غادة: ” طلاقي غيّر حياتي, من العذاب إلى النجاح”
غزة – CMC – ألاء البرعي
عادت إلى بيت أهلها تحمل أطفالها, ولقباً جديداً تخشاه الأسر الفلسطينية في قطاع غزة، فلا أحد يرغب بأن تكون ابنته “مُطلقة”, لم يكن قرار الإنفصال وترك منزل الزوجية سهلاً عليها، فقد أخذ القرار الصعب شهوراً من التردد و التفكير و الشجاعة لتنفيذه.
غادة (35عاماً) حصلت على الطلاق منذ 8 أشهر، بعدما تحملت ما يقارب 4 سنوات من العنف الشديد, من تعذيب وضرب واهانات من زوجها الذي أنجبت منه توأمين لا يتجاوزان ال 3 سنوات, مؤكدة أن طلاقها أعادها إلى مسارها الصحيح في الحياة, و أن حصولها على حضانة أولادها أنصفها بعد كل معاناتها.
تقول :” محظوظةٌ هي من تحصل على الطلاق من زوجٍ يضربها ويعذبها ، إضافة إلى كونه بخيلاً و متعدد العلاقات العاطفية مع النساء, وصعب المراس ولا يتقبل التغيير حتى وإن كان في ديكور المنزل!”.
تستذكر ليلتها الأخيرة في منزل الزوجية قائلةً :” أذكر تماماً الليلة الأخيرة التي قضيتها في منزل زوجي قبل الخروج بشكل نهائي من بابه والطلاق ، كنتُ قد قررتُ الطلاق بعد تفكيرٍ عميق ، لكنني لم أبُح لأحد حتى أقرب صديقاتي”, موضحةً أنها لم تتمكن من جمع أغراضها الخاصة إلا مع الفجر الذي بزغ وهي لا تزالُ مستيقظة تنتظره على أحر من الجمر.
الطلاق بالنسبة لغادة, لم يكن طلاقاً من زوجها فقط, بل من كل الأشياء التي تتعلق به وتذكرها بتلك المرحلة من حياتها, صمتت قليللاً: :” حتى قوارير العطر كان عليَ التخلص منها, ومرآتي وكل شيء منذ لك المنزل, ففي كل مرة كان الجهد والتعب الذي أقدمه لزوجي لا يجدي نفعاً، و كل الأشياء معه كانت تربطني وتشل حركتي”.
كان طليق غادة رجلاً غريباً عن العائلة، لم تعرفه قبل الزواج, وذلك كونها تعيش في مجتمعٍ محافظ لا يسمح للمرأة أن تتعرف على الرجل قبل الزواج ، ” مع اتمام مراسم الخطوبة, يُطلب من الطرفين تقبل بعضهما كأمر واقع ” على حد قولها.
تتابعُ بإبتسامةٍ باهتة :” المرأة التي تعيش تحت ظلم زوجها يُخيم على حياتها نوعٌ من التعب، و يكون الطلاق حلاً صريحاً وواضحاً لإنهاء معاناتها والُمضي بحياتها كما يجب ، تواجه المرأة عقبات اجتماعية في سبيل اتخاذ هذا القرار, لكنها تنجح بإصرارها و وجود داعم حقيقي بجانبها كعائلتها, سيتقبل المجتمع هذا الوضع عاجلاً أو آجلاً عندما تدافع عائلتها عن قرارها”.
عند اتخاذ غادة القرار النهائي كانت مطمئنةَ البال, وسعيدة لمعرفتها أن بوسعها فك الارتباط مع زوجها وأي شيء آخر يتعلق به, جمعت مايلزمها، و استغنت عن الكثير مما يذكرها بقسوة حياتها، ” تركت كافة الأوراق التي كنت أكتب عليها همومي و مشاكلي مع زوجي, في تلك اللحظة وجدت أنها لن تلزمني بعد اليوم وأنه حان الوقت للتخلص من كل تلك الحياة”.
وبسعادة غامرة :” أوصلتُ الحقائب إلى سيارة الأجرة ، وساعدني أخي في حملها، كُنت فرحة لأني حزمتُ أمري، بالنسبة لي، حياتي بدأت بعد حصولي على الطلاق، انتقلت من زواج تعيس من زواجٍ استمر أربع سنواتٍ و أثمر طفلين, إلى حياة جديدة و اليوم أعمل في إحدى المؤسسات واشعر بقيمتي كإنسانة”.
معركة حصول غادة على حضانة طفليها التوأم, لم تكن سهلة, خلال جلسات المحكمة اتهمها طليقها بالجنون أمام القاضي، وأكد أنها تعاني من الصرع والاضطرابات النفسية، لكنها تمكنت من دحض افتراءاته من خلال الحصول على شهادة من مقر عملها أنها حسنة السلوك، وتقرير الطب النفسي بأنها سليمة من الأمراض والادعاءات الكاذبة التي نسبها إليها طليقها, استطاعت أن تحصل على حضانة التوأم.
تختتم حديثها و على وجهها ملامح الفرح”: أنا اليوم امرأة مطلقة و ناجحة جداً في حياتي ، و مع طفليَّ و عائلتي الذين وقفوا إلى جانبي ، أشعر بكثيرٍ من الحيوية و النشاط بعد الانتهاء من كابوسٍ لازمني لأربعِ سنواتٍ مضت، لقد تحررتُ من رجلٍ عذبني وأهانني طوال تلك السنين”.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)