قص الشعر بات حُلماً للعشرينة “رزان”
غزة – cmc- صباح حمادة || على مدرجات إحدى المباني الجامعية، كانت تجلس برفقة صديقاتها، يدردشن في أمور دراستهن؛ وما أن وقعت عيناها البنيتان اللمعتان علينا، قامت لاستقبالنا ودعتنا للانضمام إليهن، فبدأن صديقاتها بالتغامز فيما بينهن، فقاطعتهن بضحكة عفوية وهي تقول لهن “سأجري مقابلة صحفية وبعدها سأعود لكنّ”.
رزان هي الابنة الوسطي لعائلة تتكون من سبعة أفراد، تقطن في منطقة تل الهوا غرب مدينة غزة.
بدأت بسرد تفاصيل حكايتها وهي تقول: “سيستغرب من يستمع لقصتي، إلا أننى متعطشة للوقت الذي سأتمكن فيه من قص شعري للمرة الأولى في حياتي، كالعصفور الذي ينتظر فتح باب القفص إليه ليحلق بعيداً متنسماً عبق الحرية”.
عشرون عاماً والمقص لم يمسس شعر رزان ولو لمرة واحدة، فوالدها يرفض قطعياً أن تقوم بقصِ ولو جزءاً بسيطاً منه، متحججاً بتشاؤمه من قص الشعر بحسب قولها.
تُقلب مجموعة من الصور لقصات شعر متنوعة احتفظت بها داخل هاتفها المحمول، وتنظر إليهم بألمٍ، وتتابع حديثها “قد يستخف البعض من أمنيتي بقص شعري، إلا أن شعور الحرمان من اتخاذ أبسط القرارات الشخصية في حياتك يصيبك بالعجز”.
والد رزان قبل أن يمنع بناته الثلاث من قص شعرهن، طبق هذا القرار على والدتهن منذ عقد قرانه عليها.
وتنص المادة (19) في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير, ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة.
تكتم ضحكتها وتواصل “تمكنت أختي الأكبر مني من تحقيق أمنيتها بقص شعرها بعد أن تزوجت، إلا أنها عايشت فترة خصام مع والدي ليست بالقصيرة منذ أن لمح شعرها قصير، فثارت عصبيته عليها”.
تتمني رزان لو أنها ترتبط بالقريب العاجل، لتسنح لها الفرصة بقص شعرها قصات بموديلات مختلفة، إشباعاً لرغبتها بذلك، إلا أنها متوجسة من ارتباطها بشخصٍ يحمل ذات أطباع والدها لتستمر معاناتها.
وبابتسامة عريضة تبرز معالم غمازتها على خدها الأيمن تقول: “في حال تزوجت وتمكنت من قص شعري، سأعمل جاهدةً ألا أجعل والدي يلاحظ ذلك خوفاً من غضبه ومخاصمته لي كما فعل مع أختي”.
تقاطعها الحديث صديقتها مستفزة إياها بعبارة “زينة الفتاة شعرها” لترد عليها رزان بغضبٍ “سئمت من سماع تلك العبارة داخل المنزل، فليس الشعر الطويل هو من يزين الفتاة، فعقلها السليم، والسماح لها باتخاذ قرارتها الشخصية بحريةٍ هي زينتها الحقيقية.
تساءلنا حول ما يخصها من قرارات شخصية أخرى في حياتها، فبادرتنا بالإجابة وهي تقول: “إن لم أتمكن من قص شعري، فما بالكم بالمواضيع الأخرى، فلا يسمع داخل منزلنا سوى رأى وصوت والدي”.
وبتنهيدة طويلة تستذكر رزان مواقف مناقشاتها العديدة مع والدها حول سبب عدم السماح لها بقص شعرها،حيث لم تسمع منه إجابة سوى أنه يتشاءم من قص الفتاة لشعرها، معتبرةً إجابته مجرد حجة غير مقنعة بالنسبة لها حتى اللحظة.
بابتسامة خجولة تواصل حديثها وهي تقول ” قُمت بشراء باروكة _شعر مصنوع_ خفية عن والدي، فقط لأشبع بعضاً من فضولي عن كيفية شكلي سيكون بالشعر القصير”.
تعترف رزان صاحبة البشرة الحنطية بأنها لم تجرؤ قط على لبس الباروكة _شعر مصنوع_ والتجول فيها داخل أرجاء منزلهم، خوفاً من مقابلتها مع والده، فقط ترتديها داخل غرفتها، وتتمتع بالنظر إلى نفسها أمام مرآتها لوحدها.
تتأمل رزان أن يتحقق حُلمها البسيط يوماً، وتتاح لها الفرصة لاتخاذ قراراتها الشخصية، متسائلة متى سيأتي الوقت الذي ستتحول فيه كل الحقوق الإنسانية من حبر على الورق إلى أفعال على أرض الواقع؟!
صدرت هذه القصة ضمن مشروع ” الشابات يناصرن حقوقهن كحقوق انسان” @2018