كيف تبدو مدارس الأونروا في زمن الحرب ؟


محمد صيام – CMC

كانت القذائف أسرع إلى الموتِ من سرعتهم للحياة، قتلت منهم العشرات في طرقات الرحيل، ومن نجا منهم التجأ إلى مؤسسات ومدارس الأمم المتحدة طلباً للحماية الدولية من العدوان الهمجي الذي استهدف أغلى ما يملكون .

لم يستطع الحاج سلامة “80 عاماً” الهرب على عكازته من شظايا القذائف التي تساقطت على حي الشجاعية، حملَه ابنُه على ظهره وأسرعا بحثاً عن ملجأ في إحدى مداس الأونروا يقول:”كانت هجرة الـ48 نزهة بالنسبة لهذه الحرب”.

في ساحة المدرسة كان يجلس الحاج سلامة مع أبنائه وزوجاتهم وأحفاده والكثير من الناس، لا تسترهم إلا المقاعد الدراسية وبعض الأقمشة الممزقة تقيهم حرَّ الشمس بعد أن امتلأت فصول المدرسة بالنازحينْ .

*** طابور المساعدات

أمام مخزن المساعدات في مدرسة أخرى، لم تتوقف الشجارات في الطابور تارة بين الناس بعضهم البعض من يسبق الآخر، وتارة على تباطؤ مشرفي وكالة الغوث في توزيع المساعدات الشحيحة .

أبو أحمد “30عاماً” يقول لـ “شباب 21”: “خرجنا من بيوتنا بملابسنا، لم نستطع أن نأخذ أي شيء معنا، كل ما أردناه في تلك اللحظة النجاة بأنفسنا، دمروا البيت وقتلوا الأهل والجيران” موضحاً: “نريدُ ملابس وأغطية، هذه وظيفة الأمم المتحدة، وهي موجودة في المخزن، لماذا يبخلون علينا ويحرموننا منها؟”

يقول أحد المشرفين على التوزيع: “يوجد في المدرسة أكثر من 3000 نازح، لا يوجد طريقة سحرية لتوزيع المساعدات على نحو متكافئ، يجب تسجيل الأسماء وترتيب خطة عادلة للتوزيع لا تعطي بعض الناس أكثر من حاجتهم ولا تحرم الآخرين”

حمام في الهواء الطلق

على غير بعيد من سيارة البلدية التي تُزوّد المدرسة بالمياه، كان يقف عشرات الأطفال يغتسلون تحت ثقبٍ منها أو يملؤون الجالونات والأواني بالماء، حتى إذا ما فرغت الشحنة باتت المدرسة بلا ماء حتى تأتي سيارة أخرى !

أسامة 28 عاماً متزوج وله طفلان, حملَ معه جالوناً ليملأه؛ لكنّه وصلَ متأخراً يقول لـ”شباب21″: “لا أعرف من أينَ آتي بالماء، أريد التغسيل لهذين الطفلين، أكلهما العرق، وتورَّم جلدُهما، وهم بحاجة لتغيير البامبرز”

شاب لم يتجاوز الـ 17عاماً لم يجد ماءً في المدرسة التي لجأ إليها فذهب إلى مقر الهلال الأحمر بحي تل الهواء، كان يحملُ زجاجة ملأ نصفها وانقطع الماء، أخذ يرشُّها على نفسِه في وسط الشارع فرحاً بها، يصيح”أول مرة أتحمم من أسبوع، ارحمونا يا عالم”

عن امرأتين، كانت تحمل كلُّ واحدة منهما حزمة من الملابس، لم تجدا مكاناً للاستحمام ولا ماء في المدرسة التي لجأتا إليها، وجائتا إلى مقر الهلال الأحمر يسألن عن مكان للاستحمام واستبدال ملابسهما، لم يكن لموظف الهلال إلا أن يعتذر منهما ويرسلهما إلى مستشفى القدس على أنَّ خدمة الاستحمام واستبدال الملابس وغيرها من الخدمات متوفرة هناك .

*** الحب في زمن الحرب

لم يمنع التشرد واللجوء والدماء والدمار الحياة من ممارسة شعائرها فهي أقوى من كلِّ شيء، تماماً مثلما يحتاج الإنسان الأكل والشرب، فهو أكثر حاجة إلى الحنان والحب في زمن الحرب.

مازن”47 عاماً” لم ينجب في حياةِ السلم وتيمناً باسم الوالد ينادونه “أبوأحمد” يعاني من اختلال في فقرات العمود الفقري، جاء يطلبُ من المدير غرفة في المدرسة كي يمارس فيها واجباته الزوجية، متسائلاً: “مثلما يعطي أقاربه وأصحابه غرفاً خاصة، لماذا لا يعطيني غرفة ليوم أو اثنين ؟”

في غرفة الإدارة، جاءت مجموعة من الرجال، يطلبون من المدير عدم إطفاء المولّد الكهربائي في ساعات الليل، خشية على أبنائهم وبناتهم من فضائح الشرف، وكي تظلُّ أعينُهم يقظة تراقبُهم بعد قصص انتشرت في المدرسة عن شباب وفتيات وقعا في الحب من نظرة !

في المدرسة أمِّ التناقض بين الليل والنهار، في الحبِّ والحربْ مع الأنا والآخر في طابور المساعدات أو على شرفات المدارس، في المدرسة أمٌّ ثكلى ترقبُ هلالَ العيد وهي تنشرُ ملابسَ ابنِها الشهيد على الأسوار وتصلّي يا رب أوقف هذي الحربْ .

الرابط المختصر : http://ywjournalists.org/ar/?p=247

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى