سماهر, حكاية ظلم بدأت منذ الطفولة ولم تنتهِ

 

 

آلاء جودة/ CMC /غزة

بكلتا يديها تتحسس بطنها محدثة نفسها “يا جنيني هل سترى نور هذه الحياة أم لا!!”، سماهر (26 عاماً) صاحبة العيون العسلية الضيقة والقوام البدين، تحمل في قلبها تفاصيل وجع حكاية حياتها المؤلمة التي عاشت تفاصيلها وحدها، وألم خنق روحها وكبل أطرافها منذ طفولتها.

تصف سماهر الظلم التي تعرضت له في طفولتها، وتقول “بداية حكايتي كانت منذ صغري، فأنا الفتاة ذات الشعر المجعد والملامح القاسية والأقل جمالاً بين جميع إخوتي، كنت استمع باستمرار لتجريحات عائلتي ومحيطي المتعلقة بشكلي، ويخبرونني بأنني لن أتزوج، وإن حدث سوف أدفع أنا المهر لتعيس الحظ كي يقبل بي، كنت أبكي ليلاً من بشاعة أحاديثهم ولا أجد يداً تجفف دمعتي”.

تحبس سماهر دموع حرقتها وتواصل الحديث، قائلة “رغم ما تعرضت له من انتقادات يومية بسبب قلة جمالي، كبرت وأنهيت الجامعة بمعدل ممتاز مما أهلني للوظيفة، فعملت مدرسة في إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، وهنا ظننت أن الحياة بدأت تضحك لي بعد عبوس دام أكثر من خمس وعشرين سنة”.

تكمل سماهر حديثها بحزن، “بعد الوظيفة بدأت الأيدي تطرق باب بيتنا طلباً للزواج مني، وفي يوم تقدم لخطبتي شاب لم تكن عائلتي تعرف عنه شيئاً، ووافق أبي دون أي تردد، وحين طلبت منه التروي والسؤال، نهرني بعصبية وقال أن علي أن أحمد ربي لأن أحداً فكر الارتباط بي، وكأنه كان ينتظر من يخلصه مني”.

أطبقت سماهر شفتيها قليلاً ثم واصلت، “كانت الأشهر الثلاثة الأولى من زواجي هادئة، حملت خلالها وشعرت بالسعادة لأنني سوف أرزق طفل، لكن سعادتي لم تدم طويلاً، فمنذ بدأت ألاحظ نقص مبالغ مالية من راتبي، بدأت حياتي الهادئة تتغير شيئاً فشيئاً، وكنت في البداية أعزي نفسي بأن هناك خلل في حساباتي، مضت الأيام وفي كل مرة أستلم الراتب أجده ناقصا أكثر من المرة التي تسبقها، حتى تفاجأت بأنني لم أجد من الراتب شيئاً”.

لم تستطع سماهر السكوت أكثر من ذلك وبدأت شكوكها تتجه نحو زوجها الذي يعلم تفاصيل بطاقة الصراف الآلي الذي تسحب راتبها عن طريقه، وتقول “صارحت زوجي بشكوكي فيه، فهو الوحيد الذي يملك تفاصيل بطاقة الصراف الآلي، في بداية الأمر أنكر، لكنني لم أصدقه وصممت على اتهامه بسرقة راتبي، فاعتدى علي بالضرب حتى كدت أن أفقد بصري من شدة لكماته وصفعاته على وجهي، وقال حينها أن من حقه أن يأخذ راتبي وأن يؤدبني أن اعترضت”.

لم تكن تدري سماهر ما ينتظرها في مستقبلها القريب، وبسبب عدم تحملها لما تعرضت له من ضرب وإهانة وما سمعته من زوجها وهي حامل، تركت منزلها وعادت لمنزل عائلتها، وتقول “لم أحتمل فعدت لبيت أهلي، وأخبرتهم بما جرى وبعد السؤال عنه اكتشفنا أنني زوجته الثالثة فهو متزوج من امرأتين غيري وتقدم لخطبة الرابعة”.

بنبرة عصبية مختلطة بالحزن، تتابع سماهر “جن جنوني بعدما علمت بالخبر، فهاتفت زوجي وأخبرته بأنني سأتوجه للمحكمة وأقاضيه، فصعقني حين رد عليا بأن الجنين الذي احمله في بطني ليس ابنه، وأن علي أن اعترف بوالده الحقيقي وأنني لو فكرت باتخاذ أي إجراء ضده سيفضحني في كل مكان حتى في مكان عملي”.

لم تكن ردة فعل زوجها الأقسى عليها، تتساقط دموعها وتقول “لم أكن أتوقع ردة فعل والديّ فهم لم يختلفا كثيراً عنه، ويضغطون علي الآن كي أجري عملية لإجهاض الجنين، وأنا أرفض وأحاول التمسك بهذه الروح التي لم أعرفها بعدما أرهقني ظلم كل من أعرفهم”.

تتحسر سماهر على شبابها ومستقبلها ومستقبل جنينها الغامض، وتقول “لو كنت جميلة هل كان سيحدث هذا كله؟، مجتمعنا ظالم وقاسي على المرأة، فهو لا يرى فيها إلا جسداً، ولا يحاول إبصار روحها وعقلها، وما يقتلني أكثر الجنين الذي احمله في أحشائي ولا أدري كيف سيكون مستقبله ومصيره”.

وتؤكد الأخصائية النفسية سها حماد، أن الأسرة هي نواة المجتمع ويجب أن يسود حياتها جو من الود لتكتسب المرأة ثقتها بنفسها وبمن حولها، وتقول “التقليل من شأن المرأة بسبب شكلها تصرف سيء له مردود سلبي على شخصيتها، يفقدها ثقتها بنفسها ويجعلها تشعر بالدونية تجاه نفسها”، مضيفة “إن الأسرة التي تدعم أبناءها وتحتويهم تجعلهم بذلك مهيئين لخوض صعوبات الحياة ومواجهتها أكثر من غيرهم”.

ورغم كل ما عانته سماهر إلا أنها مازلت قوية ممتلئة بالحياة، تعتقد أن غدا أفضل من اليوم, خاصة بعد أن علمت بإمكان تقديمها لشكوى ضد زوجهافي حال استمر في إنكار نسب طفله, وذلك لاخضاعه لفحص إثبات النسب وبيان كذب مزاعمه.

تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى