الأطفال ذوي الإعاقة يتعرضون لعنف مضاعف في مجتمع غير مؤهل لرعايتهم

رغدة ماضي – مركز الإعلام المجتمعي – مارس 2022

لا يوجد أي مبرر لاستخدام العنف مع الأطفال بشكل عام فهو لا يمثل حلاً لأي مشكلة مهما كانت،  والأسرة هي بنية الأبناء الأولى عندما تقوم بدورها في رعايتهم وتخرجهم للمجتمع أشخاص صالحين لاستكمال حياتهم بشكل صحي وسليم في المجتمع.

ويزداد أهمية الأسرة خاصةً للأطفال ذوي الإعاقة، حيث أنهم معرضين بشكل أكبر لأشكال مختلفة من العنف بسبب عدم الوعي من قبل المجتمع والأسرة، وعدم ادماجهم بشكل كامل في المجتمع.

مهند .ك يبلغ من العمر 14عاماً من ذوي الإعاقة تتركه والدته في الشارع كعقاب له على شجاره الدائم معها بدلاً من أن تعرف أسباب ذلك وكيفية إصلاحه أو التفاهم معه.

تقول إحدى جارته المقربين أن مهند يعاني من التوحد وتأخر في النطق منذ صغره وعندما يبدأ بالصراخ تقوم والدته بطرده من المنزل وتمنعه من الدخول حتى أنه عندما يريد شرب الماء أو الأكل تضعه أمام باب المنزل في الخارج ليأكل ويعود إلى الشارع ولا يعود إلا بعودة أبيه من العمل.

وأشارت أن مهند كأحد أطفال ذوي الاعاقة يجب أن تكون المعاملة معه لينة، حيث تسببت معاملة والدته القاسية له بمشكلات وضغوط نفسية وعندما يتحدث مع اي شخص في الشارع يقول أنه يكره والدته ودائماً يتردد على لسانه اسمها وبعدها يبدأ بشتمها ويصرح لها  “بكرهك “.

ولا يختلف حال مهند عن الطفل محمود من ذوي الإعاقة العقلية حيث تقوم والدته بربطه على كرسي كي لا يتحرك فهو كما فسرت  لنا كثير الحركة لا يعرف الجلوس في مكان واحد ولا يميز الأشياء عن بعضها وتخاف عليه من إيذاء نفسه.

وكذلك الحال للطفلة ريهام ابنة 13 عاماً وهي من ذوي الإعاقة الحركية التي تمنعها من المشي، تقول ريهام “اعاقتي الحركية منعتني من اكمال تعليمي في البداية حيث كان أحد أفراد أسرتي يقوم يتوصيلي إلى المدرسة ولكن يبدو أنهم قد مل من ذهابي إلى المدرسة فبدأت العائلة تطلب مني أن أغيب عن المدرسة إلى أن تم رفضي من المدرسة بسبب إهمال الأهل.

وبينت ريهام في حديثها أن المعلمة قالت لوالدها بأنها بطيئة في الكتابة ولا تستطيع الإلحاق مع زملائها بالكتابة وبحاجة الى مكان اخر مناسب لها في وقتها، فردت والدتها أن جلوسها في المنزل أسهل وأوفر  لعدم مقدرتهم على مرافقتها كل يوم إلى المدرسة.

وأكملت ريهام أن والدها وعدها بأن يضعها في مدرسة مناسبة لها ولكن مرت سنة تلو الأخرى والعمر يمر ولم يقم أبي في تسجيلي لأكمل تعليمي وعندما سألته  قال لي ” انت مش هتنفعي تعملي اشيء، فلماذا تكملي دراستك”؟!

تكشف الأخصائية الاجتماعية والنفسية، ختام عودة أنّ الأطفال ذوي الإعاقة هم الحلقة الأضعف في المجتمع والاكثر حساسية فما يتعرض له من عنف وسوء معاملة يرقى في بعض الحالات الى مستوى التعذيب مبينة أنه خلال الاعوام الماضية تم رصد حالات عدة من العنف الشديد ضد أشخاص من ذوي الإعاقات المختلفة.

واضافت عودة  يوجد مؤسسات خاصة تتابع الحالات التي تتعرض  للعنف  والإساءة ضد ذوي الاعاقة التي يتم الابلاغ عنها لكنها أقل بكثير من الحالات التي تحصل على أرض الواقع ولا أحد يعلم بها.

وبينت عودةً ان في الغالب  يتمّ تشخيص حالات العنف الجسدي من خلال كدمات في الجسم او كثرة التأتأة  أو التبول اللاإرادي وغالبا من بعض الحركات والتصرفات الغريبة التي يقوم بها الطفل مؤكدة ان ضعفهم الجسدي الناتج عن الإعاقة وعدم قدرتهم على الهرب، والأشخاص ذوي الإعاقة السمعية  يواجهون صعوبات في التعبير عن المخاطر المحيطة بهم، وكذلك الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية لم يتمكنوا وصف الشخص الذي قام بالإعتداء عليهم، والأطفال ذوي الإعاقة العقلية والنفسية يجدوا صعوبة بالتعبير عن طبيعة الاعتداء الذي تعرضوا له بحيث يشكلون هدفا سهلا لمرتكبي الايذاء ضدهم.

وأكدت عودة أنه لا يوجد أي مبرر للاهل لايذاء الطفل جسدياً واهمالهم عاطفياً فهذا الطفل ما يمكنه فهم ما تقوله في بعض الاحيان او التركيز على ما تتحدثه لذلك على المجتمعات ان تشتغل على نفسها من اجل الطفل من ذوي الاعاقة وارضاءه اه لانه الحلقة الاضعف والاكثر فرط للحساسية ولا يحب نظرة الشفقة له مشيرا الى ان الابحاث والدراسات اثبتت ان كل الازمات سواء السياسية او الاقتصادية او الاوبئة تزيد من العنف بكل اشكاله لدى الاهل والطفل بشكل عام وللأشخاص ذوي الإعاقة تؤدي الى اضطرابات نفسية وخوف وقلق كما شاهدنا مع ازمة كورونا زاد العنف اللفظي والجسدي الاسري والمجتمعي بنسبة عالية

من ناحيته أوضح الناشط في حقوق الإنسان، بلال خير الدين أن القوانين التي تحمي حقوق الطفل في الأراضي الفلسطينية بشكل عام، قانون الطفل الفلسطيني رقم ٧  لسنة ٢٠٠٤، وقانون الأشخاص ذوي الإعاقة لعام ١٩٩٩، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 ، والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2006، بالإضافة للقانون الاساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 ، وهو الضامن والحامي لكل الحقوق والحريات بشكل عام والمعمول به وبالاخص المتعلقة بحقوق الطفل ، وأيضا قوانين العقوبات المعمول به في الأراضي الفلسطينية سواء بالضفة الغربية أو قطاع غزة، فيه عقوبات واضحة ضد اي من يرتكب انتهاكات في حقوق الأطفال ويشمل الأطفال بدون إعاقة والأطفال ذوى الاعاقة ، وللاسف الشديد لدينا منظومة قانونية جيدة ، لكن المشكلة تقع في تطبيق هذه النصوص ومدى التزام السلطة التنفيذية في تطبيقها، حيث أنه بموجب الانظمام للاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي اإعاقة والتي انضمت لها دولة فلسطين عام 2014 يلزم الدولة العضو بإعمال كافة الحقوق وتقديم الخدمات المختلفة للأشخاص ذوي الإعاقة ،وهو الأمر الذي لم يحدث حتى اللحظة بالمعنى الحقيقي مما يتطلب من السلطة اتخاذ الاجراءات اللازمة لتعديل القوانين المعمول بها حاليا وفقا للالتزامات الدولية.

ونوه خير الدين أن السلطة التنفيذية ينقصها تطبيق النصوص الموجودة ، والتي تنصف الاطفال وبالاخص الاطفال من ذوي الاعاقة وفقا لقانون الطفل الفلسطيني ، وتفعيل دور دائرة حماية الاسرة والطفولة التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية في هذا الإطار.

وأضاف خير الدين بانه يوجد دائرة حماية الاسرة والطفولة وكذلك عدد كبير من المؤسسات الفلسطينية الاهلية المختصة في رعاية ذوي الاعاقة بشكل عام والطفل ، لكن حتى اللحظة لا نستطيع  الوصول لأعداد وأرقام واضحة حول الانتهاكات التي تتم بشكل مستمر ، بسبب ضعف أدوات الرصد للانتهاكات التي يتعرض لها الطفل الفلسطيني

وقال خير الدين بانه ليس من السهل ان نعتبر العنف لذوي الإعاقة في المجتمع ظاهرة موجودة رغم وجود تقارير تؤكد وتشير إلى وجود جرائم عنف ضد الأطفال ومن ذوي الإعاقة على وجه الخصوص.

وهناك جانب اخر مشرق في تعامل الاهل واحترامهم لذوي الإعاقة حيث قالت نور فتاة من محافظة رفح عمرها 22 عاماً وهي من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية وهي تستخدم الأدوات المساعدة لتنقل على كرسي متحرك ورغم إعاقتها فهي مؤمنة بأنها تستطيع أن تكون مؤثرة وصاحبة رسالة في المجتمع من خلال ما تنشره على مواقع التواصل الاجتماعي.

تُمضي نور معظم وقتها في المنزل مع أهلها الذين لا يبخلون عليها بالرعاية والحب والاهتمام، وتعتقد أن طريقة التعامل مع الاشخاص ذوي الاعاقة في المجتمع لا تزال قاصرة وخاصة مع الفتيات، إذ إن الأهل يخجلون من بناتهم ذوات الإعاقة، ما يؤدي إلى سلبهن حقوقهن حتى وإن كان ذلك عن غير قصد لدواعي قلة الوعي.

تقول نور  “تعتبر عائلتي استثناء في المجتمع إذ إن معظم الأهالي يتعاملون مع أبنائهم من ذوي الإعاقة وكأنهم وصمة عار، ويكون الموضوع أكثر إحراجاً فيما لو كان الشخص المعني فتاة، فيخجلون منها ويحرمونها من أبسط حقوقها، وغالباً ما يحبسونها في المنزل، خشية من نظرة المجتمع والتعليقات التي لا ترحم” على حدّ تعبيرها.

تم إنجاز هذه المادة الصحفية من قبل مركز الإعلام المجتمعي، وبدعم مباشر من برنامج “سواسية” البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”: تعزيز سيادة قانون في فلسطين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى