الطفل يحيى صبح: نفسي يكون لي أب

كتب: خالد أبوالعوف وطارق السويطي – نفسي يكون لي أب، ايش معنى كل الأطفال لهم آباء وأنا من دون أب يسأل عني ويعطيني مصروف ويبوسني ويوديني ع المدرسة، أنا بحلم في بابا.. كل يوم بتخيلوا جنبي”تدفقت هذه الكلمات من بين شفتي الطفل يحيى صبح قبل أن يجهش بالبكاء.

وأكمل يحيى: “رأيت مشاهد كثيرة في الحرب الاخيرة على غزة، لكن أصعبها كان مشهد استشهاد أبي، الذي نالت منه طائرات الاحتلال، ما أدى إلى تمزق جسده وحرق جثمانه، وبقي أكثر من ثلاثة أيام، حتى تمكنت طواقم الإسعاف من انتشال جثمانه”.

“وعندما تلقيت خبر استشهاد أبي صُعقت بصدمة، لم أكن أتوقع أن أبي سيتركني أنا وإخوتي الصغار، على رغم أننا شاهدنا الكثير من المواقف الصعبة والمؤلمة في الحرب، لكن كل شيء شاهدته يهون عن خبر استشهاد أبي. وقتها أصبحت أنا أباً لإخوتي الصغار”.

يحيى (11 عاماً) من سكان منطقة العطاطرة غرب محافظة شمال القطاع، كان يسكن وعائلته في بيت مكون من ثلاث طبقات، تعرضت للتدمير الكامل خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة في نهاية العام 2008.

يقول يحيى: “بعدما هُدم منزلنا بحثنا عن مكان آمن، فذهبنا إلى مدارس الوكالة (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين اونروا)، الملجأ الوحيد للعائلات المشردة من منازلها في وقت الحرب، ونحن في طريقنا إلى المدارس أطلقت الطائرات علينا صواريخها، فاستشهد أبي وأصيب عدد من المواطنين”.

وبلهجة قوية قال: “لم نكن في يوم من الأيام إرهابيين ليفعلوا بنا ذلك”.

ويروي كيف رأى بأم عينيه عملية قنص طفل في حضن أمه، بينما كان وعائلته في طريقهم إلى المدرسة: “لم يصيبوا الأم بأي أذى وأبقوها حية، حتى تذوق الألم والحسرة على ابنها، الذي استهدفوه عن قصد وتعمد”.

وعن فترة لجوئهم إلى المدارس قال يحيى: “كانت فترة صعبة جداً، بكينا من الخوف، والجوع، والعطش، خصوصاً وأن المؤسسات الإغاثية لم تتمكن من ايصال معوناتها لنا بسهولة وانتظام”.

وعن تأثير ما حدث على دراسته، قال يحيى إن مستواه تراجع من ممتاز إلى جيد جداً ثم الى جيد.

وأضاف: “إحنا شفنا في الحرب إلي ما شافوا حد، صح مرت علينا جرائم، لكن مش زي هيك، شفنا الناس يموتون في الشوارع مش ملاقين حد يدفنهم، بيتنا صار ركام”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى