فاجئني بالسفر، وتركني رهينة أهله.
غزة_CMC_حنين حمدونة
لم تكن تعتقد بأن زوجها سيهجرها ويترك بناته الأربع، ووالديه، ويهاجر إلى بلد آخر دون أن يخبرهم، طيلة سنوات زواجهم لم تكن تلاحظ كل هذا الجحود والكره الذي يشعره اتجاههم، لتكتشف فجأة بأن الحب والحنان، الذي كان يبادلها إياه ما كان إلا كذبة ووهم كبير.
عن يوم اختفاء زوجها، تقول وئام في العقد الثالث من عمرها “في يومٍ لم تشرق له شمس اختفى زوجي، وفي تلك اللحظة كنت أعتقد أنه حُجز على حاجز إيرز أثناء عودته من العمل، وبقيت أنتظر أن يصلني خبر يطمئن قلبي عنه”.
تضيف: “مرت الأيام ولا أحد يعلم عنه شيئ، كانت البنات دائمات السؤال عن والدهن، وكنت أشعر بغصة في قلبي كلما سألوني، فلا أملك إجابة، تركني في غرفة بيت أهله، تحت رحمة والديه، وفي كل يوم تحملني والدته مسؤولية غيابه، وتعاملني اسوأ معاملة”.
تتابع: ” في كل يوم يمر، يزداد الضغط عليّ، كانت والدته لا تكتفي باهانتي فقط، بل تضربني أحياناً، وأنا مجرة على الصمت على أفعالها، لأني لم أعرف كيف أتصرف، وهل سيعود زوجي أم لا”.
تستكمل: ” كانت تتسرب إلينا أخبار بأن زوجي قد هاجر من كل البلاد، وبعد تأكد الأخبار حول هجرته، قررت العودة إلى بيت أهلي، فأنا لن لم أحتمل المزيد من الضغط والاهانة، التي كنت أتعرض لها، ولن انتظر ذلك الرجل الذي تخلى عنا لإرضاء نفسه”.
“كانت صدمتي لا توصف حين علمت بأنه هاجر، ألف سؤال خطر ببالي وأهمهم لماذا لم يخبرني؟ لماذا أخذ أموال والده وتركه مصدوماً؟، والأهم البنات كيف سيتقبلن واقع أن والدهن تركهن دون سابق إنذار؟” هكذا عبرت وئام عن شعورها حين تأكدت من هجرة زوجها.
مضت الأعوام، في ظل هجرة زوج وئام، وأخيراً رفعت وئام قضية طلاق على زوجها “طلاق غيابي “لتقطع أي علاقة تربطها به، واحتضنت بناتها وعملت على تربيتهن، فيما يرسل لها والد زوجها القليل من المال لإعالتهن.
والطلاق الغيابي هو حق للسيدة بحسب القانون الفلسطيني، تُعطى هذه المهمة للقاضي، في حال استمر سفر الزوج لمدة سنة أو أكثر، وتأخذ الحكم حفاظاً على السيدة من الفتنة، ومن المعروف أن نحو 90% من هذه القضايا يكون الحكم بالطلاق.
حافظت وئام على تربية بناتها لخمس سنوات، ومع اقتراب وقت استعادة البنات أعادتهن لعائلة زوجها، فقد كانوا ينتظرون انتهاء تلك مدة حضانتهن، لكنها لم تتوقع أن يحرموها من زيارتهن، ويسيئوا معاملتهن.
تقول بحسرة شديدة: “كانت تتصل ابنتي لتبكي من سوء المعاملة من جديها، ومن أسلوب الإهانة الذي تعاملها به جدتها، كانت جدتهن تقول لهن: يا بنات وئام، بهدف التجريح، وكانت تكره ابنتي الكبيرة فهي تشبهني إلى حد كبير”.
تتابع: “بعد سنوات شعرت بأني وحيدة، لا زوج ولا بنات، قررت أن أتزوج وبالفعل تزوجت، ومنذ ذلك الحين أصبحت ذلك العار الذي تلاحق به جدة البنات خطواتهم، وتقول “يا بنات وئام أم الجيزان” وكأني زواجي وصمة عار”.
وبحزن شديد: ” تلك التفاصيل أثرت على نفسية بناتي، وخصوصا الكبيرة منهن، باتت تفكر ليلاً ونهاراً في هذا الحقد الذي سمح لهم بحرمانهم من والدتهم، وكيف لهم أن يتحدثوا عني بهذا الأسلوب، و الأسوأ كيف لأب أن يهجر بناته!، على الرغم من أنهن كبروا، وأصبحوا شابات، إلا أن عقدة هجران والدهن لهن لا زالت تؤثر عليهن”.
** تم انتاج هذه المادة في إطار مشروع “أوقفوا العنف ضد النساء” الذي ينفذه مركز الاعلام المجتمعي (CMC) بالشراكة مع الأمم المتحدة الاستئمانية لانهاء العنف ضد النساء (UNTF)