المرأة تُجبر على خياراتها بحجة الأفضل لمصلحتها.

غزة – CMC – آية جودة

“أنت أنثى” كلمة تعتبر كافية للمجتمع بأن يطلب من الإناث أن تتوارى عن الأنظار، ألا تقرر، وألا تختار؛ بحجة أنها ناقصة عقل، فالكثير من الفتيات تجبرهن العادات والتقاليد على اتخاذ قرارات في التعليم والزواج والسفر، ليست في صالحهن ودون رغباتهن، وقد يترتب على تلك القرارات تغير مسار مستقبلهن، دون الأخذ بالاعتبار أن الإنثى إنسانة ومن حقها أن تقرر مصير حياتها، وأن دور من يحيطون بها هو النصح وليس الاجبار والاكراهأن دور.

التعليم

رشا “24 عاماً” كانت تحلم بدراسة الإعلام، لكنها حُرمت من اختيار تخصصها الجامعي من قبل أسرتها، وتقول “منذ صغري كنت أمسك كوب الماء بيدي وأتخيل نفسي مذيعة، وبعدما أنهيت الثانوية العامة بتفوق، كنت سعيدة لأنني على بعد خطوات من حلمي لكنني تفاجأت برفض شديد من عائلتي بحجة أن هذا التخصص لا يناسبني كأنثى، حاولت إقناعهم لكن دون جدوى”.

استسلمت رشا لقرار عائلتها، ودرست تخصص التعليم الأساسي بناء على رغبة والدها الذي أقنعها أنه التخصص الأفضل لها كفتاة وخاصة فيما يتعلق بالوظيفة أيضاً، وتقول “درست على حسب رغبتهم وتخرجت ولكني لا أشعر برغبة في ممارسة مهنة التعليم وأتمنى أن أعمل في حقل الإعلام حتى الآن، ولكن مازال والدي يرفض الفكرة وما زلت أبحث عن وظيفة في حقل التعليم التي لا أحبه”.

أما الشابة آمال، والتي كانت ترغب في اتمام دراسة الماجستير بالخارج، فتقول “تخرجت من الجامعة عام2012 بمعدل متفوق وفور تخرجي تقدمت لمنحة ماجستير في إحدى الدول الأجنبية وتم قبولي، كنت أعتقد أن خبر كهذا سيبهج أسرتي لكنني تفاجأت بالرفض التام من أسرتي لأنني أنثى ولا يجوز السفر لي وحدي”.

وتضيف آمال “أصبحت الآن متخرجة منذ ثلاث سنوات من الجامعة ولم أجد وظيفة ودائماً أتذكر المنحة التي حصلت عليها من أجل اكمال تعليمي ورفضتها أسرتي، فقط لأنني بنت سلبوني حقي في السفر واكمال تعليمي، ولا أدري على ماذا سيجبروني في المستقبل لأنني أنثى وهم أدرى بما يجوز وما لا يجوز لي، فأنا كالدمية بين اصابعهم”.

رشا وآمال ليستا الوحيدات ممن أُجبرن على الاختيار، فالعديد من الفتيات يجبرن على اختيارات دون رغبة منهن بها، بدءاً من التخصص الجامعي والصديقات و حتى حقهن في السفر، وليس انتهاءً باختيار شريك الحياة أيضاً.

الزواج

أحلام فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها، أجبرتها أسرتها على الزواج من ابن عمها لأنه الاختيار المناسب لها في وجهة نظرهم، وتقول “ابن عمي ليس سيء، لكن لم يكن هذا سبباً كافياً لاختياره كشريك حياة، ولا يلغي رغبتي في اختيار شريك حياتي الذي يتقبله قلبي وعقلي”.

وأضافت أحلام “لم تتفهم والدتي أسباب عدم قبولي بالزواج من ابن عمي، وتذرعت بأنها هي أيضاً لم تختار والدي فهذا أمر طبيعي في الزواج، ولم تراعي اختلاف المفاهيم واختلاف طبيعة الحياة منذ زواجها وحتى يوم زواجي، فهي تعتقد بأن ما مرت به هو الصح وهو ما يجب على بناتها أن يتبعنه”.

إسقاط نفسي

الأخصائية النفسية سها الجدي، أكدت أن الإسقاط ميكانزم دفاعي “أي الحيل الدفاعية” يخرجه الشخص نتيجة ضغوطات نفسية عانى منها في القدم، كنوع من الدفاع عن النفس وللتخفيف من حدة الضغوطات الواقعة عليه، فمن يجبر على فعل شيء في حياته يتجه لفعل ذلك مع الآخرين.

وأضافت الأخصائية الجدي، بطريقة لا شعورية تعامل الأم أبناءها بنفس الطريقة التي عوملت فيها بصغرها حتى وإن كانت غير راضية عن التصرف، وأيضاً الأب يحاول اجبار أبناءه وبناته على اختياراته بحجة أنها الأفضل ويتذرع بأن والده هو من اختار له دراسته وسكنه وزواجه لأنه كان يعلم بكل شيء وهو كان شاب صغير في ذلك الوقت.

وبالعودة إلى تأثير ما واجهته أحلام من اجبار من قبل والدتها وكيفية تعاملها مع بناتها في المستقبل، تقول “أنا الآن متزوجة ولدي طفلة، اجباري على الزواج سبب لي العديد من المتاعب، لذلك أنا أعي المعاناة ما بعد الاجبار، ولن أكرر تجربتي مع ابنتي وسأمنح لها المساحة الكافية للاختيار الذي ترغب به”.

وتضيف الأخصائية النفسية سها الجدي، أن الوعي لدى الأجيال الحالية وخاصة النساء يختلف عن وعي النساء قبل عدة سنوات، الأمر الذي يشكل الطريق الأول لعدم تكرار الأخطاء التي وقع بها الأهل وتجاوز أي مشكلة في المستقبل بشكل واعي ومنطقي.

ولاشك أن معدل الوعي المجتمعي في ازدياد وخاصة مع ازدياد نسبة التعليم للمرأة، ولم تعد امرأة اليوم هي نفس امرأة الأمس في تفكيرها ووعيها، ولكن يبقى التساؤل، هل ستتتبع كل فتاة تعرضت للإجبار نفس الطريقة التي تعرضت لها من قبل أسرتها وأقربائها أم أنها ستفكر بشكل واعي متجنبة الأخطاء التي وقعت عليها في حياتها بالإجبار.

** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى