الحجر المنزلي منحة يجب استثمارها ومحنة في انتظار الخلاص منها
سعاد النواجحة ــــ CMC
نيسان/2020
الإنسان كائن يحب التحليق يكره السجن ويحلم بالحرية وأنا وزوجتي من الأشخاص العمليين الذين نقضي معظم الوقت ونحن نعمل لذا كانت فكرة حبس أنفسنا بالبيت صعبة ولكنها بإرادتنا، هكذا وصف مصطفي النبيه لمركز الاعلام المجتمعي إحساسه أثناء الحجر المنزلي.
الحجر المنزلي فرصة يجب الاستفادة منها
“الحجر المنزلي يشبه يوم الاستراحة بعد معركة الحياة، يتعرف الأزواج على بعضهم البعض أكثر ويقف الزوج عند مسؤولياته بشكل أكبر ويرى عظم المسؤولية التي تتحملها الزوجة”. ويضيف النبيه :” لذا اتخذنا قرار أن نعقد هدنة طويلة الأمد بيننا أنا وزوجتي، بحيث أتفرغ أنا للعمل وتوفير احتياجات البيت وبمساعدتها أحيانا، وتتفرغ هي لأعمال البيت، ثم نقسم الوقت بين المطالعة ومشاهدة البرامج والافلام والنقاش بالإضافة للعمل على انجاز خمس قصص مصورة للأطفال تتناول مواضيع تثقيفية وتربوية يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، والحمد لله، تسير الأمور بيننا حتى الآن على خير ما يرام، نثقف أنفسنا ونمارس حياتنا داخل البيت وكأنها عالمنا الكبير بعد أن أقنعنا أنفسنا وأولادنا بأن الحالة ربما تطول لذا علينا أن نكون أكثر ثبات وصمود.
وفي ذات السياق، تقول ديانا النبيه، زوجة مصطفى:” أنا إنسانة بطبيعتي أحب قضاء الوقت في البيت حيث كل ما أحب موجود هنا، ولكن لم يخطر ببالي يوما أن أضطر للجلوس في البيت مرغمة، ومع ذلك حاولت التعامل مع هذه الأزمة على أنها وقت للمتعة مع الأولاد أو لمطالعة بعض الكتب التي لطالما أجلت قراءتها وربما يكون هناك متسع من الوقت للانتهاء من روايتي الثالثة فهناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن نفعلها وعلينا أن نتجاهل بأنها محنة ولنعتبرها منحة نستفيد منها ونستمتع بكل تفاصيلها.
أما وجهة نظر حنين السماك حول الحجر المنزلي فتعبر عنها قائلة:” بالنسبة لنا كان الحجر الصحي مهم وممتاز في بداية الأمر، خاصة أننا كزوجين نعمل والأولاد كان برنامجهم مشغول بين المدرسة والأنشطة الرياضية والموسيقية وما كان لنا أي وقت للجلوس مع بعضنا البعض.”
وتضيف السماك:” لم أشعر بأن هناك مشاكل حدثت بيني وبين زوجي بسبب الحجر المنزلي، إنما هي المشادات الزوجية العادية، ولكن حدثت مشاكل بين الأبناء وأبيهم، حيث إنه تضايق جداً من سهرهم طول الليل ونومهم في النهار، وانقلاب الموازين التي لها علاقة بالوقت، ولكن عقدنا جلسة عائلية مسائية تم فيها مصارحة الأب حول العصبية الشديدة والصراخ على الأولاد وضرورة التوقف عن ذلك، وكان موقفي بطبيعة الحال مساندة وجهة نظر زوجي حول ضرورة ضبط الساعة البيولوجية للأولاد حتى لو أن المدارس مغلقة في ظل الأوضاع الحالية ونجحنا بإقناعهم و تم استيعاب الأمر وحله”.
تأثيرات سلبية تلقي بظلالها على الأسرة في الحجر المنزلي
“ربما أننا في المنزل سنستمر بخلق طاقات سلبية لبعضنا البعض” هكذا تلخص ليلى أبو شليح بهذه الدعابة الحال الذي تعيشه النساء في الحجر المنزلي. تقول ليلى عن علاقتها مع زوجها “يستيقظ من النوم لا يكف عن الطلبات والأوامر التي يجب أن تنفذ في التوّ واللحظة، وترك ما بيدي وتلبية ما يريد، ومن ثم ينظر الى ابننا الرضيع ويصرخ لماذا لا تطعميه، لماذا لا تستبدلي حفاظته، قومي بإعطائه حمام الان، ثم يقوم بتنظيف المنزل بعد ما قمت أنا بتنظيفه متحججا بعد اتقاني للعمل الذي قمت به.
وتشرح أبو شليح وضعها:” أن المشاكل نوعا ما ليست جدية، ولكنني لست معتادة عليها كثيراً، والآن أنا أتقبل الواقع بصمت فقط لتمر هذه الأزمة ويسير المركب الى مرساه فلا أناقشه حتى نتجادل دون نتيجة”.
دور الأسرة في التوعية مهم جداً
وأشار النبيه مشددا على دور الأسرة في توعية الأطفال حول الوباء المنتشر عالمياً: ” لقد قمت بعزل أبنائي عن المجتمع منذ أكثر من شهر وشرحت لهم الأمر وكيفية مواجهة الوباء بالحفاظ على النظافة الشخصية وعدم الاختلاط بالآخرين في الوقت الراهن، كما إني أقوم بقراءة القصص التربوية الخاصة للأطفال بحيث يستفيدوا منها وأقيس مدى تأثيرها عليهم، كما أننا يوميا نقوم بتطهير البيت وتعقيمه حفاظا على صحتنا جميعا ونتعامل مع ما يحدث على أنه فيلم سينتهي بمشيئة الله قريباً”.
وتلفت السماك حول دور الاسرة في مكافحة الوباء قائلةً:” أنا وزوجي نشارك الأطفال بكل التطورات الموجودة بخصوص فايروس كورونا المستجد وهم أيضا يشاركوننا بالمعلومات ويتم النقاش فيها وكيف ينتشر المرض وكيف لو زادت عدد الحالات كيف سنتعامل مع الموضوع حيث أننا نعلمهم أيضا بكيفية الوقاية من الفايروس، ونضع على باب الشقة فوطة مبللة بالكلور ولا يتم دخول البيت بتاتاً بالأحذية ويتم تنظيف الحذاء بالكلور المخفف وأيضاً وضع معقم على طاولة بجانب باب المنزل بالإضافة الى تعقيم المنزل يومياً وغسل اليدين ونقوم بين كل حين والآخر بتبديل الملابس والأغطية ونشرها يومياً بالشمس ، ووضع بوستر خطوات التغسيل للأيدي في الحمام هذا من مهمة ابنتي الصغيرة اليومية أن تعقم مقابض الأبواب بالكلور المخفف، بشكل عام نحن نشارك الأطفال بحماية أنفسهم في وقت الأزمات”.
وتؤكد الأخصائية الاجتماعية انشراح زقوت:” أن الحجر المنزلي فرصة للتعبير عن المشاعر الجميلة بين الزوجين، ووقت مستقطع للرسم والاستماع الى الموسيقى والرقص مع الأولاد، وتعزيز الحوار والتواصل بين أفراد الأسرة بالاستماع والإنصات الجيد والابتعاد عن الحوارات التي تؤدي الى المشاكل والعنف اللفظي وغيره”. وتضيف الأخصائية زقوت: “يفضل في هذه الفرصة أن يجري تغييرات على ديكور المنزل ونقل قطع الأثاث وتبديل أماكنها بحيث يكون أكثر راحة للجميع وهذا ما نسميه ب (طاقة المكان) بالتالي على كل من الزوجين يعززوا من معنويات الأطفال وتوعويتهم حول فيروس كورونا المستجد”.