تجربتي في الحرب
غزة – CMC
أول ساعة حرب 1:30
كنت أجهز نفسي وأغراضي للذهاب إلى عملي كانت تأتيني اتصالات تطرح علي سؤال هل ستذهبين إلى العمل؟ ، فكانت اجابتي “نعم” ، دقائق قليلة حتى انتهيت وخرجت مسرعة وفي منتصف الطريق جاءني اتصال بضرورة العودة للبيت كون الاحتلال الاسرائيلي اعلن التصعيد ضد قطاع غزة .
عدت للبيت وقضيت اليوم الاول والثاني بين الخوف والقلق ، بينما في اليوم الثالث جاءني اتصال من مديري بمؤسسة امل ليسألنيان كنت قادرة على الخروج ومساعدة الناس ،فكان جوابي ” نعم ، لا مشكلة دون أي دقيقة تفكير بالموضوع او التخوف من الوضع الامني الغير مستقر”.
حاولت أمي منعي الخروج من البيت لاسيما مع اشتداد قصف الطائرات الاسرائيلية في كل انحاء القطاع وقالت :” خوف .. خطر كيف بدك تطلعي بالحرب “، وقتئذ أجبتها بالآية القرآنية ” قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ” ، بينما والدي “اذهبِ وكوني حذرة “.
عندما وصلت المؤسسة علمت أنها ستكون زيارة للأطفال الجرحى في مستشفى الشفاء جهزنا أمورنا وذهبنا إلى المستشفى لم نكن نشعر بشيء أثناء الطريق ، عند وصولنا شاهدنا أوجاع الاطفال تختبئ خلف ابتسامة خائفة فما كان منا سوى تقديم بعض الالعاب والحلويات للتخفيف عنهم وكذلك اللعب معهم.
بعد تلك الزيارة عدنا إلى بيوتنا ، وبمجرد مضي أيام قليلة حتى بدأ الاجتياح البري ونزوح المئات من سكان المناطق الشرقية والشمالية بالنزوح ، فقد سكن في حارتي أكثر من مائتي شخص قاموا باستئجار شقق ، وقتئذ قمت برفقة أصدقائي في الجمعية بزيارتهم للاطمئنان عليهم وتحديد احتياجاتهم لتوفير ما هو ممكن من ملابس وطعام ومواد تنظيف وايصالها في وقت زمني قصير.
طيلة ايام الحرب كنا نتفقد النازحين بمختلف المناطق ونقدم لهم كل ما هو متاح من مساعدات يجود بها اهل الخير .
في شهر رمضان المبارك كنا نخرج من بيوتنا في الصباح الباكر ونعود إذا أسعفنا الوقت قبل أذان المغرب بدقائق ، وغالبا نكون خارج البيت ونبقى صائمين حتى نصل البيت .
أثناء العمل في النهار كنت لا أشعر بلحظة خوف على عكس ما كان يصيبني في الليل حيث كان يسيطر علينا الخوف والقلق وكنت دائماً أقول ” أكره الليل”.
في بعض الزيارات التي كنا نقوم بها واحدة منهم لمدرسة الفلاح في منطقة الزيتون أتذكر تماماً القصف الذي حصل في نفس الحي أثناء تواجدنا داخل المدرسة لتقديم المساعدة لم نخف وواصلنا العمل، لكن القصف الذي حدث في دير البلح امام أعيننا جعلنا نشعر بالخطر لكن دعوات النازحين كانت تدفعنا لمواصلة عمل الخير .
ومن الذكريات التي لن استطع نسيانها يوم هدد برج كامل بالقصف في منطقتي يحتوي على عدد كبير من النازحين من مناطق مختلفة ، حينما شاهدهم والدي يركضون أدخل والدي إلى البيت كما بقية الجيران ما يقارب ثلاثون شخصا ليقيموا ليلتهم فيه .
رغم المأساة التي عشناها طيلة الواحد والخمسون يوم ، إلا أن ابتسامة طفل نلعب معه في احد المدارس او تقبيلي من أم نازحة يشعرني بقمة السعادة والفخر .
الرابط المختصر : http://ywjournalists.org/ar/?p=254