في ظل غياب العدالة الرسمية.. كيف تلجأ الفتيات ذوات الإعاقة في غزة للحلول البديلة؟
في ظل غياب العدالة الرسمية.. كيف تلجأ الفتيات ذوات الإعاقة في غزة للحلول البديلة؟
غزة – إيمان الغولة
في قطاعٍ وجد المواطنون أنفسهم عالقين بين حقوقهم المسلوبة وأبواب المحاكم المغلقة. وحين يتعلق الأمر بالفتيات ذوات الإعاقة، فإن الصورة تبدو أكثر هشاشة، والمشهد أكثر قسوة. فمع تعطل المحاكم وتوقف عمل مراكز الشرطة بفعل العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، تحوّلت النزاعات الأسرية والحقوق القانونية إلى ملفات عالقة بلا مرجعية رسمية، وأصبحت الحقوق الفردية – كالحضانة، والميراث، والحماية من العنف – خارج التغطية القضائية. وفي هذا السياق، لجأ كثير من الفتيات ذوات الإعاقة في غزة للبحث عن عدالة بديلة، ليس فقط بدافع الأمل، بل بدافع الضرورة.
واقع قانوني معطّل… وحقوق معلقة
رغم مصادقة دولة فلسطين على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ووجود نصوص قانونية تؤكّد على حق ذوات الإعاقة بالحماية والإنصاف، إلا أن العدوان دمّر البنية العدلية بالكامل. فالمحاكم الشرعية والنظامية توقفت عن العمل، والشرطة باتت عاجزة عن التدخل في قضايا النزاع، مما جعل مئات الفتيات – خصوصًا من ذوات الإعاقة – يقفن دون حماية أو سبيل قضائي.
تقول المحامية الشرعية مها العجلة: الكثير من الفتيات عموماً وذوات الإعاقة خصوصاً يجدن أنفسهن بلا حماية فعلية. من تحتاج إلى استصدار حكم حضانة، أو رفع شكوى حول عنف أسري، لا تجد جهة قضائية تلجأ إليها اليوم. ولهذا، بدأت تظهر بدائل مجتمعية تحاول سدّ هذا الفراغ.
في ظل غياب مؤسسات العدالة الرسمية، تحوّلت الوسائل البديلة إلى ضرورة ملحّة. العدالة المجتمعية باتت هي المتاحة والفاعلة، ويتمثل أهما في: الوساطة المجتمعية: وتعني تدخّل شخصية موثوقة – محامٍ، مختار، ناشطة اجتماعية – لعقد جلسة مصالحة بين الأطراف، وتوثيق الاتفاقات. والتحكيم: بحيث يختار طرفا النزاع شخصًا أو لجنة محايدة لإصدار حكم بالخصومة وفقاً لأحكام قانون التحكيم الفلسطيني رقم 3 لسنة 2000 لحين عودة المحاكم , ومحاضر التسوية والصلح والتعهدات الموثقة: بحيث تُحرّر أوراق اتفاق بحضور شهود، تحفظ الحقوق قانونيًا وعرفيًا، خاصة في قضايا الحضانة أو توزيع الميراث.
ويقول المحامي حماد حجازي: ذوات الإعاقة لسن مستثنيات من هذه الطرق، بل كثيرًا ما تُحقق لهن هذه الآليات إنصافًا أسرع من القضاء، خصوصًا في ملفات الحضانة، والنفقة، والمواريث.”
شهادات واقعية: حين تصنع الإرادة العدالة
شيرين، فتاة كفيفة من وسط قطاع غزة: “بعد انفصالي عن زوجي، حاولتُ الحصول على حضانة ابنتي، لكن المحاكم مغلقة, والظروف الميدانية صعبة جداً وزادها سوءاً أوضاعي الصحية والمادية الصعبة …. ولكن بجهود الوساطة ساعدتني محامية في تنظيم جلسة وساطة، والحمد لله تم الاتفاق على ترتيب اتفاق يتيح لي رؤية ابنتي في أوقات متفق عليها إلى حين عودة المحاكم.”
بين الغياب الرسمي… والحضور المجتمعي
رغم كل الألم، أثبتت التجارب أن العدالة ليست حكرًا على المحاكم. المجتمعات قادرة على حماية نفسها عبر العدالة البديلة التي تعتبر ليست مجرد إجراء طارئ، بل وسيلة لحماية الحقوق والكرامة في أصعب الظروف. وللفتيات ذوات الإعاقة في غزة، هي وسيلة للقول: “نحن لسنا مهمّشات، بل فاعلات في السلم المجتمعي.” فإذا كنتِ تعيشين تجربة مماثلة – سواء كنتِ محرومة من الحضانة، أو حقوقك في الميراث، أو تعانين من عنف دون حماية – تذكّري أن الصمت ليس خيارًا، والحل موجود، فقط اعرفي أين تبحثين.