تعدد الزوجات، من شرط العدل إلى أداة لظلم المرأة
غزة/ سالي الغوطي
يتذرع الكثير من الرجال بحقهم الشرعي في التعدد، لكنهم يتجاهلون التوصية بضرورة العدل بين الزوجات، ويحطمن بذلك افئدة زوجاتهن، فكثيراً ما نسمع عن زوج يفضل زوجة على أخرى، ويهملها وأولاده وينشغل بواحدة، وكثيراً ما نسمع عن زوج يُفاضل بين زوجاته في مكان السكن، أو في تلبية الاحتياجات ومواضيع أخرى كثيرة.
هجران
مني (41عاماً) الزوجة الثانية ،أم لخمسة أطفال تقول: “نادوني بالعانس فقبلت الزواج من شخص اكبر مني بعشرين سنة،حدثت مشاكل بيني وبين ضرتي وأبنائها فهجرنا زوجي أنا وهي، وتزوج الثالثة “.
تابعت وهي تحرك عيونها بشكل سريع كأنها تريد أن تهرب من ذكريات لا تريد أن تتذكرها” تزوج وبقيت لمدة عامين فقط زوجة على ورق، اسكن في غرفة واحدة يكاد سطحها يلامس الأرض لهشاشته ، يملأه السواد كأن حريقاً اشتعل بها، كانت لا تصلح للعيش الآدمي ولا تكفي ستة أفراد”.
تضيف بحسرة: “طلبت الطلاق فهددني بأخذ أطفالي، كما طلبت أن أعمل كرت شئون في وزارة الشؤون الاجتماعية لأعيل أطفالي فهددني مرة أخري بأطفالي وكأنه يعرف نقطة ضعفي، يعطيني 200 شيكل كل ثلاثة شهور كمصروف لي ولأطفالي”.
(أحلام ) وهو اسم مستعارة لسيدة أصرت على عدم البوح بتفاصيل كثيرة عنها، تقول: “أنا الزوجة الثانية، بعد مرور أيام على زواجنا طلق زوجته الأولي، وأخذ منها الطفل، وطلب مني أن أربيه، كنت في ذلك الوقت عروسة صغيرة، وكان ابنه لا يرغب بوجودي مع والده”.
بابتسامة ساخرة تابعت: “كان دائما يخلق الأكاذيب بيني وبين والده وكان زوجي يقف بجانبه في كل المشاكل، وأصبحت أنا وأطفالي لا قيمة لنا عنده، ،طلبت الطلاق وحصلت عليه وبعد ضغط كبير عدت إلي بيتي من اجل أطفالي ومن اجلي نفسي فمجتمعنا لا يرحم المرأة المطلقة “.
تقول “رجعني زوجة على ورقة فقط، كنت أسكن أنا وأطفالي لوحدنا، وهو يسكن في بيت أخر ،لا يسأل عن أولاده ،ولا عني كون أني زوجته ولدي حقوقي ،فقط نعيش حياتنا على رسائل الجوال، واستمرت الحياة لأيام وشهور وسنين لم يتغير شئ سوي عندما صدمت بأنه بعد أيام قليلة سيتزوج بالثالثة”.
حب مفقود
أما فاطمة (35عام)،الزوجة الأولي، وهي أم لخمسة أطفال، تقول: ” تزوجت وأنا أبلغ من العمر 15عاماً، وسكنت في بيت العائلة وتحملت كل الضغوطات، حتى حققت حلمي في أن يكون لي بيت مستقل، فرحتي بإكماله كانت كبيرة جداُ ونسيت فكرة الديون الملقاة على ظهري”.
تبدل وجهها الضاحك إلي وجه كئيب: ” قتل فرحتي بقراره الزواج من أخري،أكثر شيئ يقتلني هو عندما اشتاق له وأعبر عن ذلك فلا أجد منه سوي التهرب دون أن يلبي رغبتي بوجوده معي، وأطفالي في سن المراهقة يحتاجون لحنان وعطف والدهم الذي يتهرب من مسؤوليتهم كلما واجهته بذلك، إهماله الشديد جعلهم يكنون له عدائية شديدة”.
إسراء (28عاماً)، لا زالت معلقة منذ أكثر من سنتينن بعد أن تزوج عليها زوجها، تقول: ” تزوجت زوجي عن قصة حب، وبقيت معه لسنوات نعيش في مصر، كان غيوراً جدا ومع ذلك تحملته، ثم فقد زوجي عمله ،كنا نعيش في بيت بالإيجار ،عند ذلك قررنا العيش في بيت العائلة ،ليبدأ سيناريو الحماة والكنه”.
أغمضت عينيها تقاوم دموعها: ” زادت المشاكل، والضرب، والاهانات، وتشكيك بأخلاقي، ونعتي بألفاظ بذيئة، ثم طلبت منه أمه أن يتزوج علي ويبقيني معلقة، وقد فعل ما طلبته، وبقيت في مصر بعد زواجه شهرين، أحاول الهرب بأطفالي إلي غزة بين أهلي حتى حصلت علي ذلك ولكن ما زلت معلقة مدة سنتين حتى الآن بحجة انه يربيني بذلك “.
تأثير سلبي
الأخصائي النفسي إبراهيم مطر يرى أن قضية تعدد الزوجات تؤدي إلي اضطرابات نفسية عند المرأة في ظل الحياة الزوجية القائمة على المشاكل والخلافات والتوتر، مطالباً الزوج بأن يحكم عقله جيداً عند اتخاذ قرار الزواج من أخرى، وأن يراعي مشاعر زوجته حتى يتجنب هدم بيت الزوجية وذلك من خلال العدل والمساواة بين زوجاته.
وأشار مطر إلي ضرورة حماية كرامة المرأة وعدم ظلمها، من خلال إعطائها الحرية الكاملة في الزواج وفي الفِراق، فإن هي لم ترغب بأن تكونَ زوجةً لرجلٍ متزوّجٍ بزوجةٍ أُخرى، لا أحد يمنعُها من تحقيقِ رغبتِها ، وإن اختارت المرأةُ المتزوّجةُ الفِراقَ لا بد أن تُحفَظُ حقوقُها وحقوقُ زوجِها .
تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)