مختصون: احذروا تزويج الفتيات في سن المراهقة

غزة / فدوى عبد الله

منذ وقت قليل جدا بدأت أدرك أنني لست أنا من قالت نعم أوافق على الزواج، كنت أتبع الخطوات التي تشير لي بها أمي، تزوجت وانا في الخامسة عشر من العمر، وحدث الطلاق بعد عام من الزواج قبل أن أنجب طفلتي.

هكذا سردت قصتها عبير رفعت بعد أن أكملت شهور حملها الأخيرة في منزل والديها، والان وبعد مرور خمسة أعوام على الطلاق، تقول:” انا لا اعلم كيف حدث ان تزوجت وتطلقت بهذه السرعة، طفلتي هي الحقيقة الوحيدة، بعد أن أرغمت على الزواج مرة أخرى، وحدث الطلاق مجددا”.

آراء الخبراء والمختصون

أجمع مختصون على أن التزويج المبكر يجمد مرحلة من مراحل الحياة، يحرم فيها الفتاة من الحصول على الإنماء الطبيعي، سواء نفسيا أو جسديا أو فكريا، لتجد نفسها زوجة وأم في وسط من المسؤوليات الاجتماعية والزوجية، فالفتاة المراهقة لا يمكن ان تحدد من هو شريك حياتها.

أن مرحلة المراهقة هي مرحلة اضطراب الهوية، والوصل بين الطفولة والصبا، ولا يكون الشخص محققا ذاته وهويته، لذا فهي مرحلة اكتمال وتغيرات واضطرابات هرمونية جسمية وعاطفيه وفكرية وسلوكية، وهنا تبدأ نظرة المجتمع تختلف للفتاة من طفلة لسيدة، فما كان مسموح بالطفولة غير مسموح الأن، وتعامل كامرأة بما يتعلق باللباس والتصرف، لذا فإن النضج الجنسي او الجسدي لا يعني ان المراهقة تمتلك النضج العاطفي والعقلي لكي تختار شريك الحياة وتكون قادرة على رعاية المنزل.

للمراهقة لا تمتلك الأهلية للاختيار الزوج

قال الأخصائي النفسي والاجتماعي بمركز غزة للصحة النفسية نضال الشمالي: ” إن الزواج قرار، والفتاة المراهقة لا تمتلك القدرة على اتخاذ القرار السليم، وتحديدا الحياة الزوجية بكل مسؤولياتها، فما يصدر من قبول من الفتيات في سن المراهقة هو قبول غير مدرك، من قبل أولياء الأمور”.

تزويج المراهقات غير مقبول نفسيا، فالانتقال من مقاعد المدرسة إلي بيت الزوج، يحرم الفتيات من تحقيق الذات، والذي يبدأ بالحرمان من التعليم والمشاركة بأنشطة المجتمع، وذلك يترك أثر نفسي عليهن، وخاصة عند مقارنة أنفسهن بمن أكملن طريقهن في التعليم من زميلات الدراسة، في الوقت التي هي زوجة وأم بالرغم من تجاوز المشاكل الصحية التي تعانيها نتيجة الحياة الجنسية، والاجتماعية للمراهقة التي تنحصر في دوروها الإنجابي فقط”

وأكدت الأخصائية الاجتماعية في مؤسسة عايشة لحماية المرأة والطفل، جواهر بركات:” أن العروس الصغيرة تفتقر للخبرة، والوعي للتعامل مع الكائن الجديد الذي دخل حياتها، ففي الوقت التي تكون بحاجة الدعم من المقربين والأهل، تصبح زوجة ووجب عليها ان تتفهم كل شيء، وان تكون مطيعة وخاضعة للزوج وعائلته.

أثار الزواج المبكر

وأضاف الأخصائي نضال الشمالي: ” أن التزويج المبكر يحرم المراهقة من حقها في الإنماء الطبيعي، وبالتالي تحرم من مراحل مختلفة من النمو، مثل الإشباع والنضج العاطفي، المتعلق بكيفية توجيه المشاعر، والنضج العقلي المرتبط بالأمور الحياتية والمصيرية، في حين لم تكن متهيئة لذلك في الفترة التي تم اجبارها فيها على الزواج، لقول نعم او لا”.

وتابع “وعند وصولها لمرحلة البلوغ الجسدي والعاطفي والعقلي، في كثير من الحلات سوف تتغير مشاعرها، وبالتالي سينعكس على حياتها والاستقرار النفسي والعاطفي، وفي هذه الحالة تسوء حالتها، كشعورها بالقلق والخوف والاكتئاب واضطرابات نفسية أخرى، والتي من أخطارها هو الخيانة الزوجية، بعد أن وجدت ان هذه الحياة لا تنتمي إليها وليست باختيارها، تذهب لتراهق من جديد، وخاصة ان الأرضية أصبحت بوجود مواقع التواصل الاجتماعي أكثر بساطة”.

تقول السيدة منار أحمد: “لقد تزوجت في السادسة عشر من أبن عمي، وتوقفت عن الذهاب للمدرسة، بالرغم من وجود نوعا من الاستقرار في حياتنا الزوجية، إلا إنني منذ أعوام بدأت أشعر بأنني لا أنتمي لهذا المكان، ودائما ما يشعر زوجي بعدم الرضا، لا يوجد يوم يمر ولم أحزن على عدم إكمالي دراستي، وخاصة عندما يكبر أبنائي ويسألونني عن تعليمي الجامعي، أعمل في أحد المؤسسات كعاملة تنظيف، ودائما أشعر أنني أقل شأنا من السيدات التي يترددن على مكان عملي “.

وأرجع الشمالي التزويج المبكر إلى العادات والتقاليد في المجتمع، التي تدفع الذكور لتفضيل العروس الصغيرة، والذي ينعكس في المثل الشعبي “ربيها على أيدك”، وخاصة ان هذا المجتمع يميل لخصوبة المرأة والعزوة والحمولة، وليسهل عليهم تنشئتها على أفكارهم ”

 

التزويج المبكر يقود للطلاق المبكر

وتابع الشمالي: ” أن حدوث الطلاق أمر طبيعي، فما بني على باطل هو باطل، فالأساس بالطلاق ينتهي بمشكلات مجتمعية، لها علاقة بالمسؤوليات التي تكون على الزوجة والدور الاجتماعي الذي رسمه لها المجتمع، فتصل حدة الخلافات للطلاق، فلا يمكن فصل المعاناة الجسمية عن المعاناة النفسية، فهي مرتبطة ببعضها البعض، وتكون السيدات في هذه الحالة معرضة للاكتئاب، كما ان النظرة السلبية للطلاق والمطلقة، وإعطاء نفسها فرصة أخرى من ناحية أخرى، والأساس هي في المشكلة الأساسية وهي الزواج المبكر”.

وأكدت الأخصائية بركات: “أن المراهقة في الأساس تعيش حالة من التمرد والفضول، بعد تعرضها للصدمة بعد تحطم كل ما رسمته بمفهومها عن الزواج، فلا تتقبل هذه الحياة وهذا يؤخذ لحالة من الصدام الذي قد يمتد للعائلة وينتهي بالطلاق، وخاصة ان الزوج غالبا لا يكون رجل مدرك، وذلك سلوك عام لدى الرجال الذين يتزوجون من فتيات في سن المراهقة، ويكون خاضع للأهل في اتخاذ القرارات”.

المجتمع غير واعي بخطورة تزويج القاصرات

وأردف الشمالي قائلا:” ان ما يحتاجه المجتمع هو المعرفة والوعي بمخاطر التزويج المبكر، كزواج غير مكتمل الأركان، وبحاجة لتكافئ في القدرة الجسدية والعاطفية كحد أقصى بلوغ الأطفال سن الثامنة عشر”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى