قوانين عُرفية وحكومية في غزة والضفة تُجرم “حرية التعبير الإلكترونية”
غزة -cmc- خديجة مطر || الوردة الحمراء، إكليل الشام، أيقونة الموضة، رحيق الياسمين، منتفضة على الواقع، وغيرها من أسماء مستعارة في تزايد مستمر تلجئ إليها الفتيات والشبان عبر وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين، ليتحايلوا على إيجاد منبراً يعبروا من خلاله عما يجول بداخلهم من آراء وأفكار بحرية مطلقة، دون قيود تفرضها العادات والتقاليد أو قيود تفرضها الأسرة أو السلطة الحاكمة.
(الوردة الجريحة) الاسم المستعار لأحد مستخدمات مواقع التواصل الاجتماعي(الفيس بوك) قالت “أن الاسم المستعار يتيح لي الحديث بكافة الموضوعات ومناقشتها مع الأصدقاء دون أي قيود، فقد كنت أمتلك حساب باسمي الحقيقي، إلا أن الخلافات العائلية كانت سبب في إغلاقه”.
وأضافت “نتيجة مناقشة أحد الموضوعات الخاصة بالمرأة أثار ذلك حفيظة عائلة زوجي، لتكون بداية خلافات كبيرة بيني وبين زوجي وحماتي التي انتقدت الآراء التي كنت أناصر بها النساء عموماً، لتبدأ برصد ومتابعة منشوراتي أولاً بأول مما تسبب بانفصالي بعد سبع سنوات”.
وأضافت” لجئتُ لهذا الاسم لأعبر عن ألمي بعد انفصالي وفقداني أبنائي ورفض أهلي حضانتهم”.
وتتصدر الإناث أعلى نسبة على موقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” بمعدل 55.4%؛ حسب تقرير نشرته شركة “ايبوك” المتخصصة بالسوشيال ميديا في فلسطين للعام 2017.
ونوه التقرير إلى أن إجمالي الاعتقالات والانتهاكات بحق النشطاء عبر “الفيس بوك” على خلفية التعبير عن الرأي بالضفة الغربية وقطاع غزة 14 مواطناً منهم ست صحافين، مشيراً إلى أن الكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تهمة توجه للفلسطيني من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية؛ بعد صدور قانون الجرائم الإلكترونية بالضفة الغربية ب2017، وقانون إساءة استخدام التكنولوجيا الذي أصدرته حكومة حماس المقالة في قطاع غزة مؤخراً.
إحدى الصحفيات وتدعى “إيمان” قالت: “ألجأ في بعض كتاباتي بتدوينها باسم مستعار كوني أعمل مع عدة وكالات، وكل وكالة لها أيدلوجيا وسياسية متناقضة كلياً عن الأخرى؛ ناهيك عن سياسة القمع المستخدمة ضد الصحفيات والصحفيين، بعد صدور قانون إساءة وسائل التكنولوجيا؛ إذ لا مبرر لوجوده مثل هذا القانون سوى أنه تغطية لسياسة قمعية تمارس ضد حرية الصحفيين والإعلام والمواطنين.
المحامي محمد مطر أضاف قائلاً: “أصبحت مسألة حرية التعبير عن الرأي مثارَ جدل في العديد من الدول والمجتمعات وخاصة العربية، الأمر الذي دفع ببعضها لوضع معايير خاصة تمثل إطار عام للمساحة الممكنة في التعبير”، مؤكداً أن المادة (19) في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تنص على أن “لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة، ولكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”.
وأشار مطر إلى أن قانون “الجرائم الإلكترونية ينص على عبارات فضفاضة شديدة العمومية تفسر دومًا بأشكال لا قياس لها، ما يعني كونه سيفًا مسلطًا على كل صحافي فلسطيني وناشط إعلامي يفكر بأي شكل في نقد السلطة، أو حتى سلوكيات الأجهزة الأمنية العاملة داخل مقراتها” وهي صياغات تتعارض مع المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ والتي لا تقر بأي نص قانوني واسع وفضفاض والتي تتعارض مع مبدأ العلم بالقاعدة القانونية ، ومبدأ الشرعية القائم علي الوضوح والتوازن بين التجريم والعقاب, ولا يمكن قياس تصرفات الأفراد عليه، كما أنه غير محاط بضمانات تكفل سلامة تطبيقه، مما يشكل تهديداً خطيراً للحق في حرية الرأي والتعبير.
ونوه مطر إلى أن العقوبات تصل في بعض الأحيان إلى الأشغال الشاقة المؤقتة والمؤبدة، بما يتعارض مع مبدأ الشرعية القائم على التوازن بين التجريم والعقاب، ويتعارض مع فلسفة العقوبة القائمة على الإصلاح وإعادة الدمج في المجتمع وليس الانتقام.
صدرت هذه القصة ضمن مشروع ” الشابات يناصرن حقوقهن كحقوق انسان” @2018