم وفي مجالات الحياة المختلفة، كما يواجهون صعوبات في التنقل وفي المشاركة بشكل سليم في المسيرة التعليمية عموماً.
تم إنجاز هذه المادة الصحفية من قبل مركز الإعلام المجتمعي، وبدعم مباشر من برنامج “سواسية” البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”: تعزيز سيادة قانون في فلسطين.