لا لإسكات الصوت السلمي بالعنف اللفظي والاعتقال الأمني

غزة – cmc- ترنيم خاطر || رغم صعوبة الأوضاع في فلسطين من الناحيتين السياسية والاجتماعية والأمنية إلا أن الكثير من السيدات حاولنّ الانخراط في العمل السياسي والاجتماعي، وأثبتن جدارة ومهنية وشجاعة عالية رغم المخاطر الجسيمة والتي قد تهدد حياتهن، وهذا يتجلى في مشاركتهن في بعض الفعاليات، والتي تعرضن في بعضها إلى الاعتداء من قبل مختلف الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

تقول الناشطة (ن. ظ) (28عاماً) تعرضت لقمع كبير فيما يتعلق بحريتي في التعبير عن الرأي وحقي في التجمع السلمي، وانتهاك يتعارض وبشكل كبير مع التخصص الذي أعشقه وقررت دراسته في جامعة الأزهر وهو القانون، فقد سلكت هذا الطريق كي أدافع من خلاله عن العدالة المسلوبة، ولإحقاق الحق، ونصرة المظلوم، ولم أكن أتخيل أنني سأكون من المنتهكة حقوقهم!”.

وتتابع الفتاة الجامعية حديثها قبل أيام من انطلاق فعالية بمناسبة يوم الأرض: “اقترحت على صديقاتي في الجامعة أن يكون لنا حضور، ونشارك بهذه المسيرة السلمية، وسرعان ما قوبل اقتراحي القبول منهن”.

جاء اليوم المحدد وهو الثلاثون من آذار من العام 2011، وتوجهت إلى الجامعة، وقبيل الظهيرة، انطلقت مع صديقاتي، وعشرات الطلبة من جامعة الأزهر، في مسيرة تحركت بمختلف شرائح وأطياف المجتمع الفلسطيني من شباب ونساء وكبار سن.

سارت الفتاة تحت أشعة الشمس الحارقة، ويزين معصمها علم فلسطين، ومعها جموع من المشاركين يجمعهم هدف مشترك يتمثل في ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني البغيض؛ وبدأت بالهتاف” بالروح بالدم نفديك يا فلسطين، الشعب يريد إنهاء الانقسام، الشعب يريد الوحدة”، بصوت عالي يعبر عن كمية الوجع والألم الناجم عن استمرار الانقسام الفلسطيني في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وتواصل حديثها بتنهيدة حزينة: “ما أن وصلت المسيرة السلمية إلى تقاطع الطيران في شارع الثلاثيني، حتى داهمهم عشرات من رجال الشرطة التابعة للحكومة المقال (حكومة حماس) التي تواجدت في المكان، وكان البعض منهم يرتدي الزي العسكري، والبعض الآخر يرتدي زياً مدنياً، وانهالوا بالضرب على المشاركين، بالهراوات والعصي والكرابيج، إلا أن ذلك لم يوقفنا، واستمرت المسيرة رغم الألم، وسياط الجلادين، وغلظة قلوبهم، وعلا صوت المشاركين بشكل.

لكن سرعان ما تزايد أعداد رجال الشرطة في المكان مع وصولنا إلى مفترق السرايا في شارع الجلاء، واستمروا في الاعتداء على المشاركين، بالضرب والشتم، ورش بخاخ في أعين المتظاهرين، وبدأ أفراد الشرطة بالصراخ علينا ومطالبتنا بمغادرة المكان، ما أدى إلى تفريق المتواجدين، وإنهاء المسيرة.

إلا أن الأمر لم ينته بالنسبة لي عند هذا الحد حيث قامت قوة من جهاز الشرطة باصطحابي أنا وصديقاتي إلى أحد المطاعم القريبة من المكان، وانهالوا علينا ضرباً ووجهوا لنا ألفاظاً وشتائم نابية.

وتذكر (ن.ظ) كانت صديقتي تضع العلم الفلسطيني على رقبتها، وسحبه منها رجل الأمن بعنف كما صادر الهاتف المحمول لصديقتي الأخرى، وقام أحد رجال الشرطة بنزع سماعة الأذن منها ومحاولة كسرها.

بعد ذلك تم أخذنا إلى مقر سجن أنصار غرب غزة، وقام أحد المحققين بالتحقيق معنا، ووجهوا لنا ألفاظاً جارحة، وكرروا الضرب من جديد، في مناطق متفرقة من أجسادنا، وبعد ذلك تم احتجازنا لتسع ساعات بالتمام والكمال حتى تم إطلاق سراحنا”.

وتساءلت (ن.ظ) عن الذنب الذي تم اقترافه حتى نتعرض لهذه الكمية من الإهانة والاحتقار والانتهاك، فحق المواطنين في التجمع السلمي سواء كان مهرجان خطابي أو مسيرة سلمية أو اعتصام، يؤدي إلى الاستقرار والسلم الأهلي، ومنع اللجوء لأشكال التعبير العنيفة وغير الديمقراطية من قبل فئات وشرائح المجتمع التي تشعر بالظلم أو الإقصاء والتهميش، فهي  تعتبر سلاحاً مهماً في أيدي تلك الفئات لرفض قرار أو سياسة ما.

وهذا الانتهاك يتعارض مع المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي ينص على أن يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية المصلحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

صدرت هذه القصة ضمن مشروع ” الشابات يناصرن حقوقهن كحقوق انسان” @2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى