مريم…”مين بدو يتزوج خريجة سجون؟!”

غزة – cmc- سهر دهليز  || اختارت “مريم” الالتحاق بتخصص الصحافة والإعلام حباً بمهنة المتاعب ولامتلاكها ما يكفي من الموهبة والمهارات التي لابد من تواجدها بأي صحفي، عدا عن القوة والجرأة لمواجهة الكثير من الصعاب في ميدان العمل؛ لكن ثمة تحديات أوقفتها عن مواصلة عملها الصحفي رغم قطعها الشوط الأكاديمي.

تقول مريم في بداية الأمر تعرضت للكثير من الضغوط والقيود من قبل والدي لعدم رغبته في دراستي هذا التخصص ورغبته في أن ألتحق بإحدى تخصصات كلية التربية فقط كوني فتاة، حيث يعتبر اختياري مخالف للعادات والتقاليد”.

وتضيف: “مرت الأعوام واحدة تلو الأخرى حتى تغيرت نظرة والدي كثيراً بعد إصراري على دراسة تخصص الإعلام، وتخرجي من الجامعة وحصولى على عقود عمل مؤقتة بين الحين والآخر أتاحت لي فرصة الاعتماد على نفسي حيث أصبح بمقدوري بناء اسمي الإعلامي شيئاً فشيئاً رغم التحديات والعقبات التى واجهتني في بداية  المشوار والاندماج بالعمل في مؤسسات تغلب عليها النظرة الذكورية التي تفضل عمل الذكور على الإناث”.

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن حيث تقول مريم: “سرعان ما انقلبت الأمور رأساً على عقب بعدما احتجزت قوات الأمن الداخلي شقيقي الأكبر بتهمة التحريض وإثارة البلبلة والشغب بسبب نشر بعض المنشورات والتغريدات عبر موقعه الخاص على الفيسبوك والتويتر، الأمر الذي دفع أبي ليصب جام غضبه بوجهي ويجبرنى على عدم متابعة عملى كصحفية، وتهديده لي بكسر يداي إن قمت بكتابة أى كلمة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي لها علاقة بالسلطات الحاكمة من قريب أو بعيد”.

وأضافت وصوتها يكاد يختنق: “لم يكتف والدي بذلك بل أصر دون نقاش على منعي من الخروج مرة أخرى للعمل في أى مكان، وأجبرني على البقاء بالمنزل حتى يأتي نصيبي ليزوجني ويتخلص مني بأي طريقة خوفاً من أن يحدث معي كما حدث مع أخي الأكبر وأتعرض للسجن قائلا: “مين بدو يتزوج خريجة سجون”، لينتهي بي الجدال معه للصمت المطبق”.

وبلهجة غضب واستياء شديد أكدت مريم على أن المرأة الغزية بشكل عام والصحفية بشكل خاص رغم تمتعها بقدرة وكفاءة متميزة، إلا أنها لم تحصل على أبسط حقوقها بكافة مناحي الحياة الشخصية والمهنية، حيث مازالت تصارع عقبات الحياة وعادات وتقاليد المجتمع بسبب الظلم الواقع عليها الناتج عن النظرة السلبية للمرأة من قبل الرجال المتمثلة في أن المطبخ والبيت هو المكان المناسب والملائم للمرأة، ويجب أن تفني حياتها في خدمة زوجها ورعاية أبنائها وأن تترك ساحة العمل للرجال فقط.

تابعت حديثها بتنهيدة طويلة وضحكة ساخرة: “في السابق كنت أعتقد أن السلطة هي وحدها صاحبة قرار قمع الحريات، إنما اليوم أصبحت على يقين أن الظلم والاضطهاد يمكن أن يكون من داخل الأسرة الواحدة ليتفشى شيئاً فشيئاً داخل المجتمع وصولاً بالسلطات الحاكمة”.

يذكر أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المدنية والسياسية والتي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1996 في مادتها التاسعة تؤكد على حق الفرد في حرية الرأي والتعبير، وأن هذا الحق يشمل حرية البحث عن المعلومات أو الأفكار من أي نوع وتلقيها، بغض النظر عن الحدود إما شفاهة أو كتابة أو طباعة، وسواء كان ذلك في قالب فني، أو بأية وسيلة أخري.

لم تكن مريم المرأة والصحفية الوحيدة التي تعافر وتصارع من أجل إثبات نفسها وتحاول التمرد على قيود المجتمع التي دائما ما تقف حاجزاً بينها وبين تحقيق ذاتها بالوصول لأعلى المراتب، فثمة الكثيرات قٌمعن، وأخريات تمردن أو حاولن الانتصار على واقعهن، فبعضهن نجحن وحققن طموحاتهن، وأخريات كانت قيود المجتمع وأغلاله أقوي منهن بكثير.

صدرت هذه القصة ضمن مشروع ” الشابات يناصرن حقوقهن كحقوق انسان” @2018

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى