بعد العدوان .. هاجس الهجرة يعود لمطاردة الشباب الغزيين
عبد الرحمن نصارCMC –
لم تكتفي السنوات الثمانية الماضية وما حملته من حصار وعدوانين متتاليين وعدم الاستقرار بجميع معانيه بإنهاك اجسادهم قبل ارواحهم, بل طالتهم حربا ضروس لم تفرق بين الاطفال والنساء والشيوخ والشباب استمرت لأكثر من 50 يوم في الدمار والقصف المستمر الذي لا يتوقف لتقتل ما تبقى من نفس لهم .
حاله كحال العديد من الشباب الفلسطيني بقي بين احضان اسرته واحتضن اطفالها عبد الشافي صيام الذي يقطن بالقرب من موقع عسكري, يقول ” كنا نسمع دوي الانفجارات كل ساعة دون انقطاع وما كان مني الا مواساة وتهدئة أطفالي فقد كان يطاردهم الخوف دون توقف , طل محاولاتي فشلت كون القصف الجوي بقي مستمرا”.
ويضيف الشاب صيام انه بعد انتهاء العدوان اراد الخروج من الحالة النفسية السيئة التي لازمته طيلة ايامه , من خلال الخروج مع اصدقائه والابتعاد عن البيت والاجواء المحيطة به .
*** الهروب من الموت للمجهول
ورغم اختفاء وغرق العشرات من الشباب والعائلات الفلسطينية التي سلكت طرقا غير شرعية للهجرة إلى أوروبا عبر البحر ، إلا أن الشباب الغزي لازال يحلم بالهروب من الواقع الغزي حيث الدمار والحصار وفرص العمل القليلة.
الشاب ابو فادي الذي يحمل شهادة الماجستير قد قرر الخروج من غزة بلا رجعة ولكن عن طريق الهجرة اللاشرعية , حيث يقول ” بعد انهاء العدوان لم اجد مكانا لأحقق ما سعيت له حتى الوظيفة التي كنت انتظرها لم أعد احلم بها ، بيتي دمر وعائلتي تشردت”.
ويتابع” لست وحدي من يفكر بالهجرة فالكثير من أصدقائي رحلوا مجرد فتح المعبر وجميعهم يحملون شهادات عليا”، مشيرا إلى أنه رغم طريق الهجرة محفوف بالمخاطر لكن يبقى لديه بصيص امل لإيجاد فرصة صغيرة يمكن استغلالها لبناء مستقبله من جديد.
ومن الناحية النفسية يقول الاختصاصي أشرف زقوت :”اعراض الصدمات لدي الشباب هي نتاج طبيعي لما تعرضوا له ولا تزيد فترتها لمن لديه القوة النفسية عن شهر الى شهرين”، داعيا الشباب إلى الابتعاد عن الذكريات المريرة التي لا تجلب لهم الحزن .
ونصح العائلات في حال تفاقم حال ابنائهم النفسي عليهم طلب مساعدة الاختصاصي النفسي حتى يساعد في اخراج الحالة مما هي عليه.
تفاصيل حكاية غرق الفلسطينيين كانت وفق ما ورد في بيان للمركز الاورمتوسطي أنه حينما اقترب موعد الرحلة حيث تجمع معظم الضحايا في مدينة دمياط ثم نقلتهم باصات كبيرة إلى شاطئ دمياط والاسكندرية وكان بانتظارهم مراكب صغيرة بمحرك لتقلهم إلى شاطئ اخر في عرض البحر، وخلال نقلهم من الباصات إلى المراكب تم سرقة ممتلكات بعضهم .
انطلقت القوارب الصغيرة في الساعة العاشرة من مساء يوم السبت السادس من أيلول، واحدا تلو الاخر باتجاه القارب الكبير، وقد استغرقت الطريق معهم قرابة الساعة، ووفقا للإحصائيات المتوفرة التي جمعها المرصد الاورمتوسطي من الناجين فإن عدد المهاجرين عند الاجتماع في القارب المكون من طابقين كان ما بين 400 إلى 450 شخصا منهم نحو مائة طفل، تكدس منهم نحو 250 في الطابق العلوي والبقية في السفلي.
بعد ساعتين من انطلاق القارب الصغير تم نقل الركاب إلى آخر بناء على طلب المهربين وبعد يوم ونصف من المسير انتقلوا مرة اخرى عبر قارب اخر ليكمل طريقه بهم إلى ايطاليا الذي غرق فيما بعد.
وأثناء الرحلة توقفت مضخة المياه وقلّ ماء الشرب ونفد الطعام الا القليل من التمور كانت بحوزة الركاب تقاسموها، وفي عصر يوم الواقعة طلب المهربون من الركاب الانتقال الى المركب الاخير وبدا للركاب أنه صغير ومتهالك فرفضوا الانتقال اليه، وحدثت مشادة عنيفة بين المهربين والمهاجرين انتهت بإكمال المسيرة على نفس القارب .
انتظر الاشخاص ليتأكدوا من غرق قارب الركاب قبل مغادرتهم وقال الناجون إن هؤلاء الاشخاص ظلوا يلتفون حول القارب وهو يغرق بينما هم يضحكون ساخرين.
الحادثة التي وقعت تعد جريمة متعمدة هدفت إلى التخلص من المهاجرين في عرض البحر، ويظهر ذلك جليا من خلال صدم القارب أكثر من مرة وعدم مغادرته إلا بعد التأكد من غرقهم.
يذكر أن البحرية المالطية أكدت أن المركب كان في المياه الدولية على بعد 300 ميل بحري جنوب شرق مالطا عندما وقع الحادث.
الرابط المختصر : http://ywjournalists.org/ar/?p=384