أكاديميات بغزة… الإنجازات معيار ثانوي حين تتفوق النساء

أكاديميات بغزة... الإنجازات معيار ثانوي حين تتفوق النساء
#احترمها #ساندها #الحماية_حق #cdmcgaza

غزة/بقلم شيرين خليفة

“خُضت نضالًا مريرًا حتى أقنعت المسؤولين بافتتاح برنامجٍ أكاديميٍ جديدٍ في الجامعة، وأناضل بصبرٍ ومعاناةٍ كي أحصل على موقعٍ أستحقه، لا أحد يُنكر إنجازاتي، ولكن الكلام يختلف عند تقلُّد المناصب”.

بهذه العبارة، استهلت الأكاديمية (أ.م)، الحاصلة على درجة الدكتوراه، حديثها، وهي التي اجتهدت لتفتتح تخصصًا جديدًا يحتاجه السوق المحلي، وقدمت دراسةً كاملةً له وتم اعتماده من وزارة التعليم العالي، وأقبل عليه الطلبة، إلى جانب إصدارها العديد من الأبحاث العلمية، وأدائها المتميز على مدى 13 عامًا من التدريس بالجامعة!.

بيّنت دراسة لمركز التنمية والإعلام المجتمعي عام 2020 بعنوان “واقع الأكاديميات في المؤسسات الأكاديمية”، أن مواقع صنع القرار في الجامعات والمعاهد تخلو من النساء.

ورغم أن الكثيرات حصلن على درجاتٍ علميةٍ متقدمةٍ قادتهن للعمل في مؤسسات التعليم الجامعي، إلا أن الكثير من المعوقات داخل هذه المؤسسات حالت دون وصولهن لمواقع إداريةٍ متقدمة!

عودة إلى الدكتورة (أ) التي بدأت عملها الأكاديمي منذ عام 2010، وهي تروي: “وصولي لم يكن بالواسطة، فأنا مجتهدة ومثابرة، والجامعة لا تنكر ذلك، المشكلة أنني أعمل بنظام العقد السنوي، الأمر الذي يمنع تقلّدي موقعًا إداريًا، أقوم بمهام رئيس قسمٍ شكليّا، حتى الطموح بأن أصبح يومًا ما عميد الكلية غير وارد”.

تعرضت (أ) لتمييزٍ مبنيٍ على النوع الاجتماعي كونها امرأة، فعند الحاجة لتثبيت عضو هيئةٍ أكاديميةٍ اختاروا الأكاديمي الرجل بدعوى أنه يريد إنشاء عائلة، أو أنه معيل أسرته، ومع ذلك سعت للمواجهة بقولها: “أنا أيضًا من حقي أن يكون لدي بيت وأنفق على عائلة”.

تعقّب (أ): “كل ما أسعى له حاليًا هو حقي في التثبيت ومن ثم رئاسة القسم، لم يعد لدي طموح أن أكون عميد الكلية، فأنا رأيت حجم المناكفات والصراع، لديّ صديقة تحمل تخصصًا فريدًا من نوعه، تطالب بحقها لتكون عميد كليةٍ ذات يومٍ لكنها تواجه ما أواجهه أيضًا”.

وكثيرًا ما كان التمييز على أساس النوع الاجتماعي سببًا في استبعاد أكاديميةٍ من موقعها، فقد حدث أن تمت الموافقة على ضم شابةٍ إلى هيئة أكاديمية، تراجعوا حينما علموا بخطبتها، فهذا كما قالوا سيتبعه حمل وولادة وإجازات وضع، كما تروي (أ) التي تقول إن كونها غير متزوجة وفّر لها مجالًا لتبقى في الصورة.

وأضافت أنه كثيرًا ما يتم استخدام معيار الحالة الزواجية كمعيار بشكل مزدوج حسب الحاجة، مثلًا اعتبار عدم الزواج عائق إن أرادت الجامعة تعيين أكاديمي رجل متزوج لإعطائه أولوية، وميزة في حال المفاضلة بين امرأتين.

حسب دراسة “واقع الأكاديميات” فإن الجامعات تمارس التمييز بحق الأكاديميات غير المثبتات، في الأجور والتكليفات الإدارية، كما لعبت الأحزاب السياسية دورًا في تهميش النساء وتفضيل الأكاديميين الرجال، ومعاناة الكثيرات من التمييز داخل الأقسام كونهن نساء، إذ يرفض بعض الأكاديميين الالتزام بتعليماتهن كونهن نساء.

تجربة مشابهة مرت بها الدكتورة (ل. ك) من جامعةٍ أخرى، فقد كانت إدارية بالجامعة ثم نالت شهادتي الماجستير والدكتوراه تباعًا، ومع ذلك لم تحظ بفرصةٍ للانضمام إلى هيئة التدريس.

تقول (د. “ل): “أشغل موقع رئيس قسمٍ منذ خمس سنوات، ولكن الترقيات متوقفة بسبب الظروف السياسية والسيطرة الحزبية على الجامعة، فكل فصيلٍ له كوتة محددة، بالتالي يفضلون الرجال ضمن كوتة الحزب”.

وتروي (د. “ل) أنها بعد نضالٍ طويلٍ وخوضها ما يشبه العصيان المدني، تقرر منحها حق تدريس بعض المواد بالجامعة، التي تفضل منح ساعات التدريس للأكاديميين الرجال على حساب الأكاديميات، حتى عند شغل المناصب الأكاديمية فعمداء الكليات جميعهم من رجال.

تعقب: “كانت هناك تجربة سابقة بوجود عميدتين، وكانتا رائعتين، لكن الآن غابت النساء، حتى على مستوى مجلس الأمناء، حيث يصعُب وصول النساء لمواقع متقدمة أو إشراكهن في صنع القرار الأكاديمي”.

ضمن تجربتها العملية، خاضت (د. ل) الانتخابات الطلابية، بمعنى أن تملك تجربة في صناعة القرار، لكن حين وصلت للجامعة لم تجد الأمر سهلًا، توضح: “حين يكون لي رأي في مسألة أكاديمية معينة أقوله بصراحة، صحيح أنهم يستمعون، ولكن الرد يكون بالثناء فقط، فأين الاستجابة؟”.

الساعات التدريسية تُمنح للرجال الاكاديميين أكثر، ومواقع صنع القرار لهم، حتى فرصة التحويل من اداري لأكاديمي تعدّ أسهل للرجال، والترقيات كذلك أسرع لهم، لا مبررات حتى في ظل وجود أحزابٍ سياسيةٍ فنحن صرح أكاديمي يفترض به أن يكون نواة وحدة ويجب على الجامعات اعتماد معيار الكفاءة.

بدورها، تقول د. سامية الغصين، الباحثة الميدانية لدراسة “واقع الأكاديميات” التي أعدها مركز التنمية والاعلام المجتمعي: “وصول الأكاديميات لمواقع صنع القرار ضئيل جدًا في الجامعات الفلسطينية، ولا يعبر عن مستوى وجودهن في المؤسسات الأكاديمية، ولا الإنجازات التي قدمنها، ولا طموحاتهن في الوصول لمواقع مؤثرة”.

تضم مجالس الجامعات سيدة واحدة تحمل صفة عميد، وتخلو الجامعات من وجود نواب للرئيس من النساء، وتغيب النساء عن مجالس الأمناء، رغم أنهن موجودات في كل التخصصات ولديهن إنجازات، لكنهن يعانين التهميش بعدم اقتراح أسمائهن وعدم توفّر بيئةٍ داعمة.

مؤخرًا، تم انتخاب د.حنان عشراوي رئيسًا لمجلس أمناء جامعة بيرزيت، وهي المرة الأولى التي تفوز فيها امرأة بهذا الموقع، تعقب الغصين: “هناك الكثيرات مثلها لديهن إنجازاتٍ جديرةٍ باستحقاق هكذا موقع”.

تضيف: “غالبية من يعملون في الجامعات رجال، ويحصلون على التثبيت، أما الأكاديميات فيعملن بنظام الساعة، الفجوة كبيرة، فبعض الجامعات لا تسمح للمرأة بالتدريس سوى لفتيات، بينما يسمح للرجال بتدريس الجنسين!”.

تكمل الغصين: “هناك عميدات وصلن للموقع بعد نضال طويل، وتعرضن لعدم تنفيذ زملاء لهن لقراراتهن، إنهم يتعاملون مع الأمر بشكلٍ شخصي وليس مهني، المؤسف أن مؤسسات تعليمية تتبع للسلطة الفلسطينية هي الأكثر تهميشًا للنساء رغم التوقيع على كل الاتفاقيات المتعلقة بحقوق النساء وحقوق الإنسان”.

وتشدد الغصين على ضرورة أن تراجع الجامعات سياساتها وأنظمتها الداخلية، بما يحقق العدالة للجنسين، ويطلق العنان للعمل النقابي، فهذه الأجسام تدعم بعضها، نقابيًا وإداريًا وأكاديميًا، وكل هذا يشكل لوبي ضاغط لصالح النساء ولتحقيق العدالة، وينبغي سن قوانين تراعي شروط العمل اللائق، وتفرد مساحة أوسع للأكاديميات نحو المزيد من التميّز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى