أخر الأخبار

أحد عشر شهيد في حدثين منفصلين تروي تفاصيلهما الأم والجدة أم عبد الله

مركز التنمية والإعلام المجتمعي- غزة/ بقلم فدوى عبدالله

ترسم الذكرى بخطوط الأفراد عبر الزمان والمكان، كما هو حال عائلة الحاجة أم عبد الله حماد الأم والجدة الفلسطينية من قطاع غزة، كان تجديد المنزل القديم الضعيف حلم بالنسبة لها لتفترش عائلتها منزل أكثر دفئا، بتفاصيل يرسمها الأبناء والأحفاد في أطراف هذا البيت الجديد، قبل أن تخطف منهم الحرب الأحفاد والمنزل والأبناء لتبقى الجدة تبحث عبر الزمن رائحة لذكريات وأحلام لم تكتمل.

تعيش الحاجة أم عبد الله حماد، الجدة والأم ألم مركب أثر فقدان أحد عشر فرد من عائلتها في حدثين منفصلين، لم تقوى على تجرع الصدمة الأولى حتى تلقت الأخرى في إستهداف آخر.
تقول الحاجة أم عبد الله حماد:” بينما كنا نتناول وجبة العشاء، فجأة سمعنا صوت إنفجارات قريبة جدا بالتوازي مع تناثر قوي للحجارة مصحوب بدخان كثيف أفقدنا الرؤية، صوت الإسعافات، فرق الإنقاذ، والمتطوعين يحملونا، لنكتشف أننا جميعا في قسم الطوارئ بمستشفى شهداء الأقصى، أنا وزوجي وأبنائي مصابين، زوجة أبني وأحفادي الأربعة شهداء، حيث كانت الشظايا لها الأثر الأكبر على منزل إبني في الطابق الثاني المغطى بالصفيح فلم يحم ِ لا الأطفال ولا أمهم حيث وصلوا المستشفى شهداء”.

تضيف أم عبد الله قائلةً: ” رأيت وجع إبني على عائلته وبكاءه المستمر ليلا نهاراً على فراقهم، لم يستطع تحمل غياب أبناءه، حاولت تصبيره بأنه ليس الوحيد الذي فقد عائلته، مضيفة إن أهلقطاع غزة ذاقوا المر، فالذي يعيشه سكان قطاع غزة ليس له مثيل، إلا أن جميع محاولاتنا لم تخفف من وجعه، وألم عائلته المستمر فأمه وأبيه وأخواته الصغار وهو مصاب، ومنزل العائلة الذي يعيش فيه تدمر “.


لم يمض ِشهرين على حادثة دمار بيت العائلة واستشهاد زوجة إبنهم وأطفالها الثلاثة، وتعرضهم جميعا للإصابة التي ما زالت مشتعلة وبحاجة للعلاج، في الوقت الذي كانوا يحاولون تجميع شتاتهم، عادوا يعيشوا واقعة استهداف جديدة على بيت الأبن الأكبر الذي يعيش في حي بالقرب من منزل العائلة، حيث كان بالمنزل هو وزوجته وأبنائه الأربعة بالإضافة لأخيه الذي فقد عائلته في الحادثة الأولى.

تقول الحاجة حماد: ” في الساعة الثانية بمنتصف الليل استيقظنا على صوت ضربة قوية، خرجت أركض لأعرف مصدر هذه الضربة القريبة كانت الصدمة بأن أرى منزل إبني الأكبر وقد أصبح ركام، وإبني الذي فقد أبناءه في أول الحرب كان في بيت أخيه في تلك الليلة، استشهد ولم يداوِ جراحة على أثر فقدان عائلته، أبني الكبير عبد الله وأبناءه وزوجته شهداء،  أحد عشر فرد فقدتهم، قمنا بتجميع أشلائهم قطع متناثرة، زوجة إبني عبارة عن  أشلاء لم تكتمل ، يجمعوها الشباب في اكياس، ابني دون معالم ومقطع، والأخر خرج من تحت الركام بعد ثلاث أيام بنصف جسم، حفيدتي في الصف الأول الإبتدائي محروقة ومشوهة، ابن إبني عمره سنتين دماغه متفجرة محروقة ومشوهة، عظامهم مهشمة وأشلاء ممزقة، طفل في الصف الخامس بوجه محروق وأشلاء متناثرة”.


معاناة الإصابة

نعيش ظروف صعبة جدا، نحن نحيا في أعداد الأموات، الله فقط هو الذي يعلم كيف تمر الأيام، لم نستطع العناية بجروحنا بسبب الحزن وانشغالنا بوداع أحبابنا واستمرار معاناة الإعياء والمرض، كان من المفترض فك ٢٤ غرزة في رأسي بعد مدة قصيرة من الإصابة، وبسبب الانشغال فككتها بعد شهر، أعاني من الآلام في الجهة اليسرى من الوجه مع شعور دائم بالدوار بسبب سقوط جسم ثقيل على رأسي خلال الاستهداف، وآلام لا تحتمل في قدمي وليس لدي القدرة على الوقوف لمدة طويلة، أرفض الخروج للعلاج وأعيش على المسكنات، انتظر توقف الحرب، الأطباء أكدوا حاجتي لعلاج مكثف وتحويلي للعلاج في الخارج ، كما لي ابن يعاني من شعر في الجمجمة وضعف في البصر على إثر الإصابة، وشظية تحت الأذن وفي الرأس ، جميعنا بحاجة للعلاج، لكن في الوقت الحالي لا قوة لنا وغير قادرين على فعل اي شيء وندعو الله أن يتوقف العدوان.

إعادة ترميم ركام  المنزل
فقط من عام ونصف تم ترميم المنزل ، حيث كانت تعيش العائلة في منزل من الإسبست، وعلى إثر غارة  إسرائيلية ضربت بيت الجيران تدمر المنزل وأحرق أثاثه بشكل كامل وتدمر قسم كبير من المنزل، انتقلوا للعيش في منزل ابنهم الكبير لفترة، ومن ثم قرروا جعل حطام المنزل مكانا يعيشون فيه، وأعادوا ترميم المنزل غير الصالح للعيش من خلال إزالة الركام، وتنظيف ما تبقى من إثر غبار الصواريخ والكحول لإعادة الحياة للمنزل المدمر، ووضع النايلون لإحاطة وتغطية الشبابيك والجدران التي تدمرت لتغطية المكان، للعودة للحياة على ركام منزلهم.

تقول الحاجة أم عبد الله:” هذا هو منزلنا وهذا المكتوب لنا، وما نشاهده من مصائب حولنا تهون علينا مصيبتنا، مقارنة بالعائلات التي تدمرت منازلها بشكل كامل، وبقت دون أثر ومعلم ولم يبقى منها أحياء، كالعائلات التي مسحت من السجل المدني مثل أولادي الذين استشهدوا هم وعائلاتهم، نعيش على ركام ما تبقى من منزلنا ومنزل إبني الأكبر قد تدمر بشكل كامل”.

وحول قساوة الحياة التي يعيشها الناس في قطاع غزة ترى الحاجة أم عبدالله ان  ولديها وعائلاتهم رحلوا وبنفس الوقت ارتاحوا  من المعاناة في هذه الحياة التي هي ذاتها الموت البطيء، فهم عاشوا قسم كبير من مشكلات الحرب قبل موتهم، واصفة الحياة في قطاع غزة بالمستحيلة،  وخاصة حينما تكون الأم شاهدة على كل ما يعيشه أبناءها خلال الحرب ومن ثم موتهم، عائلتين مسحو من السجل المدني،  والجدة تعيش بنصف منزل مدمر وإصابات متعددة تؤرق نومها وبكاء مستمر، مؤكدة انها صابرة وراضية ولكن فراق أحد عشر فرد ثقيل عليها له ألام تحرق القلوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى