لينا أمام بوابة العمليات الجراحية من جديد بسبب زواجها المبكر.
غزة_CMC_هيا بشبش
ثقافة المجتمعات العربية عامة، والمجتمع الفلسطيني بشكل خاص تعزز ظاهر الزواج المبكر للفتاة، مع العلم أن هذه الظاهرة قديمة حديثة ولم تنتهِ حتى الآن، لا يقتصر الألم في هذه الظاهرة على المرأة فقط بل يشمل الزوج والأطفال، ولكن الأكثر عُرضة للعنف،هي المرأة، وهي الضحية الأولى لهذه الظاهرة.
لينا (44عاماً) إحدى حالات الزواج المبكر، تزوجت وهي في الثالثة عشر من عمرها ، كان زوجها يبلغ من العمر حينها 18 عاماً تقول : ” لم يكن بيني وبين زوجي أي تفاهم، كان يضربني دائماً، وإذا أراد أن يطلب شيء يطلبه بالصراخ، تحملت غضبه وضربه لي لعل الوضع يتغير ذات يوم، وتحملت مسؤولية أولادي فهو لم يتحمل مسؤوليتهم يوماً، ولم أشتكي لأهلي ولم أطلب الطلاق لأنني كنت أجهل القوانين التي تحمي المرأة وتعيد لها حقوقها، وكنت أخاف من أهلي ” .
تضيف لينا بعيون باكية :” أُسر زوجي في السجون الإسرائيلية حينما كان عمري 20 عاماً، وحكم عليه بمؤبد و20 سنة ، شعرت بالضياع وقتها، فلا أعلم ماذا أفعل أنا وولداي، فلا شهادة أعمل بها لأضمن مستقبل أولادي ولا مهنة تعيلنا، لكن بعد عام من سجنه أُفرج عنه في عملية تبادل أسرى”.
تكمل :”غيّر الأسر من طباعه وخفف من عصبيته، فلم يعد يضربني كثيراً كمان كان في السابق، ولكن ذلك لا يعني أنه لم يعد يضربني نهائياً، توالت السنين بعدها ومازال على ذلك الحال ولم يتغير إلا القليل “.
وفي خلال سنوات زواج لينا الممتدة منذ 31 عاماً، أنجبت لينا 11 ” ولد وبنت” توضح : ” لم أكن أعرف شيئاً عن تنظيم الأسرة أو عن فترات التباعد بين الولادات، ولا عِلم لي عن ما يؤثره على صحة الأم” .
توفى من أبناء لينا ولدان الأول في عمر 20 عاماً، والثاني كان يبلغ من العمر 3 سنوات، لتتحمل مرارة الفقد، والمسؤولية، وعنف الزوج، والأضرار الصحية التي كان للزواج المبكر الأثر الكبير فيها، ولم تطالب يوماً بحقها في معاملة كريمة أو حقوق مالية أو زوجية، بسبب جهلها بقانون يحميها ، وخوفها من أسرتها ومن مجتمع يحمل المرأة مسؤولية أي خطأ.
في سن ،27 خضعت لينا لعملية الغضروف، وفي الوقت الحالي أيضا تنتظر لينا موعداً لنفس العملية تقول: ” بسبب الإرهاق الشديد، وكثرة عدد الولادات، والمسؤولية الكبيرة للمنزل والأطفال، عاد الغضروف مرة أخرى ، مع أنني خضعت لهذه العملية في سن مبكرة ” .
الأخصائية الاجتماعية آيات أبو جياب أوضحت، أن الفتاة حتى سن 18 عام تعد في سن الطفولة والمراهقة، والاحتياجات الطبيعية للنمو، وما يصاحبه من تغيرات جسدية، ونفسية، وجنسية، فالزواج في سن مبكر يؤثر سلبياً على صحة الأم وخاصة على عظامها فعملية الولادة تحتاج بنيةً جسدية مكتملة مما يعرض الكثير من النساء للأمراض.
تضيف أبو جياب: “المجتمع يركز على التغيرات الجسدية للفتاة ويعتبرها مؤهلة لأن تكون زوجة، إن الفتاة حين زواجها تحت سن 18 تعيش شخصيتين متناقضتين، شخصية الطفلة لديها حاجة للاهتمام بالملبس والأصدقاء وإكمال الدراسة، وشخصية قهرية مفروضة عليها فهي الزوجة التي تتحمل المسؤولية وتربى الأبناء وتراعي شؤون الزوج مما يتسبب بضغوطات نفسية وجسدية تتعرض لها كل فتاة زُوجت مبكراً”.
وتعتبر أبو جياب أن الزواج المبكر، هو البوابة الرئيسية للأمراض المزمنة والأمراض النفسية والمشاكل التي تنتهي غالبا بالطلاق، قائلة: “حالة لينا هي أكبر مثال على حجم الضرر الذي يمكن أن يسببه الزواج المبكر، فالسن المبكر في الزواج يعني عدم اكتمال بناء العظام عن الفتاة وعلمياً الحمل يضعف من عظام الأم، لينا عانت من الغضروف ومن إنحناء العمود الفقري مما أدى إلى إجراء عملية لها في سن مبكر، واليوم تعود المشكلة من جديد”.
لينا واحدة من 37% من النساء اللواتي تعرضن للعنف من قبل الزوج وفقاً لإحصائية الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء لعام 2011 ، إلا أن ما تعرضت له لم يقتصر على الزوج فقط ، بل كان لأسرتها دور كبير فيه في قمعها بالتحدث والتعرف على احتياجاتها وحقوقها، فهي لم تمتلك أدنى معرفة بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)