زوجات الشهداء في غزة … رحلة معاناة تبدأ بعد الفقد

 

غزة- دعاء أبو جزر

فقدنّ الحياةَ والسَّكن بعدما فقدنَ الزَّوجَ والشَّريك وكأن الرابط الذي يجمعهنَّ بجدران منازلهن جسد تُغلق بعد وفاته كل الأبواب ويُطردن من داخله  ليجلسنَ وأطفالهنَّ على أرصفة الشوارع وبين عنابر المحاكم  وجوههنَّ شاحبة لا تعرف النوم أو الراحة ولا يتوقفن عن التفكير بالواقع الذي فرض نفسه .

” كنت من أسعد النساء حتَّى فقدت زوجي وبدأت الأطماع علىَّ وعلى أموال الأيتام وممتلكاتنا حتَّى ضاقت بي الحياة وحده  شعور الموت الذي يُلاحقني بعدما فقدت الزوج والأمان والسَّند  في الحرب ” بهذه الكلمات بدأت ” أم خالد ” قصَّتها وكيف أنَّها خسرت كل الأشياء بلحظة وعاشت الظلم من ذوي القربي

اجبار على الزواج

تابعت : ” تزوجَّت قبل ثلاثة عشر عاماً حتى استشهد زوجي في الحرب الأخيرة على غزة وبعد فقده بأسابيع وفور انتهاء العدة أجبرت على الزواج من شقيقه والذي يصغرني بسبع أعوام ، كان الزواج بمثابة المستحيل لكن  وأمام الضغط من عائلتي وأهله ورغم معرفتي بأنه سيكون مقبرة لي فور الدخول فيه قبلت  للحفاظ على بقاء الأطفال في حضانتي خاصة وأننا نعيش بداخل مجتمع  يعيش على العيب والعادات والتقاليد.

وتُكمــل أسبوعين فقط حتَّى عشت أسوأ أيَّام حياتي كان يربطني داخل حجرة النوم ويُغلق الباب ويتركني لساعات كى أطلب الطلاق وأتنازل عن حقوقي كاملة وأخسر وصاية الأطفال ، لم أتمكن من الصَّبر فقد الشعور بالحياة وتحوَّلت حياتي لجهنَّم حتَّى تنازلت عن كل شيء وفقدت أطفالي .

الجرح مُضاعف

” مريم 27 عاماً ”  ” وزهرة 32 ”  يعشن في طابقٍ واحد داخل عمارةٍ سكنيَّة للعائلة   استشهد أزواجهنَّ في ليلةٍ واحدة  خلال الحرب الأخيرة على غزة ورغم حجم الفاجعة وقسوة الفقد الذي عايشنه بلحظة الا أنَّ القسوة تزداد مرارة حين يُعاملن بها من القريب ، ولم يمضي اليوم الثالث من العزاء حتَّى توعَّد العم بعدم بقاء أي زوجة منهم داخل منزله وعند استنكارهم لقراره وعدم تقبُّل عوائلهم لقراره  خاصة وأن الواحدة قد عاشت فيه عقد وأكثر زاد من عناده و قام بقذف ملابسهم ومستلزماتهم  خارجه وترك أحفاده تحت وصايته ومنعهن من رؤية الأطفال لدرجةِ أنَّه بدأ في اختلاق القصص حولهن أو السكوت عن المطالبة بحقوقهن  .

مساومة للقبـــول

لم تختلف ” سميرة ” عن سابقاتها اذ أنها وبعد استشهادِ زوجها أُجبرت على الزواج من شقيقه المتزوِّج وبحجرةٍ واحدة  تشترك فيها وزوجتهِ الأولى وذلك لإهانتها والضغط عليها بالتنازل عن حقوقها كاملة ومع فظاعة الطلب رفضت ” سميرة ”  حديث أهل زوجها وطلبت منهم بالسماح لها ببناء قطعة الأرض المجاورة لهم والتي اشتراها زوجها قبل موته لكنَّهم رفضوا وأصرّواَ على الطلب للضغط عليها والتنازل عن بقيَّة حقوقها بما فيها الأطفال والأرض وأموال الأيتام ورُغم توجَّهها للقانون ومحاولاتها اشراك القانون في العنف الذي تعيشه الا أنَّها تخلَّت  وفي منتصف الطريق عن الدعوة  التي تقدَّمت بها بعد تدخل بعض أقربائها والضغط عليها بحجة أنَّها  تسيء لأطفالها وهى تتنقل بالمحاكم ضد جدِّهم .

 

القانون الفلسطيني يحتاج تقويم

المحاميَّة ” حميدة الطهراوي”  أوضحت الى أنَّ القضايا المتعلقة بزوجات الشهداء والنساء الأرامل بدأت وخلال السنوات الأخيرة  تعُج بالمحاكم الفلسطينيَّة لاسيما بعد تعدد الحروب على غزة  ، ورُغم الزخم الكبيـــر لها الا أنَّ مُعالجتها تمُر بمرحلة بطيئة على غير المطلوب

وتُكمل ” المشكلة ليست فقط في القانون والمواد التي بحاجة الى تقويم وتصحيح لكنها أيضاً  تكمُن في جهل بعض النساء بأنهنًّ الأقوى بين أطراف القضيَّة ومن السَّهل الحصول على حقوقهنَّ اذا اكتملت كافَّة التفاصيل وتمسَّكن بحقوقهنَّ, لكن وبكل سهولة وبسبب الخوف وضغوطات عائلية يضطررن الى وقف القضية والتنازل عن الحقوق الخاصَّة بهن .

رأي الشرع في هذه التصرفات من اجبار النساء والاستحواذ على اموال اليتيم

تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى