الزواج المبكر حكم إعدام ومقبرة للأحلام
غزة/ هالة دياب
ظاهرة الزواج المبكر تفشت في المجتمع الفلسطيني لتؤكد تكريس الدور الانجابي للمرأة وعملها ضمن منظومة الزوج والأولاد ومن ثم انعزالها الكامل عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية، وهدر فرصها وحقوقها سواء في التعليم أو الصحة أو التعبير عن الرأي والعديد من المجالات الأخرى، نتيجة جهل متفشي بخطورة هذه المرحلة وعواقبها قبل الدخول بها.
مبررات فرضها المجتمع
هـ.أ.ع – 23 عاما-إحدى الحالات التي فرضت عليها العائلة الزواج المبكر لمبررات وهمية، كونها الوحيدة المتبقية عند عائلتها وخشية والديها أن ينتهي بهما العمر دون تزويجها.
تقول ” اشترط أهلي على زوجي أن أكمل تعليمي، ولكن وضعه المادي لم يمكنه من ذلك، خاصة أنه غير جامعي ولم يشجعني هو أو ظروفه على الدراسة”. وتكمل قضيتها قائلة: ” عند الشهر الأول من حملي ذهبت لبيت عائلتي لأن زوجي غير مسؤول عن أبسط الواجبات لي كزوجة ويضربني ويتعمد إهانتي أمام الجميع دون خجل، والآن بلغ طفلي العام الثاني وأنا عند أهلي، وأشعر بالنقص دون تعليم أو فرصة عمل أو حتى زوج مسؤول ولم يكن أمامي أي خيار للهروب من هذا الواقع سوى طلب الطلاق، والآن بيننا محكمة لأجل الطلاق وأنا ببداية عمري ولا أدري من المتسبب بهذه الحالة ”
وتقول ا.ب – 35 عاما-” توقفت عند الصف السادس الابتدائي بالدراسة وعند بلوغي الخامسة عشر، تزوجت من مدرس يكبرني بكثير، ولا يريد مني سوى إنجاب الكثير من الأولاد والقيام بواجباته الزوجية، والآن لدي ثمانية أطفال ولا أتمنى لأحدهم الزواج الا عند اكمال المرحلة التعليمية والحصول على فرصة مناسبة بالمجتمع، للآن أشعر أنني ضعيفة وأخشى أن أعبر عن رأيي خوفا من حديث الناس”
التوعية المجتمعية
قال الأخصائي التربوي أحمد سكر ” الزواج المبكر ظاهرة خطرة على مجتمعاتنا نتيجة جهل بعض العائلات وعدم الحصول على الوعي الكافي من خلال التعليم أو المؤسسات وجميعنا نتحمل المسؤولية اتجاه ذلك، حيث تعتبر الفتاة هي الحلقة الأضعف والأكثر خسارة في هذه الكارثة”
وتابع سكر ” الزواج تحت سن الثامنة عشر لا يتيح للفتاة فرص التمتع بحقها بالنضوج النفسي والعقلي واكتشاف مهاراتها وقدراتها لتحمل المسؤولية ودخولها للمجال العام والمشاركة المجتمعية فيه، لذا على كافة الأطراف مثل الإعلام والقانون والمؤسسات النسوية التوعية الكاملة للأهالي والفتيات نحو خطورة الزواج المبكر ”
ونوه سكر ” يجب وضع عقوبات صارمة في القانون الفلسطيني لمن تسول له نفسه بتزويج الفتيات تحت السن القانوني أو ممن يقبلون بالزواج سواء بخصم الرواتب إن كانوا موظفين او قطع الشؤون الاجتماعية عنهم وما إلى ذلك من عقوبات لمنع تفشي كارثة الزواج المبكر ”
تأثيرات عدة
قالت الباحثة القانونية هبة الدنف ” هناك تأثير كامل على المرأة المتزوجة دون السن القانوني وتحصيلها لحقوقها، خاصة حقها في حرية الاختيار وتقرير المصير والتعليم والصحة، وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية أن غالبية حالات الوفاة أثناء الولادة لفتيات صغيرات تزوجن دون الثامنة عشر ”
ومن جهة أخرة تقول الدنف: ” يوجد العديد من النساء ممن حصلن على حقوقهن في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية وغيره، ولكن حجم التحديات والمعاناة التي خاضتها تلك النساء جمة لذا نحن بحاجة للتوعية والتمكين والحد من هذه الظاهرة ”
وشددت الدنف قائلة: ” على دولة فلسطين أن تسعى ضمن سياستها على اعتبار المصلحة الفضلى للطفل هي من أهم الاعتبارات، ويجب العمل من خلال استراتيجية قطاعية مع وزارة التعليم ووزارة الصحة وتشديد المراقبة لضمان عدم تزويج الفتيات دون السن القانوني ومعاقبة من يخرج عن القوانين الفلسطينية في هذ الإطار ”