الاغتصاب الزوجي .. جريمة محرمة وجهل في الثقافة الجنسية
هديل فرحات
جسدٌ منهك، علامات زرقاء وخضراء تُدارى بالثياب، نظرات خوف وشك، وفقدان للثقة وخوف من مجهول.. هذا ما تعاني منه النساء اللاتي تعرضن لاغتصاب من قبل أزواجهن، فبدل أن تكون العلاقة الزوجية ملاذ راحة وسكينة ومودة ورحمة، تصبح جحيم وكابوس مظلم، يلاحق الزوجة ويطاردها أينما حلت أو توجهت.
قلة الثقافة الجنسية وصغر سن دلال – اسم مستعار- جعل منها ضحية للاغتصاب الزوجي، زوج دلال والذي يعمل بائع خضرة في إحدى المحال التجارية، دفعه الشك والتعاطي إلى ممارسة الاغتصاب الزوجي ضد زوجته، فبعد أن رأى جارته تحضر رجل غريب إلى بيتها، انتابه الشك اتجاه زوجته فبدأ بممارسة الاغتصاب الزوجي كنوع من الانتقام والتخلص من شكه اتجاه زوجته.
ومنذ زواجها تعاني دلال معه أشد صنوف الالآم النفسية والجسدية، بسبب تعاطيه المواد المخدرة، هذا ويجبرها بعض الأحيان إلى مشاهدة الأفلام الخادشة للحياء والمحرمة شرعاً، ويزداد هذا النوع من العنف عند زيادة تعاطيه، حيث يمتد العنف من زودته إلى أبنائه أيضاً فيقوم بتعنيفهم وحرمانهم من أبسط سبل العيش كالمأكل والملبس، ما أدى إلى تدني مستواهم التعليمي.
أشكال العنف الجنسي
بينت الدكتورة آيات أبو جياب، أخصائية اجتماعية ومعالجة أسرية، أن العنف الجنسي بين الزوجين موجود ولكن من وراء الستار؛ وذلك لأن العادات والتقاليد تشرع هذه العلاقة مهما كانت حيثياتها سواء بالإجبار أو العنف الجسدي واللفظي، لممارسة هذه العلاقة الزوجية، ويكون العنف الجنسي بأشكال مختلفة منها: إجبار الزوج الزوجة على مشاهدة الأفلام المحرمة والخادشة للحياء، وإجبار الزوجة على وضعيات تتنافى مع طبيعة جسدها مما يؤدي إلى أضرار جسدية، أما عن الشكل الأقسى للعنف الجنسي فهو ممارسة وضعيات محرمة ومؤذية نفسياً وجسدياً للزوجة.
وأشارت الدكتورة أبو جياب إلى أن للعنف آثار نفسية مختلفة حيث منها ما يتمثل في البسيطة أو المتوسطة أو الكبيرة التي قد تصل إلى التفكير بالانتحار، وفي هذه الحالة يتم معالجة الحالة من بداية تدهور الوضع النفسي إلى حين شفائها والعودة إلى طبيعتها عن طريق جلسات نفسية وإعطائها أدوية مضادة للاكتئاب إذ لزم الأمر، ومن الآثار النفسية أيضا فقدان المرأة ثقتها بنفسها وشعورها بقلة قيمتها وتدني النظرة لذاتها، وتشعر بأنها مهمشة فتدخل في مرحلة الصراع الذاتي بين لومها لنفسها وبين التفكير بهل هذا العنف حلال أم حرام.
علامات الاكتئاب
وتطرقت الدكتورة أبو جياب للحديث عن علامات الاكتئاب حيث منها العلامات الأولى المتمثلة في التشاؤم والنظرة السوداوية للحياة، وعدم التفاؤل لأى حدث من أحداث حياة المرأة، أما عن العلامة الثانية فهي إهمال النظافة الشخصية وإهمال نفسها مما يجعلها تبدو شاحبة وفاقدة للرغبة في الحياة؛ أما عن الانطواء والعزلة عن عائلتها وأهلها وأصدقائها، وتدهور العلاقة مع أبنائها قد جاءت هذه العلامة في المرتبة الثالثة، إذ تبدأ بشكل تدرجي وهي انسحاب عزلة ثم انطواء، وتصبح المرأة غير مبالية كثيراً للحياة.
إن الحصول على حياة زوجية مريحة وسعيدة ومكرمة للمرأة هو حق أصيل وبديهي، فأينما توجد امرأة سعيدة حاصلة على حقوقها كاملة في بيتها، ولها احترامها من قبل زوجها وأبنائها، توجد عائلة سعيدة ومتماسكة، وينشأ أبناء أسوياء نفسياً، وكلما كانت المرأة واعية لحقوقها الزوجية والعلاقة الزوجية السليمة، كلما ساهمت في الحصول على حياة سعيدة لها.
تم إنجاز هذه المادة الصحفية من قبل مركز الإعلام المجتمعي، وبدعم مباشر من برنامج “سواسية” البرنامج المشترك لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”: تعزيز سيادة قانون في فلسطين.