عندليب عدوان تتحدث عن حصاد سنوات من العمل المجتمعي
رفيف إسليم – وكالة أنباء المرأة
غزة ـ يزخر المجتمع الفلسطيني بالعديد من النماذج النسوية التي كانت الركيزة الأساسية في تأسيس كبرى مؤسساته، واللواتي حملن على عاتقهن مهمة النهوض به في ظل ما تفرضه اسرائيل من معيقات وما أفرزه الوضع السياسي من مشكلات انعكست على كافة مناحي الحياة داخله ومن أبرز تلك النماذج عندليب عدوان.
الناشطة النسوية والحقوقية والإعلامية ومديرة مركز الإعلام المجتمعي عندليب عدوان كما عرفت عن نفسها خلال حديثها لوكالتنا والذي تناولنا خلاله أهم محطات حياتها وما قدمته للمجتمع الفلسطيني طوال تلك السنوات قالت إنها أنهت الثانوية العامة في قطاع غزة لتنتقل بعد أن أتمت (18عاماً) إلى الضفة الغربية للدراسة في الكلية العصرية دبلوم تربية انجليزية، ثم أكلمت درجة البكالوريوس بجامعة القدس المفتوحة لتتجه إلى جامعة بيرزيت كي تحصل على درجة الماجستير في تخصص المرأة والقانون والتنمية.
لكن الدراسة لم تكن بتلك السهولة فتشير عندليب عدوان أنه خلال مرحلة الماجستير منعها “الاحتلال الاسرائيلي” من التنقل عبر معبر “ايرز” الواصل ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة وقد حاولت التواصل مع الجامعة لإنهاء المتبقي لكن الجامعة رفضت وطالبتها بالحضور مما حرمها تلك الدرجة العلمية في الربع الأخير من الدراسة.
لتكمل عندليب عدوان دراسة الماجستير من جامعة الأزهر بغزة تخصص دراسات شرق أوسطية قبل اتجاهها للمساهمة في تأسيس كبرى المراكز النسوية التي خدمت الفلسطينيات وخريجات الجامعات في مجالي كتابة الأبحاث العلمية وانتاج المواد الإعلامية.
المختارة الصغيرة
ترجع بنا عندليب عدوان بالذاكرة حين كانت طفلة صغيرة فكونها ابنة المختار اكتسبت منه الصفات القيادية خلال مرافقتها له في جلساته بالمقعد حينما كان يستمع لمشكلات أهل القرية المهجرة ويحاول حلها، فلقبت من قبل الزوار بالمختارة الصغيرة التي لم تتغيب عن أي مجلس كان يعقد لأي سبب. وتذكر ابنة قرية بربرة المهجرة أن والدها كان عضو في المجلس البلدي قبل التهجير الذي طال الفلسطينيين من مدنهم وقراهم عام 1948 واستمر عمله خلال الهبة الشعبية الفلسطينية وما بعد عملية التهجير في تجميع أبناء البلدة بمخيم رفح ومحاولة خدمتهم بشكل دائم والوصول إلى حلول لبعض مشكلاتهم.
نظرة مجتمعية مختلفة للنساء
وتروي عندليب عدوان أن المجتمع الفلسطيني في تلك الأيام لم يكن بهيئته الحالية فلم يُسمع عن القضايا التي تطفو على السطح اليوم كالاغتصاب والتحرش، بل كان هناك مساحة من الأمان تعطي المرأة حريتها في التنقل، مبينةً أن عائلات المخيم كانت أكثر تلاحماً في علاقاتها واحترامهم للنساء والفتيات كما كان اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد كالأفراح لا يشكل أزمة يتناقلها المجتمع للبحث فيها ربما لعدة أيام.
مرحلة التأسيس
جميع تلك الظروف السابقة خلقت من عندليب عدوان شخصية قيادية مسؤولة راغبة في إحداث التغير الإيجابي لمجتمعها فكانت من ضمن المؤسسين لمركز شؤون المرأة في قطاع غزة وعملت به لمدة 17 عاماً كمديرة برنامج الإعلام كما أسست مركز الإعلام المجتمعي لشعورها بحاجة المجتمع لتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية قبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها، حسبما أفادت لنا.
إضافة لتنقلها في عدة وظائف أخرى خلال فترة عملها تشير أنها كانت عضو مجلس إدارة في مركز الميزان لحقوق الإنسان ومؤسسة ائتلاف من النزاهة والمساءلة أمان وعضو في اتحاد الكتاب الفلسطينيين ومدير مشروع في مؤسسة كير الدولية خاص ببناء وتعزيز قدرات المرأة ومؤسسة لمجلة الغيداء التي تعمل بها عشرات الصحفيات بنظام القطعة وتركز على تغطية كافة قضايا النساء الفلسطينيات.
وتكمل عندليب عدوان أنها أسست المهرجان السنوي للمرأة المستمر حتى اليوم لكن بطريقة مختلفة ففي السابق كان يعرض خلاله أفلام ومسرحيات تناقش واقع وقضايا المرأة الفلسطينية، وتستضيف شخصيات من الضفة، لافتةً أنه كان يتم إحياؤه من قبل بعض فنانات الداخل لمدة ثلاثة أيام متواصلة وسط حضور وقبول مجتمعي كبير.
محطة جديدة
وعلى ذات النسق استمرت عندليب عدوان فتشير أنه عند تأسيسها لمركز الإعلام المجتمعي اهتمت بفئة الشباب والنساء وسعت لإنتاج مواد إعلامية تجسد واقع المرأة وتهتم بالتوزيع الجندري سواء من خلال التقارير أو الأفلام والقصص المكتوبة والمصورة، موضحةً أن تلك المواد طالبت بشكل مستمر الجهات المسؤولة بتطوير القوانين وحماية الفتيات من الزواج المبكر وتعزيز مشاركتهن في المجال العام والحياة السياسية.
وتلفت أنها بالرغم من الجو السياسي العام والعوامل الأخرى التي تحد من قياس الأثر لعمل جميع المؤسسات في القطاع إلا أنها بفضل العمل المستمر استطاعت ملاحظة التغيير الواقع في تفكير الشباب والنساء ووعيهم من خلال المهارات والمعارف العلمية والنظرية التي اكتسبوها من خلال الورش التوعوية والبرامج التدريبية.
وتوضح أن تلك البرامج التدريبية والورش يتم الإعلان عنها عبر عدة مواقع ووسائل ومن خلال رابط الكتروني للتسجيل كي يتم دراسة كافة الطلبات والنظر بها ليتم الخروج بعدد محدد، مشيرةً أن ذلك العدد يجهز للحضور إلى مقابلات شخصية لدراسة استعدادهم ومدى قدرتهم على الاستفادة ونقل التجربة للمجتمع مع مراعاة التوزيع الجغرافي في المحافظات المختلفة والفئات العمرية المختلفة.
ائتلافات نسوية للنهوض بالمجتمع
وتعمل عندليب عدوان من خلال ائتلافات تضم عدة مؤسسات نسوية للعمل على القضايا المختلفة منها المطالبة بإقرار قانون حماية الأسرة من العنف ورفع نسبة الكوتا للنساء في قانون الانتخابات بالمقابل تخفيض سن الشباب للترشح في انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة.
فيما ستكون خطة العام المقبل حسب رؤية عندليب عدوان تعزيز حماية المرأة من العنف أياً كان نوعه من خلال تقوية وتنمية مهارات وقدرات المرأة وصناعة إعلام قوي من منظور جندري وحقوقي، مضيفةً أنها ستعمل أيضاً على تحسين المفاهيم والوعي تجاه قضايا المرأة لإحداث التغيير الايجابي بشكل مستمر في المجتمع.
المقالات والآراء المنشورة تُعبر عن رأي أصحابها، ولا تُعبر بالضرورة عن رأي مركز الإعلام المجتمعي.