فاطمة .. دمية جميلة في يد العادات والأقدار

كتبت: فداء محمد عبد الجواد – لا يشي وجه فاطمة الجميل البرونزي اللون بأي امارة للسعادة، فقسماته تنضح بحزن، وعيناها حائرة غارقة بدموعٍ لاهبة، وتطلق كلمات تطايرت على لسانها فجأة: “ضرب وشتم وسب وعنف واجبار”.

تروي فاطمة حكايتها، قائلة: “تقدم لخطبتي أُناس لا تربطهم بعائلتي صلة قرابة، وعند سماع عمتي الخبر، جاءت مسرعة لثني والدي عن تزويجي خارج العائلة”.

عمتي أصرت أمام والدي على أن “بناتنا ما بتطلع برة، والبنت بنتنا، وبدنا اياها لابننا”.

وكأن والدي كان ينتظر هذه الكلمات، فأبدى موافقته على طلبها من دون استشارتي”.

وقالت فاطمة: “تعرضت لضغوط يومية، وتهديدات مستمرة، تحملني مسؤولية انهيار العائلة وتشتتها في حال رفضت هذا الزواج، وعندما تجرأت على القول لا، انهالت عليّ الأيدي بالضرب”.

ووسط دموع انهمرت مثل شلال، قالت: “ابن عمتي بمثابة أخ لي فكيف سيكون زوجي، لا أحد يتفهم مشاعري من عائلتي”.

وتعتبر فاطمة نفسها دمية يلعب الآخرون بها لتسلية أنفسهم من دون أن يكترثوا لما تريد.

وتتذكر كيف كانت تلعب وهي طفلة بدمية العروس، وكيف كانت تتفنن في تزيينها وتجميلها لزفها لعريسها المجهول، فهل تحولت هي دمية بين أيدي عائلتها، تساءلت فاطمة.

وأضافت: “أخذني والدي وشقيق خطيبي إلى المحكمة الشرعية التي اعتبرتها زنزانتي، وأدخلوني معهم غرفة القاضي وسألني هل توافقين عليه زوجاً لكِ؟ أجبته نعم، رُغماً، فيما لم يُحرك والدي ساكناً، وسألني أيضاً هل دفع المهر؟ أجبت أيضاً نعم، بناءً على ما أوصاني به والدي قبل دخولنا، حيث أنه لم يتم دفع مهري حتى الآن، مع العلم أنني مخطوبة منذ سنة”.

وتذكرت فاطمة يوم عقد قرانها في منزلها حسب اتفاق والدها مع القاضي، والسعادة تشيع في أرجاء المنزل، إلا في قلبها، وكيف وقعت عقد الزواج من دون حتى أن تنظر الى ما كتب فيها، وهي شاحبة اللون عارية من ألوان الفرح والمرح.

ووصفت حياتها بعد عقد قرانها، قائلة: “كل يوم مشكلة، وخناقات، وتزداد حماقاته، ومحاولاته خداعي حول حديثه مع فتيات عبر الانترنت والهاتف الخليوي، والتحكم في حياتي وتصرفاتي، حتى منعني من مغادرة منزلنا إلا باذنه، وكلما عارضته في شيء يقف الجميع ضدي”.

وأضافت: “تنصحني عمتي دائماً، وتقول: خذيه على قدر عقله، وقولي له حاضر ونعم وبس، وأنا لا أستطيع ان أرى الخطأ وأرضي به، فأصبحت حياتي جحيماً، ولم أعد بحيويتي السابقة، ولا أعلم ماذا أفعل، لا أستطيع الاستمرار معه أبداً، كيف لي أن أتخلص منه قبل تورطي في ليلة فرحنا”.

حياة زوجية فاشلة قبل ليلة الزفاف في حلم العمر، فلماذا يتدخل الأهل في فرض شريك الحياة طالما أن أحد الطرفين لا يقبل بالآخر، فهل ينتظرون أن تُطلق ابنتهم بعد زفافها أم يقبلون بتطليقها الآن؟ وقبل فوات الأوان ، وهل ستنتهي لعبة الدُمى بانتهاء سن الطفولة أم ستبقى ستطارد الفتيات لتحيل حياتهن جحيماً فيما تبقى منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى