التمييز في العمل حين يضغط على جرح الإعاقة، هذه حكاية أماني
هديل فرحات/ مركز الإعلام المجتمعي
بابتسامة جميلة وثوب يحمل طبعات الورد وشالٌ ورديّ اللون يناسب فتاة في مثل عمرها، أطلّت الشابة أماني جعرور “25 عامًا”، والتي تعاني من إعاقة حركية منذ طفولتها، تسببت بها هشاشة العظام التي تعانيها.
لكن الابتسامة الوديعة، تخفي خلفها حكاية ألم تسبب بها التنمّر والتمييز الذي تعرضّت له أماني من المجتمع، والذي لم تخفّ حدّة آثاره عليها رغم محاولات والدها حمايتها منذ الطفولة.
أماني وهي من سكان مدينة غزة، عانت في طفولتها نظرة سلبية من بنات جيلها فقط لكونها من ذوات الإعاقة الجسدية، ما تسبب لها بحزن وألم كبيرين، فقرر والدها حمايتها من خلال إلحاقها بمركز تعليم خاص مقابل مبلغ مالي كبير، فهناك لم تشعر أماني بأي نقص أو تمييز وسط أقرانها من ذوات وذوي الإعاقة.
لكن ولأن الرياح لا تأتي دومًا بما تشتهي السفن، تحكي أماني ما حدث: “تفوقت في المدرسة، وواصلت التعليم هناك حتى الصف الثالث الابتدائي، ولكن تدهور الوضع المادي لوالدي بسبب الظروف التي عاناها قطاع غزة آنذاك أثّر سلبًا عليّ، فلم يعد قادرًا على تحمّل نفقات تعليمي التي يدفعها للمركز”.
تكمل أماني: “انقطعت عن الدراسة بعد تدهور وضع أبي، والتزمت البيت، وكان هذا مؤلمًا بالنسبة لي”.
لم تتمكن أماني وهي فتاة صغيرة في بداية حياتها من التعايش مع نظرات الناس القاتلة، تمييز واضح ضدها فقط كونها مختلفة، بداية من أماكن التعليم التي لا تتوفر بشكل مجاني للأطفال ولا توائم ذوات الإعاقة، ومرورًا بالمستشفيات والعيادات الخاصة وأماكن تلقّي العلاج فيها، وانتهاءً بأماكن العمل والتدريبات.
حاولت أماني أن تلبس قناع القوة وأن تضع التمييز ضدها جانبًا، حاولت تجاهل التنمّر الذي تتعرض له ولا تتركه يؤثر عليها، لكن نبرة الألم غطّت على الابتسامة التي ارتسمت على قسمات وجهها الجريحة.
بدت ملامح التميز العنصري ضد النساء ذوات الإعاقة في قطاع غزة جلية أمام أماني التي باتت تشتكي شح فرص العمل لهن في قطاع غزة.
تشير أماني إلي تلك المعاناة:” منذ سنوات أقدم طلبات لدى الكثير من المؤسسات من أجل الحصول على فرصة عمل أو دعم لمشروع خاص أستطيع من خلاله الإنفاق على نفسي وأحقق ذاتي، لكن دون جدوى”.
وما زالت أماني تسعى للحصول على فرصة تثبت من خلالها ذاتها بالعمل والاستقلال المادي لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، رغم لجوئها للعديد من المؤسسات المحلية والدولية في قطاع غزة.
لم يكتف المجتمع من قص أجنحة أماني ومعاملتها بتمييز واضح في مجال العمل، بل حُرمت من التعليم بالشكل الذي تودّه.
انضمت أماني حديثًا إلى أحد المعاهد التي عرضت عليها منحة دراسية مقابل 200 شيكل للفصل الدراسي الواحد.
تقول: “أدرس حاليًا تخصص السكرتاريا وهو التخصص المناسب لحالتي، فهو لا يتطلب جهدًا كبيرًا في الحركة، وافقت على هذه المنحة كونها أفضل عرض قُدّم لي، والذي يناسب وضعي المادي”.
وما زالت أماني تحارب في هذه الحياة للحصول على حقوقها في كافة الجوانب بعيدًا عن التنمر والتمييز.