7 إرشادات لتطوير المؤسسات الإعلاميّة الناشئة
نجوى همامي – شبكة الصحفيين الدوليين
تواجه مؤسسات إعلامية ناشئة صعوبات كبيرة في ضمان ديمومتها وبناء مستقبل لها وسط عالم مليء بالتحديات والعراقيل، وبحال كان لديك مؤسسة إعلامية وترغب في تطويرها ومعرفة آليات التسويق لها، ستجد الإجابات عن كل ذلك في هذا المقال بناءً على دروس مقدّمة من برنامج مركز التوجيه للمبادرات الإعلاميّة الناشئة التابع لشبكة الصحفيين الدوليين.
قبل سنة ونصف كنتُ أضع مع فريق صحفي صغير لمسات برمجة إذاعية تحترم أخلاقيات المهنة الصحفية القائمة على حقوق الإنسان وإبلاغ صوت كل الناس عبر إذاعة جمعياتية داخل حي شعبي يعتبر الأشد فقرًا وتهميشًا في العاصمة التونسية (السيدة وحي هلال). رغم كل الصعوبات والتحديات كنا نعمل معًا من أجل كلّ مواطن ومواطنة في هذا الحي واستطعنا النجاح رغم ضعف الإمكانيات، لكنّ ضمان ديمومة واستمرارية هذا الحلم الذي يعتبر حلم أجيال من مناضلي ومناضلات حقوق الإنسان باتَ صعبًا جدًا في ظل تواصل التضييق على الحريات في تونس وكثرة المنافسين من الإذاعات الجمعياتية البالغ عددها 22 إذاعة وغياب الدعم العمومي.
اخترت أن ألخّص ما تعلمته طيلة سنة كاملة من التدريب والتأطير على يد أساتذة متخصصين في 7 نصائح علها تفتح أمامكم/ن أملًا لاستكمال مشاريعكم/ن:
أولًا، إلغاء كلمة مستحيل
ثق في نفسك ولا تتذمر مهما كان الطريق طويلًا وصعبًا. أول قاعدة تعلّمتها هي أن ألغي كلمة “مستحيل” من معجمي اللغوي والفكري فطالما توجد مشاكل يجب أن أبتكر لها حلولًا وأن أفكر دائمًا خارج الصندوق حتى أعي جيدًا حجم المشكل والمدة الزمنية للحلّ. من خلال هذه الطريقة أصبحت أستقبل تلك الصعوبات بفكر مغاير وبعقل أكثر هدوءًا ووعيًا وبأنّ كل المشاريع تواجه الصعوبات والعراقيل وعليّ التفكير فقط في نجاح مشروعي.
ثانيًا، تحديد نقاط الضعف والقوة
من خلال التحليل الرباعي swot استطعت تحديد نقاط قوة المشروع وضعفه وكذلك التحديات والفرص المتاحة أمامه. في هذه المرحلة ستتضح لكم/ن خارطة الطريق التي ستبني على ضوئها كل قصتك المهنية بأكثر وضوح ودقة وترتيب، هنا ستعرف حجمك في السوق وكيف ستستطيع تطويره عبر إزاحة نقاط ضعفك وتغييرها لنقاط قوة بالاعتماد على استراتيجية تخطيط واضحة.
ثالثًا، العمل وفق استراتيجية واضحة
وأنت تفكر/ين في نجاح المشروع عليك قبل كل شيء وضع استراتيجية عمل واضحة. في هذه المرحلة اعتمدت كل الطرق لدراسة الجمهور عبر سبر الآراء والتقارير الميدانية والحديث مع سكان الحي وزيارتهم داخل منازلهم والجلوس معهم/ن مطولًا لفهم شخصياتهم وميولاتهم وأحلامهم، ثم علمت أن الإشكالية الكبرى تكمن في عدم ثقتهم في الإعلام الذي روّج لهم فقط كـ”وكر للإجرام والفقر والمخدرات والبطالة”. علمتُ هنا أنّ مهمتي صعبة لكنها ليست مستحيلة فعلي أن أجد حلولًا لبناء ثقة مع المواطنين والمواطنات ستعرفونه في النقطة التالية.
رابعًا، تقديم محتوى قريبًا من الناس
لكسب ثقة الناس كان علي وضع استراتيجية محكمة تجعل من الإذاعة الوسيط بين الحي الشعبي والجهات الرسمية وكان الأمر كذلك، استطعنا عبر طرح عدة إشكاليات ومواضيع داخل الحي الشعبي عبر تقارير واستضافة السكان في برامج خاصة في الإذاعة تتحدث عنهم وتنطلق منهم وتنتهي إليهم. واستطعنا أن نغيّر قرارات المسؤولين في المنطقة وفرضنا من خلال تعهداتهم في الإذاعة زيارات ميدانية لهم كللت بإنجاز مشاريع وإصلاح مدارس وتمكين المرضى من الحصول على الأدوية وتوفير فضاء للترفيه للأطفال. ولعبت الإذاعة دورًا هامًا من خلال برامج التوعية والتعليم عن طريق الصحافة التفسيرية.
خامسًا، طرق الأبواب من زوايا مختلفة
كانت البدايات صعبة، لكن باعتبار الإذاعة تابعة للمعهد العربي لحقوق الإنسان، فقد ساعدنا شركاؤه في شراء المعدات التقنية وبناء الأستوديو الإذاعي، ثم فكرنا في طرق الأبواب من زوايا فكر مختلفة فالإذاعة ناشئة وما نقدّمه هو محتوى إعلاميّ يستطيع جذب دعم الممولين. وباعتبار الإذاعة صوت من لا صوت لهم قمنا بإعداد البرمجة على هذا النحو فأعطينا صوتًا لذوي وذوات الإعاقة عبر شراكات مع المنظمات المدافعة عن هده الفئة، ثم أسمعنا صوت اللاجئين/ات والمهاجرين/ات عبر برامج تدافع عن قضاياهم/ن، ومنحنا صوتًا للأطفال عبر برنامج خاص بهم مموّل من منظمة اليونيسيف.
سادسًا، دعهم “يرون صوتك”
نعم لقد قرأت الجملة جيدًا أنت لست مخطئًا، فمن السهل سماع الصوت لكن من الصعب رؤيته. من خلال دعم الموجهين ونصائحهم استطعتُ أن أجعل الجميع يرى صوت الإذاعة عبر خطة تسويق محكمة تمكنّا عبرها أن نبني شراكات مع كل القطاعات وفي كل شراكة هدف نبيل يتحقق لسكان الحي واستطعنا فرض صحافة قرب مغيرة لواقع صعب جدًا داخل الحي الشعبي إلى أمل في حياة أفضل عبر توفير الحقوق للناس وتمكينهم من حقهم في السكن والصحة والتعليم والثقافة، واستطعنا عبر خطة التسويق أن نجعل كل عيون المسؤولين والإعلام والمنظمات ترى صوت إذاعة السيدة.
سابعًا، كُن إنسانًا
تركت هذه النصيحة في الأخير لأنها الأهم بالنسبة لي. فقد تعلمت طيلة هذه السنة كيف أستطيع النجاح وإبرام الإتفاقيات والمشاريع المربحة من دون أن أنسى أنسنة عملي وكيف أنسى وشعار الإذاعة “حقوق الناس”؟
المصدر: شبكة الصحفيين الدوليين