أحلام محطمة وأرواح مغتصبة بغطاء شرعي وقانونيْ ..!
أحمد رحمي- رناد غياضة – CMC
لم تكن تعلم “نور” ابنة الرابعة والعشرون عاما أنّ وسادَتَها الخالية سيحتلُها يوم ٍما من لا يهواهُ قلبُها ولا ترضاهُ روحُها, فعاشت حبيسة الروح مغتصبة الإرادة، ، حتى قررت الطلاق بعد عامين من الزواج كابدت فيهما شتى ألوان العذاب جسدياً ونفسياً.
قرارها جاء بعد محاولات عدة للتأقلم معه منذ تزوجته بعمر السابعة عشر حينما فرض عليها والدها الزواج من ابن عمها ، وتقول بكلمات متقطعة :” لم أكن أحبّه رغم قول الجميع منذ صغرنا “نور لمحمد ” حيث كانت تلك العبارة تثير غضبي واشمئزازي ” ،مضيفة :” بعدما تقدم شاب لخطبتي تدخل ابن عمي فورا وطلب يدي رسميا من والدي الذي استجاب لطلبة دون الرجوع لأخذ رأي من مبدأ (ابن العم أولى من الغريب ) .
وأكملت:” قلتُ لأبي لا أريد ابن عمّي وعندما أخبره بذلك جاء لمنزلنا وضربني أمام أبي وإخوتي دون أن يتدخل منهم أحد لما تحكم بها العادات والتقاليد، ورغم إصراري على الرفض لم يكن أمام أبي إلا حبسي في غرفتي إلى موعد الزفاف الذي تفاجأت فيه عندما جاءت أمي وخالاتي بجهاز العروس والبدلة البيضاء” .
حالة نور تشبهها الكثير من الحكايات من منطلق العادات التي لازالت بعد العائلات تنتهجها في غصب الفتاة على الزواج من ابن عمها ، لذا تطرقنا لهذه القضية لمعرفة حكم الشريعة ، بالإضافة إلى الاثار النفسية التي تقع على الفتاة.
*** أدمنت المخدرات واجهضت
لم تنته حكاية نور فقد روت أنها لم تطلب الطلاق الا بعد محاولات فاشلة للتفاهم مع زوجها كان يقابلها بالضرب والعنف اليومي واجبارها على تعاطي العقاقير المخدرة ، إلى جانب أن معاملته كانت تزداد سوءا يوم بعد اخر ويشك بوجود شخص اخر في حياتها تريد الزواج منه.
انتهت حياة الشابة مع ابن عمها بعدما سلب منها اغلى ما تملكه بحد وصفها ، فقد استئصل رحمها بعدما حملت في احشائها جنينا اضطرت الى اجهاضه جراء تعرضها للضرب المبرح فحرمت الامومة .
وإلى قصة واقعية اخرى للشابة إيمان .ص – 24 عاما – فقد حلمت كثيرا بالشهادات العليا لاسيما وأنها متفوقة في دراستها ، لكن الواقع المفروض عليها أكبر من طموحها حينما تقدم للزواج منها طبيب فهو يعتبر “لقطة” بالنسبة لبقية الفتيات بينما هي ترفضه مفضلة العلم .
رفضها كان صدمة لذويها فهم يخشون أن يفوتها قطار الزواج وتصبح “عانس” من وجهة نظر المجتمع حتى اصروا عليها ، تقول بنبرة حزن تصف ما عاشته :” اصر اهلي على تزويجي الشاب كونه طبيب وصاحب مركز رفيع حسب وجهة نظرهم (..) بعد اصرارهم طلبت أن تكون فترة الخطوبة طويلة للتعرف عليه “.
وتضيف:” بعد تسعة أشهر من الخطوبة قررت الانفصال عنه، لكنّ والدي أجبرني خوفا من “كلام الناس” وتم الزواجْ الذي لم يستمر سوى 12 يوماً ثم هربتُ من منزله ولم يرني إلا في المحكمة التي طالبتني بدفع مبلغ ثلاثة آلاف دينار للافتداء منه والتنازل عن حقوقي كاملة “.
*** الاحباط والاكتئاب
ولمعرفة الاثار النفسية التي تقع على الفتاة بعد زواج الغصب ذكر اسماعيل أبو ركاب الاختصاصي النفسي أن زواج الغصب يؤثر في العلاقة الزوجية كونه يسبب العديد من المشكلات النفسية كالإحباط والاكتئاب والتقوقع وبالتالي يؤثر على سلوكيات الزوجين في التعامل بينهما ومع ذويهما .
وأوضح أن زواج الغصب قد يؤدي إلى اغتصاب الرجل زوجته في الليلة الاولى مما يجعلها تنظر إلى الحياة نظرة سوداوية ناتجة من الخلل العاطفي الذي يعد أساس الحياة الإنسانية القائمة على المودة والرحمة الأمر الذي قد يدفعها للانتقام.
وإلى موقف الشريعة الاسلامية يقول خضر العشي المأذون الشرعي: إنّ الزواج علاقة إنسانية قائمة على التراضي بشرطي القبول والإيجاب وكل زواج قائم على الإكراه باطل شرعاً لأنّه عندما يقدم طلب الزواج يسأل القاضي الشرعي الفتاة إن كانت موافقة أم لا.
وأضاف:” في حال تبين أن الفتاة مكرهة على الزواج فإن القاضي لا يزوجها ، رغم أن حماية الأشخاص ليست من مسؤولية المحاكم الشرعية”، مبينا ان إكراه الفتاة يتم عادة بوسيلة تهديد معينة بالأذى كأن تهدد الفتاة بالقتل من قبل ولي أمرها إذا أمسك بمسدس وتدرك مقدرته على تنفيذ تهديده مما يضطرها على الموافقة.
ونصح العشي الفتيات بالقبول بالشاب طبقا لما نادى به الرسول الكريم ” إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ألا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير”.
نهاية :عندما يكون الزواج ممراً إجبارياً للإنسان يتحوّل به القفصُ الذهبي إلى سجن فيه شتى ألوان العذاب، ويأتي الأولاد في علاقة أسرية غيرُ مستقرة ، يسأل حينهاَ الأولاد مرة أخرى لماذا لم تدقوا جدران الخزان ؟ وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ؟
الرابط المختصر : http://ywjournalists.org/ar/?p=169