غلاء المهور تبدد أحلام الشباب في الزواج
غزة – CMC – إخلاص عاشور , أميرة الزبيدي
تعد قضية غلاء المهور من القضايا الاجتماعية التي تثير جدل في أوساط الفئات المجتمعية المختلفة سواء علي صعيد الدعاة الباحثين فثم من يري أن المغالاة تؤخر الزواج وهذا خلاف ما شرعه رب العالمين ، ومنهم يرى أن ارتفاع المهور تدفع الشباب لبناء علاقات اجتماعية غير شريفة تتنافي مع تعاليم الإسلام وآدابه .
ويبرر البعض ارتفاع المهور من حين لآخر إلى ارتفاع أسعار الذهب واحتياجات الفتاة من ملابس وغيره ، بالإضافة الي منظومة العادات والتقاليد والمفاخرة التي تفرض التزامات ومتطلبات إضافية علي الشاب من قبل أهل الفتاة .
الكثير من الشباب يطالبون دوما التيسير في المهور ، لاسيما في ظل ارتفاع معدلات البطالة وقلة الفرص الوظيفية أو ضعف الدخل لدى الشاب العامل مما يجعله غير قادر على تكوين أسرة ، ومما سبق دفعنا لسماع أراء الشباب حول هذه القضية.
*** ارهاق جيوب العريس
ويقول الشاب ر. ع الذي يبلغ من العمر 32 عاما ولم يتزوج بعد بأن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشباب دفعتهم للعزوف عن الزواج خاصة مع ارتفاع المهور ومتطلبات أهل الفتاة التي يحتاج الشاب عشرون عاما لتلبيتها .
ويكمل حديثه ممتعضا :” العديد من الشباب يلجئون للزواج بعد التخرج مباشرة رغم امكانياتهم المالية المتواضعة لكنهم يلجئون إلى الديون التي يسددونها على مدار سنوات عدة مما ينعكس سلبا على جو اسرهم”.
الشاب (ر.ع) كان له تجربة سابقة فقد ارتبط بفتاة دفع لها مهرا قدره أربعة الاف دينار لكن ذويها راحوا يطالبونه بما يفوق امكانياته ، مما دفعه لطلاق خطيبته لعدم تحمله الاعباء المالية فعمله بسيط بالكاد يكفيه لإعالة نفسه وزوجته طيلة الشهر.
أما الشاب محمود إبراهيم -28 عاما- يخشى الزواج بسبب تجارب اصدقاءه التي يسمعها وتورطهم في الديون بسبب تكاليف الزواج وغلاء المهور ، بنبرة ساخرة يقول :” بدي كمان عشر سنوات حتى اقدر اتزوج “.
ويدخر الشاب ما يقارب الستة الاف دينار بحسب وصفه فهي كل ما تمكن من تجميعه طيلة خمس اعوام ، مشيرا إلى أنه من حق الفتاة المهر وشراء الذهب لكن لا يجوز لذويها ارهاق جيوب العريس.
وبكلمات حازمة ذكر أن الحياة الزوجية هي احترام وتفاهم بين الطرفين بعيدا عن متطلبات الاهالي ، موضحا أن الشاب بإمكانه توفير ما تحتاجه زوجته في حال توفرت له الظروف.
في حين تحدثت الشابة هنادي. ص -29 عاما- أنها تخشى فوت قطار الزواج لقلة من يطرف بابها ، فذويها دوما يطلبون مهرا عاليا دون التنازل عن شيء مما “يطفش العرسان” بحد وصفها ، مشيرة إلى أنها تقدر ظروف الشباب في ظل أزمة البطالة والرواتب المتدينة .
تقول :” لا اهتم بقيمة المهر والمظاهر الخادعة فهناك احتياجات لابد أن تتوفر كالأخلاق والعلم (..) كثير من الفتيات يفوتها قطار الزواج لتمسكها بالماديات ولا تجني شيئا سوى لقب “عانس”، داعية الاهالي الى عدم جعل ابنتهم سلعة لأن أساس الزواج بناء عائلة سعيدة .
*** قيمة المهر
ولمعرفة موقف الشريعة الاسلامية يقول الداعية ماهر السوسي أن الحكمة الإلهية في تشريع الإسلام المهر للمرأة في الزواج أنه شرط أساسي لصحة الْعَقْد بغضِّ النظر عن قيمته؛ وتجاهله يفقد عقد الزواج مشروعيته.
وبين أن المهر عبارة عن رمز يدل على منزلة الزوجة لدى زوجها، وهو منحة أو عطية أو هبة من الزوج لزوجته وفق قوله تعالى: “وآتوا النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا“.
وأكد على أن وظيفة المهر مساعدة الزوجة في تهيئتها للانتقال من منزل أهلها إلى منزل زوجها من خلال شراء الملابس وبعض الاحتياجات التي لا بد منها عند الانتقال إلى بيت الزوجية؛ وخاصةً أن بعض هذه الحاجيات لم تكن تلزمها قبل أن تكون زوجة“.
وفي سؤال حول “”لماذا لم يقم الإسلام بتحديد المهر؟!”، أجاب: “ليس هناك حدٌّ أقصى في الإسلام لقيمة المهر، غير أَنَّهُ ينبغي أَنْ يكونَ ذا قيمة حتى وإنْ كانَتْ محدودة، والمهر المعقول في نظر الشَّريعة هو الذي يتناسب مع المكانة الاجتماعية والمادية لعائلة العَروس، وهو بذلك يختلف من مكان لمكان ومن زمان لآخر بل ومن دولة لأخرى، ويوضح هذا القرآن الكريم: “…عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ…””.
وأشار السوسي إلى أنه لا توجد آلية محددة للزواج في الإسلام؛ وإنما تركت مراسم الزفاف لعادات الناس وتقاليدهم، يمارسونها بأي طريقة تدخل الفرح والبهجة على أنفسهم، بشرط أن لا يكون في ذلك مخالفة لشرع الله تعالى.
في الختام دعوة إلي أولياء الامور عليكم بمخافة الله في زواج بناتكم ، فلا تبالغوا بطلب مهور عالية ” فأقلهن مهرا أكثرهن بركة ” .