هدى, ساعدت نفسها بنفسها لتنجو
غزة/ هيا بشبش
لن تنسى هدي يوم 15/سبتمبر/2015م, فهو ذات اليوم الذي تلقت فيه بُشرى نجاة شقيقتها, من سفينة المهاجرين غير الشرعيين التي كانت تُقلها مع عائلتها إلى شواطئ أوروبا, زغاريدها و علوَ صوتها بحمد الله وشكره على نجاة أختها استفز زوجها دون مبرر, ماكان منه إلا محاصرتها في زاوية المنزل وضربها بهمجية.
هدى (32 عاماً), تسكن في مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة, تزوجت في السادسة عشر من عمرها, أمٌ لخمسة أطفال تقول :” كان العام الأول من زواجي خالياً من المشاكل, ومن ثم تغير الحال فأصبح زوجي يضربني بعنف دون مبرر, سوى أنه غاضب”.
تعيش هدى في منزل العائلة الذي حرمها من ممارسة حياتها اليومية بشكل طبيعي حسب تعبيرها, وتضيف :” لا يسمح لي زوجي الخروج من المنزل, إلا برفقة شقيقته, أو أي شخص آخر” , موضحة أنه بعد وقوع حادثة بين عائلة زوجها, وعائلة أخرى, راح ضحيتها إنسان برئ, انقلب حال زوجها, معللة ذلك بأن أباه كان قد قُتل بنفس الطريقة.
بأصابع ذابلة مرتخية, تشير هدى لآثار الضرب على جسدها قائلة:” كل منطقة في جسدي تعرضت للضرب والتعذيب باستمرار, إلى أن أصبحت أعاني من إرتخاء في أصابع اليد, والصداع المزمن”.
بعين دامعة تستذكر هدى :” في العدوان الأخير على قطاع غزة, وفي اليوم الرابع ضربني زوجي بآلة حادة “المنشتر” مما تسبب لي بجروح بالغة, ومن ثم رماني بكأس من الزجاج, هربتُ من البيت بالملابس المنزلية وأحتميت بالجيران” .
الأخصائية الاجتماعية جواهر بركات, تؤكد أن تزويج الفتاة تحت سن ال20 يجعل شخصيتها ضعيفة، فالفتاة في هذا العمر تفتقر للثقافة, والنضج, والتعليم, ولا تَعلم عن الحياة إلا القليل, وبالتالي عند تعرضها للعنف تتجه لحلول خاطئة, أو تصمت خوفاً من المجتمع الذي يعتبرها المتهمة الأولي في المشكلة وهي المسبب لها.
تضيف: ” أغلب من يتزوجن زواج مبكر يعانين من العنف اللفظي, أو الجسدي, وفي بعض الأحيان يصل الأمر للعنف الجنسي, وتضع المرأة نفسها في موضع المضحية من أجل أبنائها دون البحث عن حل لهذا العنف، وفي أحيان قليلة تبدأ عملية بحث عن حل, وتلجأ لأهلها لتُطلق في نهاية المطاف، أو تنتج عن ذلك مشاكل كبيرة بين العائلتين دون الوصول لحل منطقي ” .
بركات تنعي سبب تعرض المرأة للعنف إلى, ” قلة التوعية القانونية والحقوقية, مما يعرضها للعنف بصورة دائمة, ويجعل منها فريسة سهلة للمجتمع الذكوري, الذي تعيش فيه, والذي يجعل منها المُعَنَفة الأولى, ومحل التفريغ الأول, الذي يلجأ له الرجل عند أول ضغط يواجهه ” .
معاناة هدى المزمنة والمستمرة منذ سنوات, دفعتها أخيراً لطرق باب الحل, و اكتساب الشجاعة للتوجه إلى المؤسسات النسوية المعنية بتقديم العون النفسي والقانوني للنساء, ” حياتي الآن أفضل مما سبق, هناك بعض التطور الايجابي في علاقتي بزوجي, وأشعر بتحسن ملحوظ في حياتي الزوجية, وأسعى بجد لوضع حد نهائي لعنف زوجي “.
وبابتسامة خجولة تصف حياتها اليوم: ” أصبحت أفرض رأيي في بعض المواقف, وأصبحت قادرة على التعامل مع زوجي الغاضب وأولادي الخائفين, أشعر بأني لي كيان وقيمة, وهذا الشعور يغمرني بالسعادة, كما أنني أشعر بالامتنان لهذه المؤسسة التي ساعدتني”.
تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)