شابات غزيات .. خريف العمر يخطف زهرة شبابهن

50274e8a-2587-499a-b9ba-bee873cb27a1

غزة – cmc

دقت عقارب الساعة التاسعة صباحا.. خرجت الشابة الصماء (إسراء. ه) – 23 عاما-  إلى المحكمة برفقة والدها وشقيقها لعقد قرانها، لكن ملامح السعادة كانت غائبة عن محياها كأي عروس، بينما ضحكات ولي أمرها كادت أن تشق وجهه برفقة عريسها الستيني الذي بالكاد يقوى على المشي بمساعدة عكازه الخشبي.

حينما جاء دور الشابة لعقد قرانها لم يجد المأذون شابا بل رجل تعرجت خطوط الزمن على وجهه ، وقتئذ أشار للفتاة إن كانت تقبل به زوجا فما كان منها إلا أن صرخت وأشارت بيديها أنها لا تريد الخروج من بيت والدها إلا لقبرها.

أوقف القاضي معاملة الزواج كون الفتاة مجبرة ، وبمجرد خروجهما من غرفته أنهال الاب بالضرب على ابنته امام الجميع ، بينما العريس طلب منه التوقف معلقا” بكرا بتعقل وبنيجي تاني”.

ما وقع في أرجاء المحكمة حالة من ضمن حالات كثيرة التي تعقد فيها الشابة قرانها على رجل يكبرها بعقود ، لاسيما من تخطين الثلاثين من أعمارهن وذلك لأسباب بحثنا عنها خلال النبش في هذه القضية حيث وجدت ما يقارب الخمسين حالة تقع سنويا نهاية بعضها إيجابي وأخرى سلبي وذلك وفق مصادر خاصة.

*** كبير ويتعاطى الحشيش

” لازم تعيشي وترضي ” هكذا كان رد والدة نوال 36 عاما حينما راحت تشكي زوجها الذي يبلغ من العمر 69 عاما و يتعاطى المخدرات ، فقد بدأت حكايتها بعدما فاتها قطار الزواج وطرق بابها فكانت فرصتها للتخلص من وحل الفقر الذي تعيشه ، ومعاناتها مع زوجات اخوانها.

بكلمات مقتضبة تقول :” تزوجته حتى أنجب طفلا منه كبقية النساء ، لكنه لم يكن يقوم بواجباته الزوجية بل كان يمارس عجزه الجنسي علي ويضربني “، مضيفة : حينما كنت اعترض على وجود اصدقاءه في البيت وهم يتعاطون الحشيش يوبخني ويعلق ” مين بدو يقرب منك يا عجوزة”، مما كان يدفعني للانتحار كثيرا.

وهنا حكاية سحر. ع 37 عاما فقد افنت حياتها بحسب روايتها في خدمة والدتها المريضة ، فلم تكن تقبل الزواج رغم فرص كثيرة عرضت عليها لكنها أثرت الوحدة والخدمة معا ، وتحمل معاناة زوجات اخوانها .

بعد وفاة والدتها عاهدت نفسها بالزواج لأول خاطب يطرق بابها فكان كاهل مريض يبلغ من العمر 80 عاما ، لم تتخذ وقتا للتفكير فقبلت به رغم أنه جلبها كخادمة ليس أكثر ولن يمنحها حقوقها الزوجية .

وتعقب سحر على حكايتها :” ليس عيبا أن أخدمه بدلا من الوحدة التي أعانيها وكذلك مشاكل أخواني (..) ادرك أني لن أنجب منه لكنه يوفر لي المسكن والامان ” ، متابعة : حينما ذهبت برفقته للمحكمة لم يكن يقوى على المشي وقتئذ سألني القاضي أن كنت مجبرة لكني أكدت له موافقتي “.

وللتعرف على موقف القضاء الشرعي تحدثنا إلى القاضي عمر نوفل حيث ذكر بأن القانون الفلسطيني وضع حد ادنى لزواج الفتاة 14 وسبعة شهور بينما الرجل 15 وسبعة شهور فطالما يستطيعا الزواج فمن حقهما أن يختارا ما يشاءون دون اكراه .

وعلق على الفوارق العمرية بالقول :” الحالات التي تأتينا وفيها فوارق عمرية قليلة وتكون غالبيتها برضى الطرفين ، وفي حال شك القاضي بعدم رضا أحدهما يوقف الزواج ويحيل المخطوبة إلى الارشاد الاسرى لتقديم النصيحة لها وسماع موقفها .

ورغم تأكيده بان وجود الفوارق العمرية لا تحدث إلا نادرا فقد وجدنا  خلال التقرير ملف يحتوي على أذونات زواج لشهر أكتوبر الماضي حالتين تم عقد قرانهما داخل المحكمة والخاطب يكبر عروسه بأكثر من عقد.

ويرى نوفل أن الفتاة حينما تأتي تكون غالبا سعيدة ، لكن إذا كانت تبطن شيئا بداخلها أو تريد الهروب من حياتها الاسرية يعتبرون ذلك مسائل شخصية لا يمكن أن تبيح فيها المحكمة ، كون المرأة تنظر للزواج بانه مخلص لها لما تعانيه داخل اسرتها ،لافتا إلى ان الشرع لا يمانع زواج المرأة من كبير السن طالما بلغت السن القانوني .

وبحسب خبرته داخل المحكمة فإنه يرى أن مطلقات صغيرات في السن يعزف الشباب على الاقتران بهن ويرتبطن بكبار السن وذلك من منطلق عدم رغبة الام بتزويج ابنها مطلقة او أرملة صغيرة.

ودعا خلال حديثه ان الاصل الا تكون نظرة مجتمعنا للمطلقة سلبية فعلى الخاطب النظر لأخلاقها ومدى تناسبه معها في التفكير والعمر .

*** قطار الزواج

بعد سماع بعضا من الروايات على ألسنة أصحابها كان لابد من الوقوف على الوضع النفسي لهن بعد الزواج ، تحدثنا إلى الاختصاصية زهية القرة من برنامج الصحة النفسية كون حالات كثيرة تطرق بابها أو تدق على رقم برنامجهم المجاني للحديث عن المعاناة.

داخل مكتبها جلست لتؤكد أن قضية زواج الشابات من رجال يكبروهن بعقود موجودة داخل مجتمعنا الغزي المركب ، فهن حالات كادت أن تصل لظاهرة ، معتبرة أن زواجهن تعبير عن ازمات اجتماعية واقتصادية يعاني المجتمع مما يؤثر على زواج الشباب.

وبينت أن بعض الشباب يتزوجون حينما يكونون أنفسهم وقد تصل اعمارهم حينما إلى الثلاثين لكنهم لا يرغبون بالزواج من فتيات تصغرهن بأعوام قليلة أو من اعمارهن مما يدفعهم للبحث عن صغيرات .

وعن ارتباط الفتاة برجل يكبرها بعقود تقول :” هناك عوامل أسرية للتخلص من الفتاة ومشاكلها مهما يكون من الضغوط الاجتماعية والنفسية .. حيث أن الزواج يشكل لها نوع من الحرية .. اعباء أسرة تدفعها للتخلص من ابنتها قد تكون متعلمة وكبرت ..

وترى ان الاسر الفلسطينية أن زواج ابنتها من رجل كبير خطر أقل من ان تكون لديهم وكذلك الفتيات بسبب الضغوط الاسرية يعتبرون ذلك نوع من الحرية .

وأشارت إلى ان الاسر الغزية تدفع بزواج بناتها الكبيرات ولاسيما المطلقات وان كن صغيرات من رجال كبار في السن خشية أن تكون وحيدة وكذلك من جرائم الشرف والمخاوف الجنسية.

ووفق قولها فإن من احد الدوافع النفسية للزواج من رجل كبير أن هناك نمط معين من الفتيات يرفضن الزواج مما هم في سنهن لحاجتهن لحنان الأب كاللواتي يعانين التفكك الاسرى ، بالإضافة إلى خوف الفتاة من أن يفوتها قطار الزواج مما يعزز اختيارها لرجل كبير بالسن .

وفي عين الوقت أوضحت القرة ان الرجل غالبا ما ينظر للمرأة نظرة دونية ومادية وجنسية فهو يريدها بمواصفات معينة مما يجعل الكبيرة في العمر ذات نواقص لا يتقبلها سوى العجوز أو المطلق أو المريض.

وبحسب قولها فإن كثير من الحالات التي مرت عليها لفتيات كبيرات رغبن بالزواج للهروب من الوحدة لكنهن يصطدمن بالواقع فعند الزواج لا تعامل معاملة انسانية بل تضطهد وتعاني المشاكل مع أهل زوجها مما يجعلها تفقد تقديرها لذاتها وتكون ثقتها بنفسها تتناقض وكذلك عمرها يفقدها اهليتها وصلاحيتها ويجعل نظرة المجتمع دونية لها ويخشي عليها من مصيدة الرجال.

وفيما يتعلق بأبرز المشاكل النفسية التي تعانيها السيدة بعد الزواج ذكرت أنه يصعب قبولها داخل عائلة الرجل الكبير لاسيما بين أبناءه ، بالإضافة إلى أن المشاكل تبدأ بين الشريكين كون كل منهما ينتمي لجيل وطريقة التفكير تكون مختلفة مما يحرمها متعة الحياة ، مشيرة إلى أنه في حال أنجبت صغارا سيزيد العبء عليها وستصبح الأم والأب في وقت واحد.

ولفتت إلى أن المرأة بعد الزواج يتولد لديها نوع من الندم والحسرة ، خاصة وأن الرجال الكبار يكون لديهم مشاكل نفسية ونظرتهم للمرأة دونية فهو لا يتزوج على شروط الشرع بل لقضاء نزواته مع عدم الاحساس بالمسئولية .

نهاية تبقى الفتيات اللواتي فاتهن قطار الزواج بين امرين أحداهما العنوسة او الزواج من رجل كبير كون المجتمع قالما يتقبل زواجهن مما يناسب أعمارهن مما يبقيهن بين أمرين احلاهما مر.

الرابط المختصر : http://ywjournalists.org/ar/?p=214

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى