قضايا المرأة في عين الإعلام
غزة_CMC_ولاء فروانة
على الرغم من ضعف تعاطي الصحافة المحلية مع قضايا النساء، خاصة المعنفات منهن، إلا أن أطر نسوية وناشطات استطعن تحقيق طفرات نوعية في هذا المجال، ورفعن من مستوى وشكل تعاطي المجتمع بمختلف فئاته مع تلك القضايا.
فكانت المراكز والمؤسسات التي احتضنت النساء، وانطلقت المشاريع التوعوية، التي نادت وتنادي بنصرة المرأة، ولأول مرة جهرت النساء المعنفات بصوتهن، وطالبن بحقوقهن.
غير أن طموح النساء في هذا المجال لازال كبيراً، ولازالت الناشطات يطرقن أبواب وسائل الإعلام، طمعا في منح النساء اهتماماً أكبر.
تقصير واضح
يقول الصحافي محمد الجمل مراسل صحيفة “الأيام” المحلية في مناطق جنوب قطاع غزة، إن ثمة تقصير واضح وقديم في متابعة الكثير من القضايا في وسائل الإعلام المحلية، سواء المقروءة والمسموعة أو حتى المرئية، وهذا التقصير يشمل قضايا المرأة والطفل والبطالة والشباب، والتثقيف وغيرها.
وأكد الجمل أن هذا التقصير غير مرر مطلقاً، ولا يمكن قبوله، غير أن ثمة بعض الأسباب دفعت لحدوثه، أهما أن الصحافة في فلسطين وقطاع غزة توسم بأنها صحافة صراع، رجالاتها منشغلون بتغطية الحروب والنزاعات سواء المسلحة أو السياسية.
وأوضح الجمل أن الأمر بحاجة إلى إعادة تقييم، وللتغلب على هذه الإشكالية يجب أولا وضع إستراتيجية وطنية من قبل رأس الهرم الإعلامي، كوزارة الإعلام المغيبة “مكتب الإعلام الحكومي”، أو حتى النقابة، ويتم النقاش مع رؤساء التحرير من أجل تخصيص 25% على الأقل من المساحة الزمنية أو الفعلية لتسليط الضوء على القضايا المذكورة، ومن بينها قضايا النساء.
وبين الجمل أن الأمر بحاجة إلى عادة تأهيل لبعض الصحافيين اللذين تمرسوا في تغطية الصراعات، وابتعدوا عن الجوانب الاجتماعية الهامة، ومساعدتهم من أجل البدء بتغلغل في المجتمع المليء بالمشاكل، والبحث عن هموم الفئات المهمشة والفقيرة، لكي تؤدي الصحافة الفلسطينية دورها الاجتماعي، وتكون صاحبة كلمة في إحداث التغيير الايجابي.
المرأة مظلومة
أما الإعلامية والناشطة ليلى المدلل، رئيس مجلس إدارة ملتقى إعلاميات الجنوب في مدينة رفح، فقالت “إن جميع قضايا المرأة بشكل عام لا تأخذ حقها في التغطية في الإعلام الفلسطيني، وكذلك الأمر أيضاً بالنسبة لقضايا العنف ضد النساء، والأخيرة الأكثر ظلماً.
وأشارت إلى أن المشكلة تكمن في أن السلطة والمؤسسات الحكومية والأهلية طالما تغنت بشعارات رنانة “المرأة نصف المجتمع” و”النساء شريكات في النضال والبناء”، لكن عند الممارسة العملية نجد الأمر يختلف، فنصيب النساء وقضاياهن التهميش والظلم، والإعلام بشكل عام هو جزء من منظومة التهميش التي تتعرض لها النساء في فلسطين عامة وقطاع غزة على وجه الخصوص.
وأكدت أن فساد المنظومة وبطلانها يتطلب خطوات عملية لحل الأزمة، فعلي الصعيد الآني يجب أن تبادر وسائل الإعلام للعمل على نصرة المرأة وقضاياها، وعلى الصعيد المستقبلي، يجب بناء جيل يحترم المرأة كنصف المجتمع، بدءاً من المرحلة الابتدائية وليست انتهاءاً بالجامعية، فالمجتمع العربي والفلسطيني الذكوري، يمارس ظلم متتالي على المرأة منذ ما قبل الوالدة، فعبوس وجه الأب حين تخبره طبيبة النساء والولاة أن الجنين في بطن زوجته أنثى، هو أول حلقات التمييز والظلم، الذي ستواصل سنوات وعقود بحق الأنثى.
إعلام ذكوري رديء
أما الباحث عماد محسن فذكر أن الإعلام في المجتمع الفلسطيني رديء وهو ذكوري، ويقدم المرأة على أنها زوجة الشهيد وشقيقة الأسير، مهمشاً دورها في المواقف القيادية راسماً صورة الضحية لها فقط، معظم صور المرأة الفلسطينية التي خرجت للإعلام العالمي ظهرت من خلاله الباكية المغلوب على أمرها، على الرغم من أن الحركة الوطنية الفلسطينية مليئة بالمناضلات اللواتي قدمت نماذج بطولية يحتذي بها.
وأرجع أسباب القصور إلي غياب الوعي والى الأفكار الأيدلوجية التي تعمل على تقديم المرأة ككيان تابع بشكل مطلق، واصفا غياب قضايا المرأة بالقصور وليس التعتيم المقصود، فيغلب على الأعلام الفلسطيني اهتمامه بالقضايا السياسية.
ولكي يتحسن الدور الإعلامي لقضايا المرأة قال محسن: ” يجب أن تتغير موازين القوى، وأن تكون النهضة من طرف المرأة وداعميها ومن يناصرها، وكل من يستشعر بالمسؤولية تجاه المرأة وقضاياها والوقوف بجانبها”.
وأكد محسن أن الوصول للغاية المنشودة بحاجة إلى وقت وجهد من النساء أنفسهن وكل من يساندهن من الذكور، فالمجتمع ككل لازال ينظر للمرأة نظرة أقل مما يجب.
تطور بطىء
وعلى الرغم مما سبق، إلا النساء في فلسطين وقطاع غزة حققت خطوات متقدمة في التغلب على الكثير من القضايا، واستطعن محاربة الصورة النمطية التي وضعها المجتمع الذكوري فيها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر استطاعت الفتيات اقتحام مجالات كانت لعقود حصرا على الذكور كالهندسة والطب والإعلام، ولأول مرة بتنا نرى المرأة على رأس مؤسسات في الدولة وخارجها، وبات هناك حركات نسائية تجهر بالمطالبة بحقوق النساء، وهو أمر غير معهود سابقاً.
ورغم أن التطور في إعطاء المرأة حقوقها بطىء، وتقبل المجتمع لتطور دور النساء متردد، إلا أن التوقعات والآمال بوصول الدور إلى درجة مقبولة يبقى قائما، على قاعدة “ما ضاع حق خلفه مطالب”.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)