خوفاً من أهلها والمجتمع .. لا تُعبر نغم عما يجول بخاطرها
غزة – cmc- إباء الآغا || يقول الأديب والشاعر الأمريكي وليم رالف انغ “أعداء الحرية لا يجادلون بل يصرخون ويطلقون النار” .
هذا ما يحدث مع نغم التي تبلغ من العمر الثالثة والعشرين عاماً ولا تستطيع التعبير عن رأيها حتى في أبسط أمور حياتها مهما جادلت وحاولت إقناع من حولها.
تقول نغم أنها تحب القراءة والمطالعة منذ سن مبكرة حيث تقرأ كل ما يقع عينها عليه؛ مما ولد لديها الكثير من الأسئلة التي لم تجد من يجيبها عليها.
تسرد نغم بداية شغفها في المطالعة والكتاب بقولها : “بدأت موهبة الكتابة تظهر لدي في سن الثامنة عشر حيث بدأت بكتابة كل ما أشعر به وما يجول بخاطري على شكل نص أدبي، وعندما انتهيت من كتابة أول نص أدبي لي شعرت بسعادة كبيرة لا توصف؛ كونها أول تجربة لي، وقد ذهبت يومها مسرعةً إلى أمي لتقرأ النص وتبدي رأيها، حيث أخبرتني بأنه جميل لكنها في الوقت نفسه لم تتقبل فكرة نشره معللة بأننا في مجتمع لا يتقبل مثل هذه الكتابات ولا مستقبل لها، وهو ما أشعرني بالإحباط وشعوري بأنها لا تريدني أن أستمر في الكتابة”.
“جادلتها كثيرا بأن هذه موهبتي، والكثير مما يدور في خاطري وما يحدث في واقعنا أحوله لنصوص أدبية، وحاولت إقناعها بذكر بعض الكاتبات اللواتي حققنّ ما يردنّ؛ ونلنّ العديد من الجوائز الأدبية كرضوى عاشور وغيرها الكثير.. كنت أتمنى أن تشجعني على تنمية مهاراتي في الكتابة لكنها رفضت، وقالت لي بأن لا أناقشها في هذا الموضوع مجدداً وأن هذا الأمر مفروغ منه وسيجلب لي السمعة السيئة”.
وتضيف نغم: “أما أبي فلم أذهب إليه من الأساس خوفاً من ردة فعله كونه إنساناً محافظاً، ولا يحب قراءة مثل هذه النصوص، واصفاً إياها بكلام فارغ لا قيمة له”.
“وحتى أصدقائي ممن قرؤوا النص قابلوا هذه القراءة بالاستهزاء والسخرية أيضاً بحجة أن هذا المجتمع لا يشجع مثل هذه الكتابات مضيفين، “لا تطلقي الخيال الواسع لأفكارك .. أنت في غزة!! “.
تتابع نغم حديثها بحزن “بعد سنوات من محاولاتي فهم هذا المجتمع وأثناء حديثي مع إحدى الصديقات، ومناقشتي لهم في هذا الأمر لاحظت أننا في مجتمع لا يتقبل مثل هذه النصوص لأننا مجتمع قليل القراءة والثقافة والإطلاع”.
وتكمل قائلة: “لكنني مع ذلك لم أيأس من فكرة الكتابة لأنها شغفي الوحيد في هذه الحياة، وسأحتفظ بجميع نصوصي على مذكرة جوالي فهي صديقتي الوحيدة التي أبوح لها بما يجول في قلبي وأفكاري، ومن المستحيل أن أنشر النصوص التي أكتبها باسمي في الوقت الحالي؛ بسبب خوفي من ردود الفعل؛ ولأن المجتمع بالفعل لا يتقبل مثل هذه الكتابات”.
بحسرة وألم تتذكر نغم أيامها الجامعية والتخصص الذي أجبرها والدها على دراسته “تعليم أساسي” كونه التخصص الجامعي الوحيد المناسب للفتاة في المجتمع، متمنيةً أن تكسر القيود المحيطة بها، لعلها يوماً ما تتعمق في دراسة الأدب والنقد لتنمية موهبتها، ولتصبح ما كانت تتمنى يوماً.. ناقدة وكاتبة أدبية كبيرة.
يذكر أن المادة 19 من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان نصت على أن “لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود”.
صدرت هذه القصة ضمن مشروع ” الشابات يناصرن حقوقهن كحقوق انسان” @2018