مشيرة توفيق.. صحافية ناصرت بقلمها الحقيقة فانقادت للسجن
غزة – cmc-دعاء شاهين || من المعروف أن الصحافي هو ناقل الخبر فهو يمثل السلطة الرابعة في المجتمع وله الحق في التعبير عن رأيه بحرية دون أن تكون هنالك سيوف مسلطة على رقبته، في نقل الحقيقة؛ لكن على ما يبدوا انقلبت الموازين في قصتنا التالية، فبات الصحافي هو الخبر نتيجة تعرضه لانتهاك جعله هو الحدث.
هذا ما حدث مع الصحافية مشيرة توفيق 30 عاماً التي تسلحت بقلمها الصحافي لإيصال رسالتها الإعلامية بدقة وموضوعية.
في عام 2014 كانت تعمل الصحافية مشيرة منسقة إعلامية في إحدى مؤسسات المجتمع المدني، وفي أحد الأيّام بينما كانت على رأس عملها منهمكة في تسجيل بيانات تتعلق بقضايا انسانية للفئات التي تستهدفها المؤسسة، تقابلت بالمصادفة مع إحدى الفتيات اللّواتي فقدت جنينها أثناء الولادة نتيجة خطأ طبي في إحدى مستشفيات قطاع غزة.
استمعت حينها الصحافية لرواية الفتاة التي نزفت ألمًا على فقدان جنينها حتى كادت أن تفقد حياتها، دون أن تحقق الصحة وقتها في الحادثة آنذاك ولم تعطً اهتمام لها، الأمر الذي دفع مشيرة للبدء بتحقيق صحافي بهدف ألا تتكرر الفاجعة لأمهات أُخريات.
“بأي ذنب قتلت سوار يا أولاد الكلب” رسالة كتبتها توفيق على صفحتها الشخصية فيس بوك انتقدت فيها الفريق الطبي الذي قام بالإشراف على ولادة أم سوار دون أن تشير إلى أسمائهم أو صفاتهم، إضافة لاعدادها تحقيقاً صحافياً يسلط الضوء على قضية الإهمال الطبي والتحقيق بوفاة الطفلة سوار.
لم يرق ما قامت به الصحافية توفيق لدى الجهات الرقابية، فقامت مقابل ذلك الصحة بتقديم بلاغاً ضدها لدى النيابة العامة، واعتقلت على إثر ذلك قبل أربعة أعوام فذهبت الى السجن مكبلة اليدين ودفعت فاتورة رسالتها الإعلامية وقول الحقيقة.
حاولت الشرطة الضغط على مشيرة أثناء التحقيق معها للاعتذار للصحة عما قامت به في نطاق عملها الصحافي، وأجبروا عائلتها على ذلك أيضاً، فما كان منها إلا أن صّعدت موقفها.
تقول مشيرة التي لم تستسلم لأي ضغوطات مقابل رسالتها الإعلامية مستنكرة ما حدث لها: “عندما اعتقلتني الشرطة لم يكن لي أي ذنب، فلست أنا من حرم الأم من طفلتها التي كانت تنتظر ولادتها بفارغ الصبر؛ فالأولى بهم أن يكافؤوني لا أن يسجنوني”.
تضيف” ليس من حق الحكومة أن تكون مقص رقابي على حرية الرأي والتعبير، بل وجب عليها الدفاع عن الصحافي وهمومه وقضاياه المختلفة”.
وكانت حادثة اعتقال توفيق أحدثت ضجة كبيرة لدى الرأي العام الغزي، وشكل النشطاء والصحافيون وقفة تضامنية ضغطوا من خلالها على أجهزة الأمن التي اعتقلتها منتهكة حريتها في الرأي والتعبير، إلى أن أُفرج عنها بعدما قضت 48 ساعة في التحقيق.
وتعتبر توفيق أن نسبة الرقابة الذاتية من قبل الصحافي على نفسه قد زادت إثر التعرض المتواصل للاعتقال والتحقيق والاستدعاء، فلم يعد سقف الحرية المطلوب متوفر ولو بالشكل الأدنى.
توفيق التي تمتلك أسرة مكونة من طفلة وجنين بين أحشائها ما زالت تتحدى الصعاب من أجل الاستمرار في عملها الصحافي، رغم ما تعرضت له من انتهاكات متواصلة، فهي تعتبر أن الكثير من القضايا التي تشغل بال الموطنين والمواطنات يجب أن يتم معالجتها بشكل مؤثر وعميق في وسائل الإعلام المختلفة لإحداث التغيير الإيجابي المطلوب.
وحسب القانون الدولي الانساني نصت المادة(19) أنه لكل إنسان حق حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها. وقد كفلها لها الحق في ذلك دون قيود.
صدرت هذه القصة ضمن مشروع ” الشابات يناصرن حقوقهن كحقوق انسان” @2018