العمراني موهبة تتحدى جدران الزمن
محمد صيام – CMC
كانَ طفلاً لم تكتمل حروف لسانِه بعد، كانَ يسأل أباه عن أخيه الشهيد، أينَ ذهبَ يا أبتي عماد ؟ قالوا إنه سافر للجنة ثمَّ لن يعود، لم يصدّق أو أنَّ سنَّه الصغير لم يعِ ذلك، انطوى على نفسه واستأنسَ بالقلم يرسمُ للمرة الأولى أخاه الشهيد.
من هنا بدأت موهبة الفنان محمد العمراني20 عاماً من مواليد حي الشجاعية بمدينة غزة، يقول لـ”شباب 21″: “بدأت الرسم في الخامسة من عمري بعد استشهاد أخي عماد، لا أعرف كيف خطَّت يداي للمرة الأولى صورته بقلم الرصاص؛ كل ما في الأمر أنَّ العائلة كانت معجبة بذلك والكل كان يصفِّق لي في دهشة واستغرابْ”
ويضيف:”علمت أنها موهبة من الله تعالى، وأرسلني أبي إلى مركز القطان للطفولة، وهناك تعلمتُ الكثير عن فنون الرسم وأشكاله المتنوعة منها التشكيلي والكلاسيكي وحديثاً ثلاثي الأبعاد، وشاركتُ في الكثير من المعارض الدولية والمحلية بلوحات كثيرة لمختلف أنواع الفنون ولاقت إعجاباً من النقاد والفنانين على مستويين دولي ومحلي”
*** الطموح والواقع المُرْ
ويوضح العمراني أنَّ مشاركاته في العديد من المعارض التي تنظمها المؤسسات الثقافية هي استعراضات خاصة ببعض المؤسسات التي تتاجر بأعمال الفنانين لتنسبَ الفضل إليها وتمن على المشاركين بصورتين تذكاريتين على حدِّ وصفِه، منتقداً دورها الضعيف في نشر وتعزيز ثقافة الفن كرسالة للإنسانية جمعاء .
ويرى أنَّ الواقع الذي تعيشه غزة صار عائقاً أمام الموهبة والطموح قائلاً:” بدأتُ الرسمَ لنفسي، ثم للمحيطين بي، ولا زلتُ أرسم وأتعلم أشكالاً جديدة من فنون الرسم، لكنْ هناك فجوة حقيقية من الناس تجاه الرسم، لا أعرف لماذا لا يكون للرسم اهتماماً مثل كرة القدم ؟”،
ويجيب تاركاً اللوحة التي في يده متسائلاً مع نفسه: “ربما لا توجد منافسة ؟ أو لعدم وجود رعاية حقيقية للأعمال الفنية بغزة على حدٍ سواء الرسم والموسيقى والغناء وغيرها وربما لأنَّ الناس لا تهتم !”.
لا تتوقف أسرة العمراني عن دعم ابنِها وتشجيعه بما توفّر لديها من إمكانيات؛ لكن ما يقلقها تجاه الموهبة أنها قد تضيّع على ابنها مستقبله، ولا يخفي الحاج شحادة العمراني والد الفنان تخوفه من ذلك، قائلاً: “لا يوجد اهتمام بالفن في غزة، والفن بحاجة لمن يفهمه ويقدٌّره، كما إنه موهبة وليس مهنة أو حرفة يعتاش منها صاحبها إلا إذا سافر إلى الدول الأوروبية”
ويستطرد: “كل شيء في غزة معطَّل تقريبا، والمستقبل يحمل مسؤوليات كثيرة منها منزل وزوجة وأطفال، وهذا كلَّه يحتاج إلى مال والمال لا يأتي بلا عمل”.
يدرك العمراني أنَّ العمرَ دقائقٌ وثواني، وأن تكون في العشرينات من العمر، يعني أنًّ هناك مسؤولية في طريقها إليك، فإنْ لم تستطع حملَ موهبَتِك، ألقِ بها في البحر وانجُ بنفسكْ أو كما قيل في غزة عملٌ باليد ولا عشرُ لوحاتٍ على شجر !
الرابط المختصر : http://ywjournalists.org/ar/?p=231