عبير تستعد لانتزاع ميراثها المسلوب ..
غزة_CMC_هبة كريزم
عبير “24 عاماً” وحيدة والديها، تقطن مع والدتها في بيتهم الذي دُمر جزء كبير منه من قبل الاحتلال الاسرائيلي شرق مدينة غزة، فقدت والدها الحنون والذي كان يشكل درع الحماية لها ولوالدتها في حياته أمام أقاربهم، وكان يحميها ويحافظ عليها منذ صغرها، إلا أن حادثاً مؤسفاً أدى إلى قتله، ليمتلأ قلبها حقداً وكراهية على غالبية أقاربها وأصدقائها بسبب سوء معاملتهم لها، وسرقة حقوقها القانونية التي ورثتها عن أبيها.
تعيش عبير أوضاع صعبة للغاية ليس فقراً وإنما للكلمات المؤلمة والمؤذية، التي تلقى على مسامعها في كل لحظة، وتقول “كلما نظروا إلى يرمقونني بنظرات استحقار، ويعايروني بتربية والدتي لي، لأنيمش تربية رجال على حد وصفهم!, يحاولون مضايقتي كثيراً سواء بالكلام السيء، أو بالنظر إلىّ بقلة قيمة”.
وبألم تقول: ” كلما مررت أمام أحدهم و أمطرني بتلك النظرات والعبارات, أشعر أنه كالوحش ينهش لحمي دائما بنظراته وكلماته البذيئة, لكني لن استسلم لملاحقتهم الدائمة لي”.
عبير التي تتعرض للعنف اللفظي والنفسي ليست الوحيدة في قطاع غزة تواجه تلك الحالة، ففي دراسة نشرت لمركز شئون المرأة لعام 2014 حول نسب التعنيف التي تتعرض له المرأة، أفادت أن نسبة العنف اللفظي والنفسي تحتل المرتبة الأولى لتصنيفات العنف بنسبة 37.2%، أما العنف النفسي فنسبه 29.5%، وجاء في المرتبة الثالثة بنسبة 24.3% العنف الجسدي، أما العنف الاقتصادي فقد احتل نسبة 9.4%، والعنف الجنسي بنسبة 4.5%.
بعد موت والد عبير قام جدها بتحويل ورثته بالأرض والمنزل إلى اسمه، لكى توزع الأرض على أبنائه الآخرين ويحرم حفيدته ووالدتها من الميراث الذى هو حقهن الشرعي وفق القانون والشرع، وتوضح “كان لوالدي قطعة أرض خاصة به ويملكها وحده وبعد وفاته أصبحت الأرض ملك لي ولوالدتي، وبعد وفاته قام جدى بأخذ تلك الأرض وتوزيعها على أعمامي الشباب وحرمني أنا ووالدتي من ميراث والدى، وعندما طالبنا بذلك الميراث تهجم علينا بأسوأ الألفاظ وبدأ بالتشهير بي بأنني غير محترمة”.
حُرمت عبير ووالدتها من الميراث نتيجة القوة والسيطرة التي يتحكم بها جدها، وضعفها ووجودها في المعركة وحيدة دون سند لها، وتقول “الحقد والكراهية التي يكنوها لنا أقاربنا جعلتنا دائماً تحت المراقبة من قبلهم، وتحت أنظار انتقاداتهم لتصرفاتنا مهما كانت صحيحة ولا تؤذى أحداً”.
تتابع عبير حديثها بعد تنهيدة طويلة “مراقبة أقاربي لكل تفاصيل حياتي تجعلني أفكر كثيراً بأن أتجنبهم دائماً، وعدم الالتقاء بهم بأي مناسبة، ولكنه أيضاً يجعلني أصمم على أخذ حقي بالشرع والقانون، فالمرحلة القادمة ستشهد تغيراً كبيراً على حياتي، عندما أقدم على كسر حاجز الصمت الذى يحاصرني الآن”.
ورغم نظرة الإصرار التي ظهرت في عيون عبير للحظات من أجل الحصول على حقها، عادت مرة أخرى للمجتمع التي تقطن به، وتقول “أنا أعيش في بيئة غير متفهمة لحقي أنا ووالدتي في ميراث والدى المتوفى، فهنا يعتبرون الميراث للرجل فقط أما المرأة فلا يوجد لها شيء، ومصيبتهم أنهم يرسخون تلك الأفكار في عقول الأجيال الجديدة من أبنائهم رغم أن غالبيتهم حاصلون على شهادات جامعية”.
والدة عبير والتي لها نفس الحق في الميراث، تحاول دائما منعها من اتخاذ خطوات تشكل خطورة عليهم للمطالبة بحقهم، وتقول عبير “والدتي تحاول دائماً تجنب المشاكل بيننا وبين أقاربنا وإن كانت على حسابنا، وتستلم للأمر الواقع الذى يشكل أكبر أذى علينا من أي شيء آخر، فهي لا تفكر بمستقبلي وما سيحدث لي في حال سكوتي عن حقي”.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)