فزع طفلة في مستشفى كمال عدوان ونهاية عام مأساوية لغزة.!!
فزع طفلة في مستشفى كمال عدوان ونهاية عام مأساوية لغزة.!!
هداية شمعون (*)
كانت مع قريبتها عاشت أهوال الحصار والقصف على مستشفى كمال عدوان في شمال غزة منذ الخامس من أكتوبر المنصرم، اشتد القصف والاستهداف للمشفى ليلة 26 فبينما يحتفل العالم بالكريسماس ويوزع الأصدقاء الهدايا ويتبادلون الضحكات كانت الطفلة[1] التي لم يزيد عمرها عن 12 عاما تواجه أعتى آلة إسرائيلية تنام بين ممرات المشفى، تختبئ تحت الأسرة، تتدثر بين رائحة الدم والقهر في محاولة منها للنجاة، لكنها كانت ليلة أخيرة في مستشفى كمال عدوان لم تغمض فيها عينيها ولم يغمض أحد جفنه ليس فقط بسبب الجوع أو العطش أو البرد القارس إنما أيضا بسبب الجنون الذي يقترب من جدران المستشفى، فصوت الدبابات والجنازير بات قريبا جدا بينما الرصاص لم يتوقف عن الارتطام بالجدران والنوافذ من طائرات الكوادكابتر، ولم تتوقف همهمات الجرحى والمرضى العاجزين عن الحركة، تنال عيونها الأذى اثر الانفجارات المتتالية لم يعد أحد من الأطباء او الجرحى أو المرافقين والنازحين إلى المستشفى يسمعون صوت بعضهم البعض فقد تقدمت الدبابات لتقتحم الجدران بعد تفجيرات عنيفة استمرت طيلة الليل.
كانت الساعة الثانية فجرا لينطلق صوت مكبرات الصوت من الدبابات الإسرائيلية لتنادي على الدكتور حسام أبو صفية مدير المشفى، وتجبره على اخلاء المشفى والمرضى والجرحى والكوادر الطبية …!
لملمت الطفلة خوفها ورعبها لتحتضنها قريبتها ويتشبث الأطفال بأمهاتهم، بينما المرافقين حملوا وأسندوا مرضاهم وجميعهم يلهج بالدعوات إلى الله أن ينقذهم من هذه الإبادة…! أجبروا على الخروج بقوة العتاد والهيمنة عليهم بينما هم محاصرون جوعى ومرضى ونالهم التعب والارهاق حتى وصل مبلغه.!
ظل في المشفى من هم في حالة حرجة ولا يمكنهم تحريكهم أو نقلهم، أجبرت الطفلة على الخروج كما حال أغلب من هم داخل المشفى، إلا بعض الكوادر الطبية والمرضى والجرحى، المشهد مرعب لطفلة لم يتجاوز عمرها الإثنى عشر عاما، لتجد الخراب خارج المشفى الجنود ينتشرون في كل مكان، الدبابات الضخمة والقاذفات التي تعلوها، بينما لم تنفك عشرات الطائرات من الكوادكابتر وصوتها المخيف تحدق بكل من يتحرك منهم، تراقب الأطفال والنساء والأطباء الرجال والمرضى والجرحى والعجائز تزيد من معاناتهم وخوفهم، يتحركون بفعل الأوامر التي يلقيها الجنود الإسرائيليون تسير أمامهم الدبابات، تسير خلفهم الدبابات، تحلق فوق رؤوسهم طائرات الكوادكابتر والطائرات الحربية، لم يكن مشهدا من فيلم رعب إنه رواية طفلة فلسطينية كانت قبل عام واحد على مقاعد الصف السادس الابتدائي، تجتهد لتدرس تحب المعلمات ولديها صديقات وجارات وقريبات لا تعرف عنهن شيئا، كانت تحلم أن تصبح ذات يوم شابة جميلة لتلتحق بالجامعة وتحقق أحلامها واحدا تلو الآخر، لكنها تعيش الآن لحظات موت ورعب وخشية من الحياة التي أصبحت عليها غزة..!
يسير الجمع بينما بعضهم يستند على بعضهم، بينما يقع الصغير من أمه التي لم تعد قادرة على حمله، فتلقي كل ما لديها من احتياجات ضرورية لأنها لم يكن لديها خيارات إلا النجاة بطفلها وبنفسها فقط[2]، يقع الصغار وتحدق الأمهات بهم تعدهم تمسك بيد واحد والثاني يمسك بيد أخيه، يناجون الله بينما عيونهم تحدق في مشهد الموت أمامهم كل المباني أصبحت ترابا، البيوت أصبحت خرابا، بعضها محترق كلها تتمدد على الأرض بعضها لازال يستند على بيت آخر لكن الخراب حل بهما بالحارات والشوارع والمدينة بأكملها باتت مدينة للأشباح، بقايا الجثث في الشوارع تنهشها الكلاب، منطقة خالية من البشر فقط صوت الكلاب من بعيد يأتي ليزيد الأمر قسوة على قلب طفلة صغيرة فتتشبث بثوب قريبتها حتى كادتا أن تقعا سوية بفعل الحجارة المتناثرة في كل مكان وتجريفها، من بعيد وبعد مسيرة نزوح إجبارية وجد الناجون من المشفى أنفسهم أمام حفرتين كبيرتين وقد امتدتا كل منهما في ناحية، ليصرخ أحد الجنود بالجموع:
“النساء والأطفال في الحفرة التي على اليسار، والرجال والشباب في الحفرة التي على اليمين” صرخات الهلع تزداد بكاء الأطفال وعويل النساء، يحاول بعض الرجال الصراخ والاعتراض لتعاجلهم بنادق الجنود ضربا وتنكيلا وارهابا، لم يكن من مناص نزلت النساء وسط صراخ الأطفال إلى الحفرة والتصقن ببعضهن البعض، بينما وتحت الضرب والتنكيل نزل الرجال والمرضى والجرحى والأطباء إلى الحفرة الأخرى، تعددت مكبرات الصوت، زاد عدد الجنود تحلقت الدبابات أعلى الحفر، ضحكات الجنود تزداد بعضهم يصورون أنفسهم بسعادة بين الموت والقتل والإرهاب ذلك الإرهاب الذي أضجرونا حديثا عنه بينما هم ملائكة يقومون بفعل الشيطان بنساء وأطفال ورجال عزل..!
تحرش وانتهاك خصوصية النساء المجبرات على النزوح
لم تستوعب الطفلة ما يحدث وبدأت همهمات النساء وعويل الأطفال يزداد هل سيقتلوننا هل سيدفنوننا احياء؟ بدأت بعضهم بالصراخ نحن نساء وهؤلاء أطفال، لكن عدد الجنود يزداد والضربات لم ترحم النساء أيضا، بدأ الجنود بالصراخ عليهن ليجبروهن على خلع الحجاب عن رؤوسهن.! لم يكن هنالك أي مكان لصوت او اعتراض كانت اللكمات تزداد والعنف يزداد، التصقت الطفلة بجلباب قريبتها بينما الخوف يصيبها في كل فرائضها التي باتت ترتعد، هذا مشهد لم تألفه في أعتى كوابيسها، عاجلها جندي باللطم على رأسها صارخا عليها لتخلع الحجاب وينزعه عن رأسها لتقع أرضا، ثم اقترب آخر مشيرا لبنطالها لخلعه إلا أنها صرخت مرتعبة رافضة فما كان منه إلا أن صفعها بعنف على وجهها، ثم عاجلها بلكمة أخرى على وجهها ثم أخرى وسط ذهول الطفلة وصدمتها، فيما اقترب آخر وأخذ يمسك بجسدها الصغير بين هلع النساء وصراخهن وعويل الأطفال وخشيتهم من أسلحة الجنود، كانت النساء في حالة هلع وقد أجبرن على خلع أغطية رؤوسهن وأجبرن على الكشف عن ملابسهن الداخلية، وتعرضن للتفتيش المذل، وكان الضرب بأعقاب البنادق وأيديهم الغليظة لإسكات أصواتهن واهانتهن، بينما يركل الجنود الصغار بأقدامهم الغليظة، وفي الحفرة الأخرى لم تتوقف الاهانات للشبان والرجال فما بين تعرية كاملة إلى ضرب ولطم وركل بالأحذية الغليظة، ينتقم الجنود الإسرائيليون من المدنيين والجرحى والمرضى والنساء والأطفال محتمين بأسلحتهم وعتادهم ومجنزراتهم وطائراتهم التي لم تكف دول المجتمع الدولي وبعد عام وأكثر عن التوقف عن تزويدهم بالأسلحة، هم وجدوا من يعينهم على الاستمرار بإبادة العائلات والنساء والأطفال والجامعات والمستشفيات بينما نحن لم نجد إلا تنكر وخذلان..!
فماذا يمكن أن نقول لطفلة تعرضت لكل هذا الجنون وكيف يمكن أن نساعدها على الشفاء؟ وكيف يمكن أن نضمن حياتها من بعد الآن…! إنهم يواجهون البرد والخوف والجوع واللامكان حتى الخيمة المهترئة لا يجدونها، يقفون في الشارع الموحش لا منقذ ولا صوت سوى عوي الكلاب، واصوات الانفجارات التي لازالت تضئ عتمة الليل القاسي وبكاء من ظلوا على قيد الحياة بعد نزوح قسري من مستشفى كمال عدوان…! ثماني ساعات متواصلة هي رحلة المسير والتفتيش والإهانة عانتها النساء والرجال سواء، لجأت الطفلة والعائلة مع بعض مما نجوا إلى بيت مقصوف مع ازدياد حلكة الليل والبرد القارس ورياح الأربعينية التي قضمت أمنهم ودفئهم بعدما أجبروا على النزوح ليجلسوا القرفصاء تحت سقف معلق لا يعرفن إن كان سيكون أكثر حنوا عليهن في ليلة قاسية لن يذكرها التاريخ كما شعرن بها ولازلن…! لم تغمض اعينهن مما عشنه بينما كتمت بعضهن ما تجرعنه من صدمتهن بما تعرضن له في ليلة قاسية ورعب لا يوصف…!
تعددت شهادات النساء والفتيات[3] أثناء رحلة نزوحهن إجباريا بعد قصف وحرق المستشفى وأجبرن على خلع الحجاب والخضوع للتفتيش المذل والمهين، وكل من رفضت كانت تتعرض لمزيد من التنكيل والضرب والإهانة لا فرق بين طفلة أو شابة أو امرأة أو كوادر طبية، لا احترام لأي أحد، ولا مراعاة لوجود الأطفال والصغار الذين أصابهم الهلع والخوف والضرب والتنكيل ثماني ساعات من التنكيل وسط البرد الشديد والرعب للمصير المجهول لمن تركوا خلفهم في المشفى.
الكريسماس هناك وهنا قتل وملاحقة للكوادر الطبية والمرضى.!!
الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان، قال في جريمة استهداف وقتل الكوادر الطبية في مستشفى كمال عدوان:
” اخصائية المختبرات إسراء أبو زايدة خرجت إلى محيط مستشفى كمال عدوان لانتشال إحدى الضحايا، ولكن رصدتها طائرة “كواد كابتر” إسرائيلية وأطلقت النار عليها مما أدى إلى مقتلها، بعد ذلك هرع عاملون من المستشفى لإنقاذ زميلتهم ولكن الطيران الإسرائيلي استهدفهم بقذيفة صاروخية وقتلهم مما أدى إلى مقتل خمسة من الكوادر الطبية” وتابع أن الخمسة هم أحمد سمور طبيب أطفال، وإسراء أبو زايدة اخصائية فنية مختبرات، والمسعفين عبد المجيد أبو العيش وماهر العجرمي، وفني الصيانة فارس الهودلي،” وذكر أبو صفية أن “محيط المستشفى يتعرض لقصف إسرائيلي مستمر دون توقف مما يثير الذعر والرعب لدى الكوادر والمرضى، وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي فجر قنابل قريبة من المستشفى، خلال الساعات الأخيرة حيث اخترقت الشظايا مبنى المستشفى وضربت إحدى غرف المرضى، مما أدى إلى إصابة عدد منهم بجراح.[4]
جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد حصاره لشمال غزة ومستشفى كمال عدوان لأكثر من 80 يوم فقد ضيق الخناق على كل كائن حي في المنطقة، واستمر فجر السادس من ديسمبر بالتقدم واجبار المرضى والجرحى على مغادرة المشفى ليخضعوا للإذلال والاهانة والضرب في طريق النزوح، ومن بقي في المشفى من جرحى بحالات حرجة وكوادر طبية فقد أجبرهم على إطفاء النيران بما هو متوفر من ماء، ولم يكن هنالك إلا الماء الخاص بغسيل الكلى، فقد اجبروا لإخماد النيران بماء غسيل الكلى إلا أن النيران ازدادت اشتعالا ونشبت ببعض الكوادر الطبية ليتركهم الجنود يحترقون ويصبح بعضهم في عداد الموتى.![5]
يحتار جنود الاحتلال بإذاقة الكل الفلسطيني ألوان الموت والعذابات وكأنهم ينتقمون من شعب ومن تاريخ غزة، فما يحدث في شمال غزة من إبادة متواصلة ومستمرة بل وتزداد بهذا الفجور وصمت العالم إنما هي تواطؤ ورسالة موافقة تامة ليفعل الجنود ما يحلو لهم فلا عقاب ولا محاسبة ولا مساءلة، نهاية هذا العام مأسوية للفلسطينيين في غزة للنساء والأطفال والطفلات والعائلات، فهم يحدقون في تعذيب قهري وقتل مستمر لا يتوقف بينما يأكل البرد جلودهم الضعيفة بعد أن نال منهم التجويع والعطش والقتل والتشرد.
الحكيمة نور وأربعين مريضا
لقد أحرق جنود الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الأخيرة من العام 2024 مستشفى كمال عدوان، هدموا بعضها قتلوا بعض من لجأوا إليها، أصابوهم، تعمدوا احراقهم، اعتقلوا بعضهم، وأهانوا وضربوا البعض الآخر، يعبثون بحياة كل من نجا لعام كامل، ليتركوا رسالتهم على جلودنا.. عام جديد يتوجه الدم والقتل والقهر ولا رادع ولا حماية للفلسطيني في غزة، فماذا بعد إجبار الطواقم الطبية والمرافقين والمرضى والجرحى في تعريتهم وسط البرد الشديد[6] في أربعينية الشتاء بينما لا يستر جلدهم شيء إلا الوجع والألم والفقد والجوع والتعب، ماذا يعني أن يطالب الاحتلال الإسرائيلي من تبقى على قيد الحياة في المنازل المجاورة لمستشفى كمال عدوان بإخلائها تحت التهديد والحصار والقصف المتواصل بإخلائها مع تحذيرات نسفها على رؤوسهم، ماذا نتوقع من إخلاء قسري من مشفى لمشفى آخر تم تدميره مسبقا وهو غير مهيأ لاستقبال مرضى وجرحى، وقد وصله بعض من أجبروا على المغادرة في ظروف استثنائية قاهرة ثلاثون نازحا وصلوه بمضاعفات صحية خطيرة.[7]!
لقد أحرق الاحتلال “الإسرائيلي” ودمر مستشفى كمال عدوان وأخرجه عن الخدمة واقتاد الطواقم الطبية والجرحى ومرافقيهم إلى جهة مجهولة مما يهدد حياتهم، وأقدم جيش الاحتلال – بعد حصار مطبق -على إرسال روبوتات محملة بكميات هائلة من المتفجرات لتفجير محيط المستشفى، أعقبها اقتحام همجي وتفجير أجزاء واسعة من المبنى، وذلك بعد مجزرة مُروّعة راح ضحيتها خمسة من أفراد الطواقم الطبية قبلها، وكأنه يلاحق الأنفاس في نهاية العام، إنه كمن يقسم ألا يبقى احد على قيد الحياة من غزة..! هل الحقد والكراهية دافعا لكل ما يقوم بع جنود الاحتلال أم الأمر بات ثأرا وانتقاما لا ينتهي لكل ما ومن هو فلسطيني؟!!
وفي شهادة الحكيمة نور المقيد (30) عاما التي كانت في مستشفى كمال عدوان وقت اقتحامها، وأصيبت في يدها اليسرى تقول: “في الثالثة فجر الجمعة تقدمت الآليات الإسرائيلية وأطلقت نيرانها على كل الأقسام، وتسبب بحرق أقسام أخرى في المستشفى، قسم الجراحة، الإسعافات، الصيانة، والصيدلية، ثم بدأوا بحرق العمارات والبيوت المجاورة والمحيطة بالمستشفى، ثم صار الجيش يضرب رصاص وقذائف وصواريخ”
وتضيف: “بعد صلاة الفجر مباشرة بدأ الجيش ينادي بمكبرات الصوت على الدكتور حسام أبو صفية بالنزول إلى ساحة المستشفى وإخراج كل من هم بالمستشفى من مرضى وجرحى وطواقم طبية ومرافقين، كان الأمر مخيفا ومقلقا نحن جميعا في المستشفى في حصار منذ بداية شهر أكتوبر ولا توجد أي ملامح حياة حول المستشفى والدمار والخراب في كل مكان فكيف سنخرج والجرحى والحالات الصعبة وكبار السن والعجزة كيف يمكنهم التحرك وإلى أين؟ كان الأمر مخيفا لحد كبير، صار الجيش ينادي عبر مكبرات الصوت من جديد اخرجوا جميعا كل مصاب او مرافق يخرجوا كله يمشي للخارج، بعد الاستمرار بالتهديد بالإخلاء بدأوا المرافقين يساندون المرضى والجرحى، وبقينا نحن من الحالات الصعبة ما يقارب الـ 40 مريض وجريح، أما الذين خرجوا فكانت الدبابات لهم بالمرصاد ما أن يخرجوا من بوابة المشفى حتى يأخذوهم للتفتيش والفحص محاصرين بالكوادكابتر والطيران الإسرائيلي، أخذوا عدد كبير من الموجودين بالمستشفى للدبابات والباقي جعلوهم يمشوا أمامهم الدبابات ومحاطين بجنود الاحتلال الإسرائيلي والطيران من كل جهة، أصبحنا نحن ومن معي مرافقين للمرضى والجرحى وهم في مسؤوليتنا بعد اجبار المرافقين عن النزوح من المستشفى..!” الحكيمة نور[8] كانت برفقتها والدتها المسنة وانقطع التواصل معها بعدما أصبح مصير من ظلوا في المشفى من الكوادر الطبية مجهولا، وكل دقيقة تحمل مزيدا من القلق على حياتها وحياة من تبقى من كوادر ومرضى.!
محمد قريقع، مراسل الجزيرة، نقل عن شهود عيان قصة شابٍ لم يتجاوز السادسة عشرة، كان من ذوي الاحتياجات الخاصة. توسلت أمه الجنود أن يتركوه، أخبرتهم أنه مختل عقليًا، لكن القلوب المتحجرة لم تُلقِ بالًا. أطلقوا النار عليه أمام أعينها، فسقط شهيدًا، وتركوه جثة هامدة على قارعة الطريق.[9]
تدمير مستشفى كمال عدوان إعدام لآلاف الفلسطينيين
وفي شهادة للطاقم الطبي العامل في مستشفى كمال عدوان وقد نشرت عبر مواقع الواتس أب اوضحوا فيها “كان هناك قصف مباشر على أقسام الأرشيف والتعقيم والصيانة في المستشفى، مما أشعل حريقاً انتشر بسرعة إلى أقسام المرضى وغرف العمليات والمختبر. للأسف، لم يكن هناك ماء متاح لإخماد النيران لأن قوات الاحتلال دمرت خزانات المياه، ومع انتشار الحريق، حاول بعض الشبان إخماده باستخدام الماء من جهاز غسيل الكلى، والذي كان ممزوجاً بمادة الكلور، مما أدى إلى إصابتهم بحروق في أيديهم ووجوههم، للأسف، استشهد بعض الشبان في قسم الصيانة، بالإضافة إلى آخرين من المرضى بسبب الحريق، بعد أن قصفت قوات الاحتلال المستشفى، وصلت ثلاث سيارات إسعاف، وقامت وزارة الصحة بإخلاء بعض المرضى إلى المستشفى الإندونيسي، الذي يفتقر أيضاً إلى الماء والكهرباء. تم نقل الطاقم الطبي، إلى جانب النساء والمرضى، في حافلة صغيرة عبر ثلاث نقاط تفتيش للوصول إلى المستشفى الإندونيسي، مع نهاية تاريخ 27 ديسمبر هناك أكثر من 30 شخصاً في المستشفى الإندونيسي، بين الطاقم الطبي والمرضى، بدون طعام أو ماء أو كهرباء، المستشفى يفتقر حتى للنوافذ والجو بارد جداً، ليس لدينا حتى أغطية لتدفئة أطفالنا.. لا زلنا نواجه وضعاً صعباً للغاية”…! حسنا لقد عرف العالم أجمع بكل هذه التفاصيل وأحدا لم يفعل شيء…! لم يفعل أحدا شيء سوى انتظار المزيد من المكيدة، المزيد من الموت والمزيد من الفقدان والفزع…![10]
أما منظمة الصحة العالمية فقد صرحت إثر هذه الجريمة المروعة بحق القطاع الصحي “خروج مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة عن الخدمة جراء غارة صباح اليوم، والتقارير الأولية تشير إلى إحراق وتدمير كبير لبعض الأقسام الرئيسية في مستشفى كمال عدوان، وهذا التفكيك الممنهج للنظام الصحي في غزة يشكل حكماً بالإعدام على عشرات الآلاف من الفلسطينيين”
نهاية مأساوية لمستشفى كمال عدوان ولمن فيه من كوادر طبية وجرحى ومرضى وعائلات نازحة، نهاية مأساوية لعام 2024 على شمال غزة يستمر القتل بينما يتجهز العالم للاحتفال بالمفرقعات والألعاب النارية ليضيئوا سماء عامهم الجديد بالأمنيات الجميلة فيما نرزح جميعنا ما بين فقيد وقتيل وجريح ومشرد … لك الله يا غزة…!! ما عاد يجدي الكلام…!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاتبة وإعلامية فلسطينية من قطاع غزة
[1] مقابلة مع عمة الطفلة عبر الواتس أب بتاريخ 27 ديسمبر 2024، مع الاحتفاظ بالاسم وباقي البيانات احتراما لخصوصية الطفلة والحالة النفسية التي تواجهها الآن اثر ما واجهته أثناء النزوح.
[3] شهادة لسيدة فلسطينية أجبرت على إخلاء مستشفى كمال عدوان مرفق الرابط للفيديو https://www.facebook.com/
[4] مقابلة مع الدكتور حسام أبو صفية أجراها مراسل RT في قطاع غزة بتاريخ 26 ديسمبر 2024 https://arabic.rt.com/world/
[5] تصريح صادر عن الطاقم الطبي لمستشفى كمال عدوان بتاريخ 27 ديسمبر
[6] وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 27 ديسمبر 2024
[7] المكتب الإعلامي الحكومي بيان صحفي رقم 707 بتاريخ 27 ديسمبر 2024
[8] الشهادة بصوت الحكيمة نور المقيد عبر الواتس أب من خلال أختها سها لتعذر التواصل المباشر معها لانقطاع التواصل ما بعد اقتحام المستشفى
[9] https://alresalah.ps/post/
[10] تصريح من الطاقم الطبي في مستشفى كمال عدوان بتاريخ 27 ديسمبر 2024