تأخر سن الزواج .. كابوس مجتمعي يلاحق الفتيات ويوقعهن ضحايا.

غزة_CMC_خديجة مطر

إن انتشار  تأخر سن الزواج والذي يؤدي لارتفاع نسب “العنوسة” كما يصطلح عليها المجتمع ظلماً، يؤجج الصراع بين المجتمع والفتاة بوصفها الحلقة الأضعف مما يفرض عليها قيوداً أكبر,وقد يكون مبرراً لعائلتها لتدبير زيجة ما لها، حتى لا تكون لقمة سائغة للناس، وتضطر الفتاة للرضوح لرغب عائلتها خوفاً من مستقبل مجهول ينتظرها.

صفاء “34 عاماً” هي احدى الفتيات التي تأخر سن زواجها، حسب منظور المجتمع، وتقول “انهيت دراستي في مرحلة البكالوريوس بتقدير امتياز، وكانت لدي طموحات كثيرة أهمها درجة الماجستير التي حصلت عليها بحمد الله فيما بعد، واستلمت وظيفة مدرسة أكاديمية بإحدى الجامعات”.

بدأت تتنهد صفاء بصوت عالي، وقالت “يظلم المجتمع الفتاة كثيراً ويحكم عليها أغلب الأحيان بالموت البطيء، وصلت لسن الثانية والثلاثون من عمري دون زواج، رغم أنه جاءتني العديد من الفرص إلا أن متطلبات أهلي كانت تعجيزية، وحسب قولهم كل من يتقدم لي طامعاً بي، ثم انتهت حياتي بزوجٍ ثري يكبرني بـ35عاماً، رفضت هذا الزواج من البداية لكن دون جدوي، فضغوطات أهلي كانت قوية، فتزوجنا وكأننا لم نتزوج فأنا لازلت بكراً علي الرغم من مرور عامين علي زواجي، الذي لم يكن سوى مشروع استثماري يحقق أهداف عائلتي”.

وتلعب نظرة المجتمع السلبية للفتاة العانس دوراً كبيراً في مجتمعنا، حيث أن النظرة السلبية تؤثر بشكل كبير في قراراتها ومستقبلها، والخوف من “العنوسة” له تأثير بشكلي سلبي علي الفتاة، إذ أن أغلب الزيجات تتم في أوقات قياسية ودون مراعاة للعوامل التي تنبئ بفشل الزواج حتى قبل عقد القران.

ميس “27 عاماً” لم يحالفها الحظ بتقدم “عريس مناسب”، مما جعل والدتها تسعى جاهدة إلى جلب عريس لابنتها، وتقول “قلق والدتي وخوفها الشديد علي كان كارثة بالنسبة لي، فلم تترك طريق لم تلجئ إليها لجلب عريس، كان أخرها قبل بضعِ أيام، عندما طلبت مني أن نخرج في مشوار، وعندما خرجنا تفاجأت حينما وجد نفسي عند أحد الدجالين، وتطلب منه حجاب يجلب الحظ والعرسان لي، وبالطبع قبل ذلك شرط أن تدفع له مبلغ من المال وتحضر له أشياء تخريفية لا يصدقها العقل فصابني الاحباط والجنون منذ تلك اللحظة”.

حنين “30 عاماً” غير متزوجة وتعمل مدرسة بإحدى مدارس وكالة الغوث، أهملت فكرة الزواج من أجل الدراسة والعمل حتى بدأت تجد نفسها الوحيدة من بين صديقاتها التي لم تكون أسرة، تقول “في أثناء دراستي في الجامعة، وأثناء عملي بعد التخرج كنت أنظر إلى الزواج على أنه مشروع مؤجل في حياتي، فتقدم لي كثير من الشباب الذين يرغبون في الزواج مني، وكانوا ذوي منصب علمي مرموق ودخل جيد يضمن لي بحياة كريمة، ورغم ذلك كنت أرفض هذه الفرص خوفا على حريتي”.

تتابع حنين حديثها “كنت دائماً متأملة بأن الحياة بها الأفضل إلى أن اكتشفت أن جميع صديقاتي تزوجن وأصبح لهن أسر، وأصبح عمري الآن 30 وبدأت الفرص تقل، وبت أخشى الآن أن أكمل حياتي وحيدة ونادمة على الفرص، فالممجتمع لا يؤمن بفتاة بعمر 30 كزوجة، ويتوقع أن بها عيباً ما، و عائلتي تلومني بشدة على موقفي “

ويقول د. درداح الشاعر: إن تأخر الزواج يشكل عائقاً اجتماعياً للفتاه العانس نظراً لعدم استكمال حياتها بالمنهاجية والطريقة المعروفة لدى المجتمع، فنظرة المجتمع لهن تؤكد على أن حقهن مهضوم، ويشعرن بأغلب الأوقات بالنقص، وعدم الأمان، ويشعرن بالخوف الشديد، ولا يقتصر الخوف عليهن فقط فالوالدان يشعران بالقلق والخوف حتي وفاتهما.

وأكد الشاعر، على أن الفتاة تكون في حالة عزلةٍ دائمة عن الأهل والاقارب والأصدقاء، حتي المناسبات الاجتماعية فهن يفضلن العزلة علي الذهاب ليرفهن عن أنفسهن، وهناك من يعانين من بعض الأمراض النفسية، والاضطرابات مما يجعلهن أكثر عصبياً وتوترأ.

واختتم الشاعر قوله: لابد من دورات تدريبية وجلسات تثقيفية، للفتيات التي تأخر بهن سن الزواج للتعزيز من قدراتهن ودعمهن نفسياً ومعنوياً لتخفيف من الآثار السلبية التي تراكمت علي مر السنين، إضافة للعمل على توعية المجتمع حول نظرته السلبية، للحد منها.

** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى