بعد الاستدعاء… كيف تكتب الصحفيات؟

غزة -cmc- حنين العثماني || اتصال هاتفي واحد كفيل بتغيير حلم وتبديل الطموح الكبير إلى هاجس مريع يتخبط بين جدران غرفة داخل أحد الأجهزة الأمنية في غزة!.

هذا ما حدث مع الصحفية “سعاد محمد” (اسم مستعار) التي تلقت في أحد الأيام اتصالاً هاتفياً يأمرها بالتوجه نحو إحد المراكز الشرطية في مدينة غزة، حيث ذهبت برفقة والدها في اليوم التالي من الاتصال، ليتحقق معها على خلفية تقرير حول الأمن في قطاع غزة في ظل الحكومة الحالية، ومن ثم وقعت على تعهد مفاده، عدم التطرق للموضوعات الحساسة!.

“سعاد” بدأت بعد ذلك بمواجهة سيل من المشاكل الجديدة على رأسها تعنت الأسرة الذي أصبح بشكل أقسى من ذي قبل، كما اقتصرت كتابتها الصحفية القليلة على عدد من الموضوعات العامة، لدرجة أنها قالت:”خُّلق بداخلي رقيب على كل كلمة أكتبها حتى لو على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في المواقع الإخبارية”.

“سعاد” ليست الصحفية الوحيدة التي واجهت الاستدعاء؛ بل هناك صحفيات أُخريات يخشين من مجرد أن يطالهن هكذا استدعاء، في حين أن قليل منهن يجابهن ويتصدين لهذه الحالة من كبت الحريات مثل ماحدث مع  “م.ج” التي رفضت الانصياع للاستدعاء الهاتفي؛ وطلبت من جهاز الأمن تقديم استدعاء رسمي وكتابة الموضوع المستدعى من أجله بوضوح، ليتحول الاتصال لوالدها ويطالبونه بالحضور لمركز الشرطة والتوقيع على التعهد.

وقالت”م.ج”: “أن الاستدعاء أتى على خلفية منشور على موقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوكط، كتبت فيه قصة فتاة تعرضت لمحاولة خطف، وبعد إمضاء التعهد من قبل والدها، حذفت المنشور”.

الرقيب الذاتي بداخل الصحفيات يكبر يوماً بعد يوم خاصةً للصحفيات الصاعدات والخريجات الجدد، لا سيما بسن قانون جديد للجرائم الإلكترونية من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، على رغم التحفظات الكثيرة عليه، والتي تنافي حقوق الرأي والتعبير التي يكفلها القانون الدولي الإنساني.

والجدير بالذكر أن مثل هذه الاستدعاءات للصحفيات على خلفية معالجتهم لبعض القضايا التي تشغل المواطن الفلسطيني في غزة تتنافي والقانون الدولي الذي كفل وحمى حرية الرأي والتعبير، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (19) التي نصت على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، من خلال حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت، دون تقيد بالحدود والجغرافيا.

صدرت هذه القصة ضمن مشروع ” الشابات يناصرن حقوقهن كحقوق انسان” @2018

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى