النكبة الفلسطينية في عيون من عايشوها وتوارثوا حكايتها

غزة-ياسمين ساق الله – اعتادت فايزة حسين” 79عاما ” من قرية كوكبا أن تروي لأولادها الخمس منذ صغرهم عن قريتهم التي هجر منها أجدادهم، تقول وهي تقلب في كتاب يتحدث عن بلدتهم الأصلية:” قبل نومهم كنت اقص عليهم ما سمعته من والدي فبمجرد أن تسأل أحدهم وهو صغير عن اسمه يعرفه سريعا ومن ثم اسم قريتهم ” كوكبا”.

أمل العودة

وتروي مع ذكرى نكبة 1948 السابعة والستين أن أولادها حينما كبروا باتت تشجعهم على المشاركة في أعمال النكبة فتجد أحدهم يشارك أصدقاءه في صناعة فيلم قصير عن الهجرة وأخر يكتب باللغة الانجليزية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليعرف أصدقاءه الأجانب عن النكبة الفلسطينية وما حل باللاجئين بعد تهجيرهم من بيوتهم.

ولم تكتف حسين بالحديث عن قريتها لأطفالها وهم صغار، فهي ايضا تحاول زرع حب الوطن إلى احفادها ، فكثيرا ما تقص عليهم القصص البسيطة , لتضيف:” زرعت في أولادي أمل العودة لكوكبا والا يتخلوا عن أرضهم وذكريات أمهم وأجدادهم والحفاظ على تاريخهم مهما كانت الظروف صعبة أمامهم “.

ورغم ما تعانيه من مرض ألزمها الفراش إلا أنها أملها كان أقوى بكثير من ما تشعر به من ألم حيث أكدت أنها ما زالت على وعد لأولادها بأنها ستبقى متمسكة بأمل عودتها إلى قريتها وكأن ما حصل لها وغيرها من النساء الذين هجروا من قراهم كان بالأمس القريب.

ويطلق الفلسطينيون مصطلح النكبة على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948,وهي السنة التي طردوا فيها من بيتهم وأرضها وخسروا وطنهم لصالح إقامة ما تسمى بدولة الاحتلال.

من جيل لجيل

ورغم مرور هذه السنوات الكثيرة للنكبة إلا أن تفاصيلها ولحظاتها الصغيرة وحكايتاها الموجعة توارثت ونقلت من جيل لجيل الذين بقى حافظين حق أجدادهم المسلوب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي .

شروق شاهين “20عاما”, تقطن في مدينة غزة لكن أصول آبائها وأجدادها من قرية قبيبة بالقرب من مدينة رام الله , تقول عن ذكرياتها مع أحاديث جدتها:” منذ ان كنت طفلة وجلساتي مع ستي وسيدي كانت عبارة عن أحاديث مطولة من قبلهم عن كيف هجروا من بيتهم وتركوا وهم يبكون وكيف انهم لم يستطيعوا أن يأخذوا شيئا معهم بالإضافة إلى تركهم لمفتاح الدار “.

وتواصل شاهين حديثها بشوق ولهفة تجلت على ملامح وجهها القمحي لتقول:”كانت دوما ستي تسرد لنا مشهد النزوح وكيف كان اليهود يفرقون بين جموع النازحين ويضربون الصغار والنساء دون رحمة “, مؤكدة أنها كانت تشعر بالاستمتاع والمتعة عند تكرار حديث جدتها وجدها الحديث عن حكايات النكبة والتي حفظتها عن ظهر قلب .

طقوس منقولة

وتحدثت عن عادات قريتها التي جلبتها جدتها حين جاءت لغزة من أهمها الخبز على فرن الطين والتي كانت تحرص جدتها على فعله من وقت لأخر بحضور كافة عائلتها , لتقول:” جدتي طلبت من أبي أن ينشأ فرن الطين في فناء بيتنا وبالفعل تم ذلك حيث نقوم بالخبز عليه بين وقت لأخر فهو أكتر ما كانت تفرح جديتي به عند رؤيتها نشعل الحطب بداخله لايقاده”.

وليس ذلك فحسب , جدي نقل مع ايضا من قريته “قبيبه” عشقه لزراعة الأشتال والورود في حديقة منزلها , لتكمل حديثها :” كان في كل صباح كان يحرص جدي على سقي الزراعة ومن وقت لأخر كان يذهب للسوق ويجلب معه اشتال متنوعة من الورد والأشجار فكان يعشق هذه الطقوس كثيرا لدرجة انني أصبحت مثله أحرص على الاعتناء بهذه النباتات التي تكبر يوما بعد يوم أمامنا “.

ولم تنتهي بعد تفاصيل وذكريات وحكايات أجدادها , لتكمل بلهفة:” كانت جدتي دوما تتحدث عن السهرات الليلة التي كانت تقام كل ليلة مع كافة الجيران والتي تتخللها المواويل الفلسطينية “, متمنية أن تعود الى هذه القرية وتعيش يوم واحد بكافة التفاصيل العالقة بذهانها من حديث جديتها وجدها عن ذكريات الحياة في مسقط رأسهم .

لتختم حديثها قائلة والأمل لسان حالها :” نفسي أروح أعيش هناك ونفسي كل شخص هجر من بيته أن يعود اليه ليكمل حياته براحة وسعادة وحب “.

وتوجد ثلاث قرى في فلسطين تحمل هذا الاسم ( القبيبة ) الأولى في قضاء الرملة وهي قبيبة شاهين ، والثانية قضاء الخليل ، والثالثة قضاء القدس ، ويرجع أصل كلمة القبيبة كدلالة على المنطقة المرتفعة وهي تصغير لـ ( القبة ) .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى