شيرين: أتحدى ألمي ووجعي رغم كل الصعوبات.
غزة – CMC – ترنيم خاطر
فتاة بسيطة حرمتها الظروف الاقتصادية الصعبة لأسرتها من استكمال حياتها التعليمية، كانت في كل صباح تنظر لأبناء الجيران وهم ذاهبون إلى مدارسهم بنظرات من الحزن إلا أن أحلامها لم تتوقف وكانت تحمل بداخلها الأمل بأن الغد سيكون مشرقاً.
كبرت حتى وصلت إلى 17 عاماً وبدت تنظر من جديد إلى المستقبل وتتمنى أن يتقدم للزواج بها إنسان يصونها ويعوضها عن قسوة حياتها السابقة, وبالفعل تقدم للزواج منها شاب يعمل في أحد محال بيع اللحوم، فوافق عليه أهلها، وتوسمت فيه الخير، وسرعان ما تمت مراسم الزواج، لتبدأ بذلك حياتها الجديدة, والت اتضح فيما بعد أنها مقبرة أحلامها.
لم يمر على زواج شيرين ذات ال31 عاماً, أكثر من عام ونصف في منزل الزوجية حتى أصيبت بجلطة في الدماغ نتج عنها شلل في نصف جسدها الأيمن, بسبب ماعانته على يد زوجها وحماتها ذات الجبروت.
“منذ بداية حياتي وأنا أعيش في مشاكل مع حماتي وكان زوجي “منيح” لولا تدخلات أمه، فبمجرد دخوله البيت تبدأ بتحريضه عليّ، ليصبح بركان من الغضب والعصبية ويبدأ بشتمي وضربي واهانتي”، بهذه الكلمات بدأت شيرين حديثها ودموعها تسيل على خديها.
“كنت أستيقظ كل يوم من الساعة السادسة صباحاً خوفاً من أن تأتي حماتي لإيقاظي من نومي بالسب والشتم، لأسرع إلى تنظيف البيت وتجهيز الطعام وكل ما يطلبونه مني، ومع ذلك كانت اتلقى الاهانات منها، لدرجة أني كنت أجهز الأكل لأسرة زوجي ولا أكل منه حتى لا يكون هناك احتكاك مع حماتي، وتجنباً للمشاكل”.
وتتابع: “مع تزايد الاهانة أصبحت غير قادرة على التحمل وحينها توجهت إلى أمي لأشتكي لها مما أعانيه، فكانت أمي تقول لي كل البيوت فيها مشاكل ونصحتني بالصبر، و عدت إلى بيتي لأعود إلى نفس المعاناة والإهانة من جديد”.
تنهدت شيرين بقوة واستندت إلى ظهر الكرسي الذي تجلس عليه : “حدثت مشادة كلامية بيني وبين حماتي وبدأت كالعادة بشتمي وسبي وضربي في أماكن مختلفة من جسمي، دخلت غرفتي وبدأت أبكي وأبكي لساعات طويلة حتى عاد زوجي من عمله لتستقبله أمه بالتحريض عليّ كعادتها حتى جاء هو الآخر ليشتمني وعندها لما أشعر بنفسي، وسقطت على الأرض مغشياً عليّ”.
تتابع: “كانت الصدمة الكبرى دخولي في غيبوبة لمدة أسبوع أثر جلطة قوية في الدماغ أدت إلى إصابتي بشلل في الجزء الأيمن من جسمي وعدم قدرتي على الكلام، وكانت المصيبة الأكبر أنني كنت حاملاً في الأشهر الأولى”.
وبحسرة شديدة: “لم يقتصر الأمر على ذلك بل قام أيضاً بتطليقي بسبب مرضي، ولا أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل، جرحي ووجعي عميق وعلى الرغم من مرور 10 سنوات على ذلك اليوم إلا أنني أذكره بكل تفاصيله التي لا أستطيع نسيانها مهما مرت السنوات”.
خلال مسيرة العلاج الطويلة التي كلفت شيرين الكثير من الألم والوجع والأموال، قامت ببيع ذهبها وتوجهت للعلاج في الأردن ومصر، وتحملت عناء الولادة وهي طريحة الفراش لتقوم أمها برعاية ابنها منذ لحظة الولادة وحتى اللحظة، وخضعت للعديد من جلسات العلاج الطبيعي إلى أن تحسنت حالتها قليلاً.
تقول بنبرة ثقة: “قررت حينها أن لا أستسلم لهذا الواقع وأن أتحدى ألمي ووجعي رغم كل الصعوبات التي واجهتها وما زلت أواجهها, استكملت دراستي الثانوية والجامعية وحصلت على دبلوم في تأهيل المعاقين، وواجهت الكثير من المتاعب أبرزها رفض أهلي قراري باستكمال دراستي”.
تتحدث عن المصاعب التي واجهتها: “كانت إمكانياتي المادية لا تسمح لي سوى التنقل بالمواصلات العامة وكنت أتحمل عناءً كبيراً أثناء تنقلي خاصة مع حالتي المرضية، وعدم قدرتي على تحريك يدي ورجلي اليمنى بسهوله، إضافة إلى عدم قدرتي على الكتابة حتى تعلمت الكتابة بيدي اليسرى، مؤكدةً إلى أنها تبحث حالياً عن فرصة للعمل لتعيل بها نفسها وأبنها حتى لا تحتاج أحد ولا يكون لأحد فضل عليها”.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)