فرحة غير مكتملة بانتظار ن.م
غزة_CMC_ ولاء فروانة
استيقظت في يوم “حنتها”، وهرعت إلى ابنتها تحتضنها بقوة، تنظر إليها تارة وإلى فستان زفافها تارة أخرى، لم تكن سعيدة بزواجها الثاني، فالقفص الذهبي سينتزع منها ابنتها من زوجها السابق، والتي ستعود إلى حضانة أبيها بعد هذا الزواج، لتعيش الطفلة حياة حرمان بدون أمها.
الشابة ن.م 25عاما من مدينة غزة، تروي قصتها وهي تحتضن ابنتها صاحبة العامين والنصف بين ذراعيها، تضمها بقوة فهي لا تصدق أن اليوم التالي هو آخر يوم كامل تقضيه معها، حيث سيأخذها والدها لتعيش عنده وعند زوجته وتُحرم أمها من رؤيتها.
تقول: ” عشت يتيمة رغم أن والدايّ على قيد الحياة، تركتني أمي منذ اليوم الأول لولادتي، هكذا قيل لي، أما أبي فيمكث في السجن أكثر من جلوسه بالبيت، وبعد الحرب الأخيرة 2014م، لم نسمع عنه شيء هل قُتل أم هرب لا نعرف؟”.
تضيف: ” عشت 22 سنة عند زوجة أبي، أعيش حياة لا تحتمل، كنت أتعرض للضرب والسب والشتائم، وحرماني من أبسط الأشياء، وكنت أنتظر أي فرصة أهرب من هذه الحياة”.
تقدم ابن عمها المتزوج لخطبتها، فقط كي تنجب له أطفالاً، فزوجته أجرت عملية استئصال للرحم، تروي: “وافقت عليه دون التفكير في الأمر، لم يقدم مهراً، عقدنا القران في المحكمة، وذهبت معه إلى البيت مباشرة، جلست في بيته أربعة شهور، وحملت منه، فما لبثت أن بدأت زوجته الأولى التي يحبها كثيرا تحرضه ضدي، وكان يصغي إليها فيضربني ضرباً مبرحاً، سواء في البيت أو الشارع”.
تابعت: “تدخل رجل إصلاح بيننا، فأخبرته بأنه لا يطيقني ولا يريدني زوجة، وطلقني منه وأرسلني الى مؤسسة بيت الأمان الحكومية، انجبت طفلتي هناك، وبعد أن أصبح عمرها عام ونصف، جاء زوجي ليرجعني إليه، وافقت على أمل أن يكون قد تحسن حاله إلا أنني وجدت العكس، فقد أصبح مدمناً ويتعاطى أنواع عديدة من المواد المخدرة وغيرها”.
وبحسرة شديدة : ” في الحرب الأخيرة 2014، ضربني في الشارع، وأخذ ابنتي بالقوة مني، وطلقني، نزحت إلى مدرسة من مدارس الإيواء، بلا أنيس ولا أمان، عدت الى مؤسسة بيت الآمان فوجدتها مغلقة لا أحد فيها، ذهبت إلى بيت المديرة فوجهتني الى مدرسة أقيم فيها، وبعد انتهاء الحرب عدت إلى المؤسسة”.
بعد انتهاء الحرب، “بدأت برفع القضايا لأحصل على حضانة طفلتي، وكان لي ذلك، إلا أننا لم نستطع جلب الطفلة من والدها، لكن بعد فترة سُجن من قبل الشرطة على خلفية بعض القضايا متعلقة بتعاطي المخدرات، فذهبت بالقوة إلى زوجته وأخذت ابنتي”.
تقدم لخطبتها شاب وهي في المؤسسة، تقول: ” ترددت كثيراً قبل الموافقة، بعد عدة لقاءات معه ومع أهله، وجدت أنهم عائلة لطيفة يمكن أن تحتتضني، وأتمنى أن يعوضوني عما فاتني”.
تضيف: ” بعد أيام قليلة سأخرج من المؤسسة التي احتضنتني ما يقارب الثلاثة أعوام، لكن قلبي معلقٌ بابنتي التي ستُحرم رؤيتها عندما تعود إلى والدها الظالم”، ثم اختفي صوتها وراء دموعها التي انهمرت بحرقة وهي تقبل طفلتها قبلات وداع أخير.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)