صابرين, انتهت أحلامها بصاروخ وخطيب هاجر

غزة_CMC_هبة كريزم

تختلط في عينيها نظرات الحزن بالأمل والإصرار على متابعة الحياة، بعد أن قُتلت أحلامها بالزواج وإنجاب الأطفال وتكوين أسرة صغيرة، على يد الاحتلال الاسرائيلي ومن ثم على يد خطيبها الذي هجرها على الرغم من أنها مازالت مخطوبة له, بعد أن بُترت قدميها جراء إصابتها في العدوان الأخير 2014م.

صابرين “19 عاماً”, تسرح في مستقبلها الغامض وتقول: “كنت أحضر نفسي أنا وأختي فاطمة لإجراء مراسم الزفاف قبل عام تقريباً، جاءت الحرب ولعب القدر دوره  في تغيير مسار حياتي، فقُصف منزلنا ونحن فيه، بترت قدماي واستشهدت أختي”.

تقول صابرين وهي جالسة على فراشها، “ثاني أيام العيد خلال الحرب، عدنا للمنزل أنا وفاطمة وأخي يحيى لطبخ بعض الطعام، وجمع فراش المنزل لنقله إلى المدرسة التي كنا فيها، وبينما كنا نستعد لصلاة العصر حلت الكارثة، وقعت أختي على صدري من جراء صاروخ طائرة استطلاع، هذا كل ما أتذكره”.

عاشت صابرين غالبية تلك المرحلة وهي فاقدة للوعي داخل المستشفيات المصرية، وما أن استعادت وعيها حتى أدركت حقيقة ما حدث معها،  تقول: “ما إن استعدت وعيي بعد الصدمة التي تعرضت لها، حتى أدركت أن حلم زواجي وانجابي للطفل الذي سأحمله على صدري قد بترا أيضاً, فأنا أعلم طبيعة المجتمع في قطاع غزة وحتى لو تمسك ي خطيبي فإن أهله لن يعجبهم الحال”.

منذ أن أصيبت صابرين وعلم خطيبها ببتر قدميها لم يقم بزيارتها، رغم أنها في أحوج الأوقات لوقوفه بجانبها، وتقول ” خطيبي لم يقم بزيارتي إلى هذه اللحظة إلا مرة واحد، وعندما كنت أتلقى العلاج في مصر, لم يقم بالاتصال بي والاطمئنان على صحتي وعلى ما أصابني، والآن أنا لا أريد رؤيته لأنني لا أتحمل نظرة شفقة أو حزن منه على وضعي الصحي الجديد”.

خطيب صابرين لم يملك الجرأة ليقل لها أنه لا يريد رؤيتها, ولا يتقبل وضعها الصحي الجديد، بل فضل أن يتهرب ويمارس دور الجاني على الضحية، فكانت مفعول تصرفاته أقوى من مفعول الصاروخ الذي تعرضت له، وتتابع حديثها بعصبية “كل ما أريده أن يصل كلامي لخطيبي، فهو أثر على نفسيتي أكثر من أي شخص آخر، المفترض أن يكون هو شريك حياتي، ولكنه تخلى عنى منذ البداية، ولم يقف بجانبي في ظل أزمتي”.

صابرين والتي ترفض مساعدة أي شخص لها من عائلتها وتتصرف معهم بعصبية زائدة، وهم يراعون الحالة النفسية التي تمر بها، تضيف: “في الكثير من الأحيان أرفض مساعدة الآخرين لي، وأجلس بيني وبين نفسي أفكر أن ما حدث لي هو قسمة ونصيب، ولكن ما لا أفسره خطيبي الذى ابتعد كثيراً عني فجأة، وباع كل أحلامنا التي كنا نخطط لها’ واسأل نفسي لماذا لم يفسخ خطبتنا وأنا على ذمته حتى الآن رغم عدم زيارته لي ابداً؟ “.

الوقت الذي تقضيه صابرين في غرفتها, جعلها تصارع أفكارها كثيراً, تقول: “لو أن ما حدث لي, حدث مع خطيبي هل سيكون تصرفي معه نفس تصرفه معي؟ و لو تركته فالناس ستقول قليلة أصل, و سيجبرني المجتمع على تقبل وضعه الصحي الجديد,فلماذا يظلم المجتمع المرأة في هذا الشأن ولا يتقبل قرارها, بينما يتحيز لحرية الرجل في هجره المرأة عند إصابتها بمكروه؟”

خطيب صابرين أثر كثيراً على حياتها بشكل سلبي، ولكنه جعلها تكتشف الكثير من الأمور في الحياة لم تكن تعلمها، وتقول “لن أقف عند هذه المرحلة فأنا لست عاجزة عن تحقيق أحلامي، حياتي بدأت من هذه اللحظة، حياة جديدة أمارس فيها نشاطاتي التي كنت أحبها من تطريز فلاحي، والرسم، ومتابعة الانترنت، وسأسعى جاهدة من أجل عودتي إلى حياتي السابقة بدون ارتباطي بخطيبي ولا شيء سيكسرني بعد ذلك”.

عائلة صابرين لم تتركها في ظل أزمتها، اخواتها يتبادلون الأدوار لمساعدتها لتعيش حياتها مثل ما كانت عليها في السابق، تبتسم وتقول “والدتي وأخواتي دائما بجانبي يحاولون إسعادي بكل شيء يستطيعون تأمينه لي, ودعمهم لي هو مايجعلني صامدة “.

** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى