ساكني القطاع .. يسترجعون حكايات التهجير

images (3)

اميرة الزبيدي – CMC

منذ أن غابت الشمس عن هذا الوطن ذات صيف مشؤوم، وغزة كما وصفها غسان كنفاني :”انغلاقاً كأنه غلاف داخلي، ملتف على نفسه ، لقوقعة صدئة قذفها الموج الى الشاطئ الرملي اللزج قرب المسلخ، غزة هذه، أضيق من نفس نائم اصابه كابوس مريع، بأزقتها الضيقة، ذات الرائحة الخاصة، رائحة الهزيمة والفقر”.

لا ينفك الاحتلال الإسرائيلي عن سلخ هذه القوقعة الصغيرة التي يقطنها قرابة مليوني إنسان، فهو يقتل ويدمر ويشرد اهلها من حين لآخر، احدى الهاربات خلال العدوان الاخير على غزة ولاء الزعانين (19سنة)  من بيت حانون تقول :”في ليلة رمضانية خلدنا إلى النوم مطمئنين , لنصحو بعد أقل من ساعتين على خبر إخلاء منزل مجاور لنا يعود لعائلة “زويدة” خلال خمسة دقائق، هرعنا إلى الشارع بما علينا من ملابس نوم وكانه يوم الحشر حتى وصلنا إلى مستشفى بيت حانون حينئذ كان منزل جيراننا سوى بالأرض”.

وتابعت وهي تسترجع ذكرياتها :”، حينما قررنا العودة جاء اتصال آخر من جيش الاحتلال يخبرنا لا أحد يعود الى الحي لقصف بقية اهدافه(..) قررنا الذهاب الى بيت احد الاقارب وما لبثنا فيه يوم حتى رحلنا برفقتهم إلى مراكز الايواء والقذائف تهطل فوق رؤوسنا حتى اقمنا نهاية الامر في مدرسة شادية أبو غزالة”.

قاطعتنا الحديث شقيقتها قائلة ” كنت اشعر بالقهر حينما يأتي الليل وننام برفقة اربع عائلات اخرى في فصل واحد ، بعدما كان كل واحد منا له غرفته الخاصة في بيته قبل الترحيل ” ، متابعة بغصة والم : لقد خسرنا بيتنا لكن سنعمره ونعود إليه.

*** حلم الاستقرار

حكايات الرحيل والتهجير كثيرة خلال العدوان الاخير على غزة فغالبية البيوت عاشت تلك المعاناة مثل الشاب خالد مقبل الذي كان يجلس برفقة ذويه في أحدى مدارس الوكالة ” الاونروا “فقد خسر مصدر رزقه وشقته التي كان ينوى الزواج فيها خلال شهر سبتمبر إلا أن القذائف الاسرائيلية دمرته وحرمته حلم الاستقرار وتكوين أسرة.

مقبل يقول :” رأيت الموت عدة مرات ، فقد حوصرت مكان عملي لتربية الدواجن 17 يوماً إلى أن تمكنت سيارات الاسعاف من انتشالي ، لتقلني إلى حيث أسكن في بيت حانون(..) هناك أيضاً حوصرت عدة أيام مع أهل خطيبتي إلى أن استطعنا الهروب في بيت يحتوي على 70 شخصا جميعهم هاربون من القصف المستمر على مناطق عيشهم”.

أما ابراهيم الدوسوقي ( 19 سنة) من حي الزيتون عاش كسابقه وغيرهم آلاف الشباب النازحين في المدارس ومراكز الإيواء الأخرى، يصف ما حدث معه قائلا :”اثناء       ذهابي وشقيقي لأداء صلاة الظهر قصف منزل في طريقنا فأصيب اخي اصابة طفيفة حملته وهرعت به الى المستشفى، وعندما عدت إلى البيت استهداف منزل بجوارنا، مما أدى إلى حدوث ضرر في بيتنا جعله غير صالح للسكن فخرجنا منه و نزحنا إلى مدرسة لإيواء النازحين “.

هنا حكاية اخرى روتها الطفلة عبلة أبو خاطر (14 عام) كبرت قبل أوانها بعدما عاشت ثلاثة حروب شنها الاحتلال الصهيوني، وكادت أن تخسر أشقائها جراء قذيفة .

تقول بصوت هادئ  وهي تقلب بعينيها كل من يطرق باب الفصل الذي تقطنه برفقة عائلتها :”في احدى ليالي المعركة  دمرت القذائف جميع غرف منزلنا، هربنا سيرا على الاقدام من حي الجرن بجباليا إلى أن وصلنا إلى بيت في مخيم جباليا استقبلنا أهله عدة أيام(..) ومن ثم انتقلنا إلى مدرسة للأونروا لكن و    ضعها صعب حيث الاكتظاظ، وعدم النظافة ، مما أدى إلى انتشار الأمراض بين الأطفال النازحين، بالإضافة إلى الذباب المنتشر في المكان ينقل الأمراض بيننا”.

مر على غزة منذ ميلاد عبلة و جيلها  خمسة مآسي فهي لا تكاد تفيق من صدمة لتصحو على أخرى، فبدلا من تخزين ذاكرتها لأيام جميلة باتت تحمل فيها مشاهد الدمار والتشرد.

الرابط المختصر : http://ywjournalists.org/ar/?p=244

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى