الصحافيات الرياضيات … أهداف ضاعت في مرمى الإبادة

الصحافيات الرياضيات … أهداف ضاعت في مرمى الإبادة

 

غزة- نيللي المصري:

مقالات ذات صلة

“رضينا بالهم والهم ما رضي فينا”، بهذه الكلمات وصفت الصحافية الرياضية شيماء أبو الجبين (28 عامًا)، ما حلّ بها بعد اندلاع حرب 7 أكتوبر 2023م، وتدمير مكان عملها.

عملت شيماء قبل اندلاع حرب الإبادة، مقدِّمة برامج رياضية لدى إحدى الإذاعات المحلية بغزة، وكانت تسير بخطى واثقة نحو تحقيق حُلمها بأن تحقق بصمةً في مجالِ الإعلام الرياضي، لكن سرعان ما اندثرت الأحلام.

تقول بينما تقلّب على هاتفها صورًا لها أثناء تقديم برنامجها: “أحببت عملي وكنت أجتهد لمواكبة كل جديد، ذاع صيت برنامجي الذي استضفت من خلاله الرياضيين والمحللين والحكّام وغيرهم، ناقشت معهم الكثير من المواضيع الرياضية، وهو ما جعلني ماضية قُدمًا في تحقيق طموحي”.

لم تكن شيماء تتقاضي راتبًا، إنما دخلًا أشبه بالمكافأة، رغم ذلك رأت فيه استقلاليه مالية، “لم يكن راتبي يتعدى 100$، وهو قليل جدًا، لكن كنت أغطّي احتياجاتي الخاصة”، تقول.

حين شنّ الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة على قطاع غزة، وبدأ بقصفِ كل شيء بلا هوادة، وأجبر المواطنين على النزوح من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، في مخالفةٍ لاتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر التهجير القسري للمدنيين، وجدت شيماء نفسها في مرمى النيران.

تقول: “حوصرت مع عائلتي في بيتي بحي التفاح وسط مدينة غزة، نزحت إلى شمال القطاع، ومن مكان لآخر وجدت نفسي نازحة في دير البلح وسط قطاع غزة”.

ومع توقّف عملها، وقصف الإذاعة، فقدت شيماء مصدر دخلها الوحيد، إضافة إلى ما عانته خلال النزوح من غربةٍ وفراقٍ وخوف، تزفر بشدة وهي تضيف: “تمنيت لو استمر عملي، لكنت تكفلت بمصروفي، الأسعار ارتفعت وكان والدي مريض، كنت أضطر للمشي مسافات طويلة بحثًا عن علاج له، لكنه فارق الحياة، وزادت صعوبة المعيشة عليّ”.

مع إعلان الهدنة عادت شيماء إلى بيتها المدمّر تتفقد أطلاله، ولم يتبق لها من عملها سوى ألبوم صورها على الفيس بوك، “شعوٌر محزن، لا مستقبل ولا عمل”، تختم شيماء.

الصحافية أبو الجبين، هي واحدة من الإعلاميات الرياضيات اللواتي فقدن عملهن ومصدر دخلهن بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، وذكرت إحصائية للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، أن توقّف النشاط الرياضي خلال الحرب، تسبب في فقدان أكثر من 6000 لاعب ومدرب وكادر رياضي وإعلامي مصدر دخلهم الوحيد.

تتشابه مع أبو الجبين في ذات الظروف الصحافية الرياضية نسرين حلس، التي عملت قبل الحرب تطوعًا مع أحد المواقع الرياضية، وكانت محاولاتها مستمرة لإيجاد عملٍ بأجرٍ مناسب، وليس اعتماد نظام المكافآت كما هي عليه.

تقول: “منذ اللحظات الأولى لحرب الإبادة، أيقنت أنني على منعطف خطير، وبالفعل دُمّر القطاع الرياضي بكل مرافقه، وأصبحت بلا عمل بعدما توسمّت خيرًا في تغيير وضعي المهني للأفضل”.

مع عودتها إلى مدينة غزة، شعرت حلس باليأس، وأن الحياة لن تعود لطبيعتها، فقد تم تدمير الملاعب والأندية ومقرات الإعلام الرياضي، وباتت فرص العمل معدومة، “حرفيًا صفيّنا على الرصيف”، تختم.

وعلى غرار زميلتيها أبو الجين وحلس، تشتكي المصوّرة الصحافية نعمة بصلة (33 عامًا) فقدان فرص العمل التي كانت متاحة، “المشهد الرياضي أصبح مشوهًا وغابت عنه مشاهد الرياضة الجميلة”، تقول نعمة.

عملتْ الشابة في مجال التصوير الرياضي لسنوات، كانت تطمح من خلال الكاميرا إلى مواصلة المشوار بظروف جيدة ومستقبل أفضل.

تكمل: “قبل حرب الإبادة كنت ألتقط صورًا جميلة للمباريات كرة القدم والأنشطة الرياضية الأخرى، ورغم عدم توفّر دخل ثابت، واعتمادي على المكافآت، لكني كنت مستمرة، إلا أن الحرب أكلت الأخضر واليابس، ووجدت نفسي تائهة لم أستطع مساعدة عائلتي التي رفضت النزوح من مدينة غزة إلى الجنوب”.

عانت الصحفية بصلة خلال وجودها بغزة من ويلات المجاعة التي انتشرت شمال القطاع، وعجزت عن توفير الطعام لأطفالها، وحتى مع توقّف الحرب “لا بارقة أمل الآن ولا أي فرصة عمل”، تختم.

على مدار الحرب، كان الاتحاد الفلسطيني للإعلام الرياضي على تواصل مع الاتحادات العربية والدولية، لنقلِ صورة عما حدث، حيث استشهد 10 من الإعلاميين الرياضيين، كما يسعى الاتحاد لتقديم تصوّر عما جرى للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية عند اجتماعه المزمع انعقاده في مايو 2025م بالمملكة المغربية، في محاولة لإيجاد فرص عمل للإعلاميين والإعلاميات الذين فقدوا عملهم بسبب الحرب، كما يوضح مصطفى صيام الأمين العام للاتحاد.

ويضيف صيام إن الاتحاد سيعمل على تقديم برنامج كامل لدعم الإعلاميين والإعلاميات الشباب، سيتم عرضه خلال المؤتمر الدولي لإيجاد فرص عمل لهم مع المؤسسات الإعلامية الدولية، لما تشكّله من أهمية كبيرة بنقل رسالة الرياضة الفلسطينية إلى العالم، وما تتعرض له من استهداف مبرمج من دولة الاحتلال الإسرائيلي.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى